يبدو أن آل فتوش يتابعون معركتهم في كافة الاتجاهات لنيل رخصة إنشاء “شركة التطوير العقاري” في عين دارة، وهو المشروع الذي “لفظته” مدينتهم زحلة، ووقف حينها أهالي عين دارة إلى جانب أهالي في مواجهة سلطة المال والكسارات والتراخيص المجحفة بحق البيئة وصحة المواطن ومستقبل الوطن.
ويبدو الشعار الماكيافللي “الغاية تبرر الوسيلة”، بات وسيلة حياة وطريقة للوصول إلى ما يريده العابثون بالبيئة وما بقي من معالم طبيعية في جبل عين دارة وضهر البيدر، فالالتفاف على ثغرات القوانين، والإغراءات المادية، وكل طريقة ممكن تبنيها، يتم اللحوء اليها لإنشاء هذا المشروع، والذي توافق أهالي عين دارة على تسميته بـ “مشروع الموت”، أسوة بـ”كسارات الموت” التي عاثت بجبال عين دارة دمارا وخرابا، وحولتها إلى تضاريس مشوهة لجبال وتلال، ومناطق ميتة، لم يتم إعادة تأهيلها، كما يحصل في الكسارات عادة في كافة أنحاء العالم، حيث تتحول هذه المناطق إلى حدائق مستصلحة غناء، بل تركها آل فتوش صرحا يتذكره أهالي عين دارة، وفي لبنان، وللأجيال المقبلة، لما يمكن للإنسان اقترافه بحق الطبيعة، إن أفلت الزمام للغة “البنكنوت” بالكلام فقط ليعلو صوتها على صوت الحق والأرض والبيئة والإنسان.

هيئة المبادرة المدنية في عين دارة

وتوجه الأهالي عبر “هيئة المبادرة المدنية في عين دارة” في بيانهم إلى آل فتوش إثر لقائهم برئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط وردا على اتهامهم بتلقي “المال الجنبلاطي للقيام بنشاطاتهم المتعددة ومنها النزهة الجبلية في أعالي عين دارة”، والتي شارك فيها ناشطون ومواطنون من مختلف المناطق اللبنانية، والذين هالهم حجم الدمار البيئي الحاصل في أجمل مناطق لبنان، والملوث لمياهنا الجوفية، مؤكدين “اننا نمول نشاطاتنا من أموالنا الخاصة التي نجمعها من عرق جبيننا، وقد دفعنا من جيوبنا كلفة باص النقل من بيروت، أما الضيافة التي قدمت للمشتركين في النزهة الجبلية صنعتها عائلاتنا”، وسألوا “آل فتوش عن مصدر الأموال الذي أظهره مقال في إحدى وسائل الإعلام اللبنانية قبل عام تقريبا، والذي أكد شراكتهم مع اللواء السوري (ذو الهمه شاليش) واحتكارهم لمواد هامة ساهمت في فقر المواطن السوري أيضا”.

تشويه المواقع الطبيعية

وقالت هيئة المبادرة المدنية في بيانها أن “المشروع الذي حاز على تراخيص من وزارتي البيئة والصناعة لن يقتصر على معمل للإسمنت فحسب، بل يشمل مطاحن لأنقاض المدن المدمرة لتحويلها إلى مواد بناء واستعمالات أخرى، وجبالات باطون، ومقالع وكسارات إضافية إلى جانب كساراته ومقالعه، والترخيص مفتوح في التباسه على نشاطات صناعية أخرى بما فيها صناعة الإترنيت وغيرها على مساحة 1،200،000 مترا مربعا”، وأضاف البيان أن “مشروع السيد فتوش يقع في ضهور عين الحجل في منطقة عين دارة العقارية، وضمن نطاق الحماية الإدارية لمحمية أرز الشوف، ويبعد كيلومترات قليلة عن منازل عين دارة المأهولة، وليس 15 كيلومترا كما يدّعي آل فتوش، إلا إذا إعتبر – لا سمح الله – أنه أزالها من الوجود منذ الآن، وقصيرة هي المسافة التي تفصله عن منازل قب الياس ومكسة وبوارج والمريجات وغيرها”، وأشار البيان إلى أنه “في ما يتعلق بالتراخيص القانونية فهي صادرة عن وزارة بيئة تجهل على ما يبدو، وهي وزارة الوصاية، حدود محمية أرز الشوف، كما يحددها القانون المنشور على صفحتها الإلكترونية، وخرائط الحماية الإدارية المنشورة من قبل المحمية، وما يترتب عنها من منع كامل للنشاطات الصناعية من النوع المذكور أعلاه، وصادرة عن وزارتي بيئة وصناعة ضربتا بعرض الحائط أثناء مسار الترخيص استطلاع رأي المحيط وهو القرى المجاورة لعين دارة وبشكل أوسع محمية أرز الشوف ووزارات الصحة والأشغال العامة والزراعة والداخلية على أقل تقدير، وصادرة عن وزارتي بيئة وصناعة تجهلان على ما يبدو أن الشركة الطالبة للترخيص غير مؤهلة قانوناً لطلبه، لأن مرسوم تنظيم المقالع والكسارات نفسه، يمنع إعطاء رخص جديدة لشركات خالفته وما زالت وبشكل مستمر حتى الآن، وهم متمادون في عملهم مخالفين مستويات التجليل والكميات والعمق وإعادة التأهيل قبل الإنتقال إلى موقع آخر، فضلا عن الضرر على الزراعات ومصادر المياه وتشويه المواقع الطبيعية”.

