بسبب الأجواء الصحراوية غير الملائمة والتذبذب في درجات الحرارة القاسية لفترات طويلة من العام، تواجه إمارة دبي الكثير من الصعوبات على مستوى القطاع الزراعي، ومردّ ذلك إلى أن طبيعتها غير مناسبة للتجارب الزراعية الجريئة، فما ينمو فيها قليل، وعادة ما يزرع في بيوت بلاستيكية مكيفة air-conditioned greenhouses، فضلا عن أن طبقة المياه الجوفية المحلية أوشكت على النضوب، وسط توقعات أن تجف في خمسينيات القرن الحالي، لكن إذا نجح عمل الباحثين الزراعيين في المركز الدولي للزراعة الحيوية في البيئة المالحةInternational Center for Biosaline Agriculture (ICBA) ربما تصبح دبي، وهي المركز التجاري الجذاب في منطقة الخليج، مسؤولة عن واحد من أهم الابتكارات الغذائية الإقليمية في عصرنا الحاضر.

ومع انحسار مخازن المياه الجوفية في منطقة الشرق الأوسط، ارتفع معدل الزئبق وعانت المحاصيل الأساسية مثل القمح والشعير والأرز من الظروف الصعبة بشكل متزايد، ومع صعوبة إنتاج المحاصيل مع زيادة عدد السكان، تساءل العلماء عما إذا كانت الكينوا” quinoa في جبال الأنديز قد تمثل حلا لهذه المشكلة.

quinoa

محصول المستقبل

في وسط الضواحي القاحلة في دبي، قال كاميسوارا ناندوري راو Kameswara Nanduri Rao من منظمة ICBA “يمكن للكينوا أن تنمو رغم ارتفاع نسبة الملوحة وندرة المياه، حيث يعتبر محصولا مقاوما لتغير المناخ، وبسبب هذه المشاكل ينظر إلى الكينوا كمحصول المستقبل، وأجريت عدة تجارب على مدى سنوات في مزرعتين إماراتيتين مهجورتين بسبب ارتفاع نسبة ملوحة المياه الجوفية، ما عزز الآمال بأن محصول الكينوايمكن أن يتكيف بنجاح مع التربة المحلية، وأشارت النتائج الأولية إلى أن أصنافا معينة من الكينوا طرحت 4-5 أطنان من الهكتار على عكس الكمية المعتادة والمقدرة بـ 2-3 أطنان من الهكتار من قبل مزارعي القمح في المنطقة.

ومع ارتفاع نسبة البدانة في أجزاء من المنطقة يُنظر إلى المحتوى العالي من البروتين في الحبوب باعتباره نعمة صحية، وهناك حاجة إلى 500 ليتر من المياه لإنتاج كيلوغرام من الكينوا، ما يعني أنه أقل استنزافا للمياه الجوفية عن الأرز الذي يتطلب 2500 ليتر لكل كيلو أو الذرة التي تحتاج 1200 ليتر. وقال عبد الله الدخيل Abdullah al-Dakheel الذي يعمل على الكينوا في ICBA “هنا تكمن أكبر ميزة نسبية“.

ويشكك البعض في حكمة إدخال الكينوا إلى المنطقة بدلا من زيادة محاصيل القمح وتحسين الممارسات الزراعية، واتُهمت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) التي تعمل على إدخال الكينوا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدفع المحاصيل الجديدة بغض النظر عن التفضيلات والعادات المحلية، وهناك قلق بالنسبة لمعيشة الناس في جبال الأنديز التي شهدت تقلبات مثيرة في أسعار المحاصيل بعد أن نمت شعبية المحصول كمحصول رئيسي، وقالت لين تشاترتون مؤلفة (Sustainable Dryland Farming) “من المنطقي أنه في حالة عرض إنتاج حبوب أو طعام معين في بلد لم ينمُ فيها سابقا فيعني ذلك منافسة للمزارعين التقليديين لهذا المحصول، ما يعني انخفاض الأسعار التي يحصلون عليها، وتأثر المزارعون في بيرو وبوليفيا من تراجع الأسعار.

الاحتياجات الغذائية في العالم

واعترف ممثلوا ICBA و(الفاو) أنه هناك الكثير يجب القيام به قبل الترويج للكينوا في الشرق الأوسط، وبيَّن راو والدخيل في الإمارات العربية المتحدة أنهما لا زالا يعملان على الاحتفاظ بالمحتوي الغذائي للكينوا والذي تراجع عند زراعتها في تربة عالية الملوحة.

ويتوقع أن أجزاء من الشرق الأوسط ستكون غير صالحة للسكن بحلول عام 2050، وتابعت ماري لويز حايك منسقة مشروع في الفاو في لبنان لدينا الكثير من الأراضي التي لا يتم استخدامها بالشكل الأمثل للزراعة، ونظرا لسعر السوق والطلب المتزايد نعتقد أن هذا الأمر يمكن أن ينجح، ويوفر 30 محصولا 99 بالمئة من الاحتياجات الغذائية في العالم، بينما يوفر الأرز والذرة والقمح والبطاطا أكثر من 60 بالمئة، ونحن بحاجة إلى تنويع إمدادات الغذاء لدينا في هذه المنطقة وخارجها“.

والكينواغير معروفة في الشرق الأوسط، وقالت حايك لا زلنا لا نعرف إلا القليل عن كيفية زراعتها، وقالت مريم صادق إذا نجحت بالنسبة للمزارعين أنا متأكدة أنها ستنجح بالنسبة لنا، نحن منفتحون للتغيير“.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This