نشرت وسائل الاعلام منذ سنوات قليلة، صوراً مفجعة تظهر أنثى فيل وهي تبكي، عندما كانت تحتضر على أرض حديقة حيوانات بإندونيسيا، فيما أظهر فيديو عرضته قناة “ناشيونال جيوغرافيك” أم فيل تبكي عندما افترس قطيع من الأسود ابنها الصغير.
فهل تعبر الحيوانات مثلها مثل البشر عن مشاعرها الحزينة بذرف الدموع؟ وهل لدى الحيوانات عواطف ومشاعر وأحاسيس؟
في كتابه “أصل الإنسان” خطط تشارلز داروين لضم فصل، يتكلم عن العواطف عند الحيوانات، ولكن مع تطور أفكاره وتوسعها فقد ألف كتاب التعبير عن العواطف عند الإنسان والحيوان. وفيه أكد داروين أن العواطف قابلة للتكيف وتخدم وظيفتي التواصل والتحفيز، وقد وضع مبادئ مفيدة في فهم التعبير العاطفي. وخلص داروين في دارسة أن البشر يتشاركون تعبيرات انفعالية كونية، واقترح بأن الحيوانات غالبا تشاركنا هذه التعبيرات إلى حد ما.
في ما يلي سنعرض بعض الحالات العاطفية عند انواع معينة من الحيوانات:

https://www.youtube.com/watch?v=8B1TmBTv8A4

القرود
تعد القرود وفصيلة “الشيمبانزي” بشكل خاص من الحيوانات التي تمتلك قدرات متطورة كالتعاطف وإعمال العقل. فالقرود لديها نظاما اجتماعيا عالي التعقيد، ولديها روابط قوية جدا مثل الامومة، وغالبا عندما يموت ابن الشيمبانزي أو الغوريلا تقوم أمه بحمل جثته لعدة أيام، ويصف علماء درسوا حياة الشيمبانزي بأنه يُظهِر الحزن العميق عند موت أحد افراد القطيع.
كما أظهر عدد كبير من الأبحاث أن للقردة الشيمبانزي قدرة على ممارسة سلوك العزاء، حيث يجري بينهم تواصل فيحتضن وبعاطفة كبيرة الافراد الذين تعرضوا للالم والوجع والعدوان، ومن المُثير للاهتمام أن الباحثين كانوا غير قادرين على تحقيق نتائج مماثلة في كل مرة استخدموا فيها نفس الوسائل والطرق لدراسة القرود، مما يدل على وجود فرق مُمكن في العاطفة بين القرود العادية والشيمبانزي.
أجريت بعض الدراسات بهدف اختبار معالجة العواطف أو تطورها حيث عُرض على الشيمبانزي مقاطع فيديو مليئة بالمشاهد المؤثرة، مثل عملية جراحية لحيوان ما أو طعام مفضل، ثم يطلب منها ربط هذه المشاهد بواحد من نوعين من تعابير الوجه الخاصة (سعيد أو حزين، ضغط على الأسنان عند رؤية شيء محبط أو هزيمة) فربطت قردة الشيمبانزي تعابير الوجه الصحيحة مع المقاطع المعروضة، مما يدل على أن الشيمبانزي يدرك المغزى العاطفي لتعابير وجهه، وأكدت قياسات درجة حرارة الطبقة الخارجية للجلد، أن مقاطع الفيديو الحزينة قد أثرت عاطفًا على قردة الشيمبانزي.

الطيور

قدم المؤلف مارك بيكف دليلاً على وجود العواطف لدى الحيوانات في كتابه “حياة الحيوانات العاطفية” وهذه مقتطفات من كتابه:
قبل سنين كنت مع صديقي رود نقود دراجاتنا حول مدينة بولدر في ولاية كولورادو، عندما شهدنا لقاءً مثيرا بين خمسة من طيور العقعق، من فصيلة الغرابيات، وهي فصيلة ذكية للغاية، كان أحد طيور العقعق ميتا بجانب الطريق بعد أن صدمته سيارة، وكانت طيور العقعق الأربعة الأخرى تقف حوله، تقدم أحدها إلى الجثة ونقرها كما يتحسس الفيل بخرطومه ظهر فيل آخر، ثم تراجع للخلف عقعق آخر فعل الشيء نفسه، بعد ذلك طار أحدها وأحضر أعشابا ووضعها على الجثة، تكرر نفس الفعل من عقعق آخر، ثم وقفت طيور العقعق الأربعة متأملة لبضع ثوانٍ وغادرت بعدها واحدا تلو الآخر.

الكلاب

Alex Mazilu

Alex Mazilu

يعتقد الكثير من الباحثين أن الكلاب حيوانات قريبة جداً من الانسان من حيث التعبير عن عواطفها، ذلك لانها تمتلك القدرة على البكاء، وتتصف بالوفاء المطلق والاهتمام الشديد بأصحابها من البشر، وهي موصوفة باللعب والفضول والخوف، وتكره الانعزال، فهي مخلوقات اجتماعية وليست عدوانية، ولديها نظاماً للخجل وآخر الشجاعة، وهناك فصائل من الكلاب تبكي بسبب عدم حصولها على ما تريد من الراحة والتواصل الاجتماعي مع الآخرين، كما أنها تعبر عن فرحها الكبير عند لقائها بأشخاص تعرفهم، والكلب من نوع ((BOXER يتميز بأنه يحب الاطفال كثيرا، وهو يحضنهم بحنان غريب الوصف، ويعتبر كلب (Labrador) أحد اشهر الراعين للمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة وحماية الاطفال والقصر.
إلا أن معظم الأبحاث تشير إلى أن الكلاب يمكن أن تعاني من المشاعر السلبية بطريقة مشابهة للبشر، بما في ذلك الحالات النفسية الحادة والمزمنة، ولعل تجارب مارتن سيليجمان التأسيسية ونظرية العجز المكتسبة (التعرض لحالات طويلة من الضغط النفسي تجعل الكلاب لا تنمو وتصاب بالاكتئاب طويل المدى)، ومن الامثلة على ذلك أن البودل (وهو كلب أجعد الشعر) يرفض الطعام بعد وفاة قرينه. ولعل أبرز مثال على أن الكلب قد يعاني الكآبة والغم والحزن عند وفاة أصحابه، الكلب الشهير (Greyfriars Bobby) الذي ظل ساكنا صامتا على قبر صاحبه حتى مات.

أمثلة حية مؤلمة
تحدث صغار الفيلة والدببة أصواتا حزينة مؤثرة جداً عند إبعادها عن أمهاتها، أصواتاً تشبه بكاء أطفال البشر، عندما يموت صغير الدلفين، فإن أمه تجلبه معها لعدة أيام، وتبكي الدلافين مصدرة أصواتاً تشبه تنهدات الانسان العميقة عندما تشعر أنها ستموت، ويضطرب العصفور حين تموت قرينته في القفص، والدب عندما يشعر أن ساعته قد حانت، أما الزرافة فتنظر بعيون مليئة بالدموع الى الصياد الذي جرحها، وتبكي عندما تكون محاصرة من قبل الصيادين.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This