إلغاء التراخيص

وعدد البيان أبرز خطواته في هذا المجال مذكرا بأن “أولى نتائج إحتجاجنا، كانت المراجعة لدى مجلس شورى الدولة التي تقدم بها مشكورا معالي وزير الصحة وائل أبو فاعور، إضافة إلى مذكرة لوزارة الصناعة، ويندرج ذلك ضمن جهودنا إشراك كافة القوى الفاعلة على المستوى النيابي والحكومي في سعينا إلى إلغاء التراخيص، وبينها “الحزب التقدمي” إلى عقد لقاء الأحد في 2 تموز (يوليو) مؤكداً على ما بادر إليه رئيسه الوزير جنبلاط لجهة تضامنه مع عين دارة وأهلها وناشطيها”، وأضاف البيان أنه “من المضحك أن يأتي المكتب الإعلامي للسيد بيار فتوش على ذكر موقف عين دارة من مشروع مطمر النفايات في الكسارات صيف الـ 2015، فالكل يعلم أنه لم يبقى طفل أو شيخ أو إمرأة من بلدتنا إلا وزحف حينها إلى ضهر البيدر، وأقفل طريق الكسارات محتجا على هذا المشروع ما أدى إلى صرف النظر عنه”.
وأضاف البيان: “نؤكد للرأي العام أن هدفنا المباشر هو إلغاء التراخيص المعطاة للمجمع الصناعي الذي ينوي السيد بيار فتوش إنشاءه في أعالي قريتنا، لكن قضيتنا هي كل مصالح عين دارة، وأننا معنيون بالإضاءة على مجمل الإنتهاكات الحاصلة في جبل عين دارة منذ الحرب الأهلية وبعدها، ونتوجه إلى السلطات العامة قائلين لها، أن جبل عين دارة مسيّب وخارج عن سيادة القانون، وأن لا أحد يراقب تطبيق القانون، في ما يخص شروط إستثمار الرخص المعطاة للكسارات والزفاتات وغيرها، ولأحقية تواجدها في جبلنا، ونطلب منها إن كانت عاجزة أو غير راغبة في بسط سيادة القانون، أن تعمد على الأقل وحتى عودة جبل عين دارة إلى كنف الدولة، إلى الإمتناع عن إعطاء أي ذريعة رسمية لهذه الإنتهاكات، على شكل رخص وتراخيص وسندات تمليك ومهل إدارية وما شابه”، وأكد “أعضاء هيئة المبادرة المدنية – عين داره أخيرا على حقوقهم بالإدعاء الشخصي فيما يخص الإساءات المتمادية التي تعرضوا لها والأضرار الناجمة عنها”.

موقف بلدية عين دارة

أكد رئيس المجلس البلدي العميد فؤاد هيدموس أن “المجلس لن يوقع اي معاملة للإنشاءات، إذ لم يتقدم صاحب المشروع من البلدية حتى الآن سوى بطلب لاقامة الإنشاءات، في حين نعمل على تقديم طعن لدى مجلس شورى الدولة بالترخيص الذي ناله من وزارة الصناعة، أما في حال تقدم من البلدية بطلب ترخيص فسنعمد والأهالي الى الاحتجاج على الأرض ولدى المراجع الرسمية”، ولفت هيدموس إلى موقف “رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط أنه موقف داعم لأهالي عين دارة وهذا ما أكده لنا خلال زيارتنا في المختارة”، وأشار الى ان “التحرك باتجاه القيادات السياسية سيستكمل مع زيارة إلى رئيس تكتل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، وكذلك مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق”.
وأكد هيدموس على “الموقف الرسمي والقانوني للبلدية، والموقف الشعبي الرافض للمشروع”.

موقف النائب وليد جنبلاط

وأعلن رئيس “اللقاء الديموقراطي” وليد جنبلاط “رفضه اقامة هكذا مشروع في المنطقة الواقعة على مشارف محمية ارز الشوف الطبيعية، ما يساهم في تدمير البيئة والطبيعة”. وأكد دعمه الكامل والمطلق لتحرك الاهالي الرافض للمشروع، وقال انه “سيشارك شخصيا في أي تحرك شعبي لهم بهذا الخصوص”.
وأكد “وكيل داخلية الجرد في الحزب التقدمي الإشتراكي” زياد شيا الذي يتابع الوضع مع اهالي عين دارة وبلديتها بتكليف من النائب جنبلاط، ان “موقف الحزب الثابت هو الوقوف الى جانب اهالي البلدة ومجلسها البلدي في رفض مشروع معمل الموت”، وأشار الى ان “تحرك الحزب سيأخذ منحىً تصاعديا بحسب ما سيبلغه تحرك اصحاب هذا المشروع وهذا التحرك سيكون جزءا من تحرك أبناء المنطقة وأهالي عين دارة”، ولفت شيا إلى أن “الحزب يخوض معركة الدفاع عن صحة المواطن وسلامة غذائه، والذي يرفع راية حماية البيئة والمحافظة عليها، لن يسمح لآل فتوش وغيرهم بتحقيق أطماعهم على حساب صحة الناس وسلامة البيئة”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This