مع تطوّر العلم، وبفضل جهود الباحثين تم اكتشاف الأسباب الحقيقية وراء انقراض بعض أنواع الحيوانات منذ العصور القديمة.
فعقب مؤتمر الفقريات الدولي الذي عقد مؤخراً في واشنطن، أعلن العلماء المشاركون أن دببة الكهوف قد اختفت عن وجه الارض لانها كانت “نباتية”، تفضل النبات على بقية انواع الطعام، تلك الدببة (Ursus spelaeus) التي طبعت العصر الجليدي، كان من المعتقد سابقا إن الإنسان القديم المتوغل في الجبال الجليدية الأوروبية في العصر الحديث الأقرب إلينا (البليستوسين) كان من أهم أعدائها.
ورغم وزنها الكبير الذي يصل الى 500 كيلوغراما، وطولها الذي يتعدى المترين الى ثلاثة امتار، الا ان تحليل “مينا أسنانها” الذي أجراه العلماء منذ بضعة عقود، أظهر أنها كانت تنتمي إلى الحيوانات آكلة النباتات.
وتعتبر الباحثة في “جامعة هلسنكي” الفنلندية جاكلين موستاكس أن “الطعام الذي كانت دببة الكهوف تتناوله، كان سبب انقراضها في الفترة ما بين العصرين الجليديين الأخيرين، ولا علاقة لمنافستها الانسان في اضمحلالها”.
وقد توصلت الباحثة الفنلندية إلى هذا الاستنتاج بعد أن قارنت تركيبة أسنان دببة الكهوف بأسنان الدببة البنية والبيضاء والسوداء المعاصرة لنا.
وكان علماء المتحجرات قد لفتوا في الآونة الأخيرة إلى أن متحجرات الأسنان تحمل في داخلها آثار الطعام الذي كانت الحيوانات تتناوله. وتلعب مكونات المينا ورسوم الخدوش على سطح الأسنان، فضلا عن تعقيد تركيبتها دورا في تحديد أنواع طعام الحيوانات.
وحسب موستاكس، فإن تحليل شكل الأسنان ومحتوياتها لدى دببة الكهوف يشهد على أن تلك الحيوانات كانت آكلة للنباتات بنسبة 100 بالمئة، ولم تكن حيوانات تأكل جميع أنواع الطعام مع الميل إلى الطعام النباتي، كما كان يعتقد سابقا.
ومن المعروف أن الحيوانات النباتية تتميز بالتعقيد الفائق لتركيبة الأسنان الدائمة (الأضراس) لديها، لأنها تضطر باستمرار إلى مضغ كميات كبيرة من الطعام، فيما تتصف أضراس الحيوانات المفترسة ببساطة التركيب.
ويرى الخبراء أن اختفاء الطعام النباتي الذي اعتادت عليه دببة الكهوف في العصر الجليدي، وانسحاب الجليد نحو الشمال، تسببا في انقراض تلك الحيوانات التي لم تستطع التكيف مع تغير المناخ.
أما بالنسبة الى اسباب انقراض الديناصورات، فإن اكتشافات العلماء تتواصل في هذا المجال، فقد وجدوا برهانا مقنعا على نظرية الضربة المزدوجة التي قضت على الديناصورات في نهاية العصر الطباشيري، والتي تجسدت في سلسلة من الثورات البركانية الهائلة وتلاها اصطدام بكويكب.
وقد درس علماء المتحجرات نسبتي الكربون والأوكسيجين في أصداف ذلك العصر – التي بقيت في حالة جيدة في جزيرة سيمور الواقعة في المنطقة القطبية الجنوبية – في سبيل تحديد متوسط درجة الحرارة على الأرض في أثناء كل من هذين الحدثين المأساويين. وتعود تلك الأصداف لرخويات تجاوزت الكوارث المذكورة، وتعتبر نسبة نظير الأوكسيجين 18 إلى نظير الكربون 13 في جزيء واحد مثابة مؤشر دقيق على درجة حرارة الماء.
واتضح للباحثين أن سقوط الكويكب رفع حرارة الماء بمقدار 1.1 درجة مئوية، بينما رفعها ثوران البراكين بمقدار 7.8 درجات، ما يعتبر رقما هائلا. وقتذاك ازدادت سرعة انقراض الكائنات البحرية في جزيرة سيمور حيث انقرض 14 نوعا من أصل 24.
وبدأت الثورات البركانية التي سببت إطلاق تركيبات كيميائية مضرة متطايرة إلى الهواء قبل سقوط الكويكب بـ250 مليون عام، واستمرت خلال نصف مليون عام بعد سقوطه، وتحولت بفعل ذلك السقوط إلى ثوران متواصل، ما أسفر عن صب 1.5 مليون كيلومترا مكعبا من الحمم البركانية.