فجأة، ودون مقدمات وجدنا أنفسنا في قلب حملة الدفاع عن الليطاني وحمايته من التلوث بكافة أشكاله، وما يخفف عنا بعضا من تعب، أننا غدونا ملاذا لأهلنا المتضررين والمحكومين بسلطة، أقصى ما توفره لهم أزمات تتوالد من رحم التجاهل والإمعان في غيها، من أزمة النفايات التي ما تزال مستمرة فصولا إلى الملفات الصحية والبيئية وصولا إلى تلوث أهم نهر في لبنان.
عشرات الاتصالات والرسائل النصية توالت إلى greenarea.info رافعة الصوت، منددة، مستجيرة، بعد أن بات الإعلام ملاذا شبه وحيد وسط بحر المعاناة وغياب الجهات المعنية المفترض أن تشكل لجنة طوارىء وخلية أزمة، لإدارة هذا الملف بعناوينه الفضائحية والكارثية، إلا أن أحدا لم يرتق إلى ما يعانيه المواطنون في أملاكهم ومصالحهم وصحتهم ومستقبلهم، إلا عبر مواقف جاءت على كثير من استحياء، خوفا من نافذين في السلطة شرعوا للأزلام تدمير بيئتنا وموائلنا الطبيعية، لما يمثلون من “مفاتيح انتخابية” سيكون لها دورا في الاستحقاق النيابي المقبل!
ويتأكد في سياق الحملة أن سقفها لن يكون وقف المرامل فحسب، وإنما ستستمر لتطاول كافة أنواع الملوثات، خصوصا وان هناك حراك بدأ يتوسع ليشمل معظم القرى والبلدات الجنوبية وبعض بلدات البقاع، وهذا ما أكد عليه نشطاء خلال تواصلهم مع greenarea.info.

تأجيل اعتصام النبطية وإعطاء فرصة للقضاء

وفي انتظار ما سيصدر عن الاجتماع المقرر مساء الثلاثاء لتوحيد الجهود بين سائر الناشطين في الحملة، استمرت اليوم الاتصالات وتكثفت اللقاءات واتسعت دائرتها لتشمل قرى وبلدات جديدة.
وفي هذا السياق، قال رئيس بلدية زوطر الغربية حسن عز الدين ومنسق “الحملة الوطنية لانقاذ الليطاني” لـ greenarea.info “سنبادر اليوم (الثلاثاء) إلى الاتصال بالمدعي العام البيئي للاطلاع على آخر التطورات في الملفات التي أحيلت إليه، وعلى ضوء الاتصال سنعلن عن تفاصيل تحركاتنا”، وأضاف: “طلب من بعض الحملات المتضامنة التي دعت اليوم الى الاعتصام امام السراي الحكومي في النبطية تأجيل الاعتصام لاعطاء الفرصة للقضاء ان يأخذ مجراه في القضية”.
وأشار عزالدين إلى أن “هناك نقطة ايجابية لجهة تحسن لون مياه النهر بعد اقفال بعض المرامل”، وقال “سنستمر في متابعة ملف الصرف الصحي ايضا للوصول الى حل كامل للمشكلة”.

عالوعد يا كمون!

أعلن أصحاب منتزهات طرفلسيه التي تبعد عشرة كيلومترات عن المرامل الملوثة لنهر الليطاني أن “مياه النهر تحولت من حمراء موحلة إلى رمادية عكرة”، وعزوا السبب إلى “الحملة التي نخوضها مع المجتمع الأهلي مع الاعلام”، لكن البيان أشار إلى أن “أهدافنا لم تتحق بالكامل بعد، بحيث أن هناك مرامل عدة ما تزال تعمل”.
وناشد البيان “الامام الشيخ عبد الامير قبلان للتدخل وردع اصحاب المرامل المتبقية، لانه يمثل الاب العطوف على مصالح الناس ولا يقبل بقطع الارزاق عن العباد”.
اما بخصوص ما صرح به وزير البيئة بأن “هناك مشروعا لنهر الليطاني بقيمة 880 مليون دولاد اميركي ما زال في ادراج الوزارة بانتظار مجلس النواب”، فأشار البيان “يصح فيه القول (عالوعد يا كمون) ونقول انه لو أقر سوف يكون حال تنفيذه مشابها لقرار إزالة التعديات في العام 2003، حينها قام الملتزم بترك الركام على ضفاف النهر بعد ان سحب الرمل من قعره لمصلحته، وقطع الاشجار وباعها حطبا وخشبا دون حسيب ولا رقيب”.
وأشار حسين عياد باسم أصحاب هذه المنتزهات إلى “اننا دعونا أصحاب المنتزهات للاجتماع الذي ما زال قائما مساء اليوم الثلاثاء 12 تموز (يوليو) لاتخاذ ما نراه ملائما في ضوء الاتصالات الجارية”.

مشكلة الصرف الصحي

منسق لجنة المحميات في جمعية “الجنوبيون الخضر” علي سرور قال لـ greenarea.info “اجتمعنا امس للتأكيد على ما أثرناه في موضوع الليطاني خلال شهر أيار (مايو) الماضي، وقررنا إثارة الموضوع من جديد والالتحاق بالحراك الذي أطلقته حملة (سكروا المرامل)، مع الاشارة الى ان مطالبنا هي إقفال المرامل على مجرى النهر، لما سببته من تلوث عند رمي الاتربة في مجراه، وايجاد حل لمشكلة الصرف الصحي المحول الى النهر، وسنتطرق لموضوع المقاهي والاستراحات المبنية عند ضفاف النهر، لأن هناك انتهاكا لحرمة النهر لجهة عدم مراعاة الظروف البيئية، بحيث ان ضفة النهر تحتوي على المنظومة الايكولوجية، وهي البيئة الخصبة لهذه المنظومة كونها المكان التي تتجه الاسماك اليه لوضع بيضها مما يحول دون تكاثرها”.

الجنوبيون الخضر

وأصدرت جمعية “الجنوبيون الخضر” بيانا جاء فيه: “يتعرض النهر الأطول والاهم في لبنان، النهر اللبناني من مصدره حتى مصبه، للقتل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، من المرامل المحظية التي فرّخت كالفطر على منحدراته في محيط جسر الخردلي وقاطع دمياط ومزارع طمرا والدمشقية والمحمودية، عند ملتقى أقضية جزين ومرجعيون والنبطية، منذ ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من المنطقة العام 2000، وتحوله في مناطق عدة مصبا للمجارير ومخلفات المعامل، فضلاً عن اصطياد أسماك النهر صعقاً بالتيار الكهربائي، أو بتفجير الديناميت، وهو ما أدى الى كارثة بيئية متواصلة وآخذة بالتفاقم، فضلاً عن تعديات “المنتزهات” غير مستوفية الحد الادنى من الشروط، ولطالما نادى الخضر باعتماد دفتر شروط رخصة منتزه او مطعم موسمي، والتي يلقي بعضها بنفاياتها ومياهها المبتذلة في النهر من غير حسيب او رقيب، وفي ظل غياب كامل للبلديات المعنية، وهو ما أدى لتلوث كامل وخطير اصاب النهر وخلف تداعيات صحية وبيئية واقتصادية خطيرة لما يشكله النهر من عَصّب حياة للمناطق التي يعبرها سواء في البقاع الأوسط والغربي والجنوب، وبالنظر الى آلاف الدونمات من الاراضي الزراعية التي يرويها من سهل البقاع الداخلي الى سهول الجنوب الساحلية مرورا بكل المناطق الزراعية على ضفافه، فضلا عن تغذيته لعشرات الجداول والخزانات الجوفية وجميعها بات ملوثاً”.
ورأى البيان أن “الحكومة اللبنانية معنية بإعلان حالة طوارئ واتخاذ اجراءات فورية واُخرى متوسطة وبعيدة الأجل للتعامل مع هذه الكارثة الوطنية الصحية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية، وأهمها:
-إعطاء الاولوية لمشروع محطة التكرير التي جرى الحديث عنها منذ 2009 ولم ترَ النور لغاية الآن لعدم وجود الموازنة الكافية (المبلغ المتبقي المقدر 145 مليار ليرة لبنانية بعدما جرى تأمين ما قيمته 195 مليار ليرة من بدء الحديث عن المشروع).
-العمل فورا على اتخاذ اجراءات وقف المرامل المحظية ومحاسبتها وتغريمها.
-الوقف الفوري لكل مصبات مياه ومخلفات المصانع او معاصر الزينون التي تلقي مخلفاتها في النهر وتغريمها.
-وقف كل مصبات المياه المستعملة والمبتذلة في البلدات والقرى على طول مجرى النهر، وإلزام البلديات باتخاذ اجراءات جدية وفورية.
-إلزام كافة المنتزهات برخصة ودفتر شروط يراعي الحفاظ على النهر وخصوصيته وموائله الإيكولوجية وسلامة مرتادي المقاهي.
-زوار النهر مطالبين بالتحلي بالمسؤولية وعدم رمي اي شيء من المخلفات والتفايات العضوية او غير العضوية فيه”.

توضيح رئيس بلدية دير ميماس

ووصلنا توضيح من رئيس بلدية دير ميماس الدكتور جورج نكد أوضح فيه أن “البلدة لا تلقي مجاري الصرف الصحي في النهر دون معالجة”، وذلك خلافا لما جاء في greenarea.info أمس على لسان أحد الناشطين، وأبلغنا نكد أن الموقع ليس مسؤولا عما يسوقه البعض وهم من يتحمل المسؤولية وليس الموقع.
وقال نكد أن “هناك محطة للصرف الصحي وهي بعيدة عن مجرى النهر نسبيا”، ولما سألناه عن التقنيات المستخدمة في معالجة الصرف الصحي وإلى مرحلة تعالج المياه المبتذلة، لفت إلى أن “هذه مسألة تقنية أتركها لصحاب الاختصاص، لكن ما أعرفه أن المياه الناجمة عن المعالجة يمكن استخدامها في ري المزروعات”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This