يلجأ العديد منا إلى تناول الوجبات السريعة، خصوصا خلال فترة الصباح عندما نكون في طريقنا إلى العمل، إذ لا وقت لدينا لتناول وجبة فطور صحية، تساعد الجسم، وأول ما يخطر ببالنا أن نسرع إلى أقرب محل للشطائر المعروفة بالـ “كرواسان” و”الدوناتس” مثلا لسد حاجتنا للطعام، ظنا منّا أن هذه المأكولات هي المناسبة لصحتنا وتمدنا بالطاقة.
لكن ما لا ندركه، أن استهلاك هذه الأطعمة خلال اليوم، وهي الغنية بالسكر والمكونات التي من شأنها أن تزودنا بسعرات حرارية عالية، لا تعود بالنفع إلى الجسمـ بل فقط “تسكت” معدتنا الخاوية وتزيد من نسبة الدهون وترفع نسبة السكر في الدم.
هذا السلوك اليومي يجعل الجسم يطلب خلال النهار المزيد من الطعام، وبحكم العادة نلجأ إلى تناول القهوة المضاف إليها السكر، والبسكويت، والشكولا، وما لذ وطاب لنا من المأكولات والمشروبات التي تحتوي على مستوى عال من السكر. ويقدر مستوى استهلاك السكر وبالأخص لدى البالغين بحوالي 63 غراما، أي ما يعادل 16 ملعقة يوميا أو أكثر، ما يساوي ضعف الكمية الموصى باستهلاكها يوميا. وكنتيجة، يتحول حب السكر واستهلاكه بكميات كبيرة إلى إدمان أو ما يعرف بالـ “الإدمان على السكر”.
مسألة بيولوجية
ورأى بعض العلماء أن السكر قد يتحول إلى مادة يدمن عليها الإنسان، كما شبهوا الإدمان على السكر بالإدمان على الكوكايين أو الهيرويين، نظرا إلى أن السكر يلعب دورا في تحفيز مراكز المتعة في الدماغ، أي الدور نفسه الذي تقوم به المخدرات. وتوصلوا إلى أن التخلص من إدمان السكر يشبه إلى حد كبير عوارض التخلص من أنواع المخدرات المتمثلة بالعصبية والرجفان والشهوة أو الرغبة المستمرة.
في هذا الإطار لم تنف أخصائية التغذية زينب نجدي، نظرية “الإدمان على السكر”، وأنها قد شبيهة إلى حد بعيد بالإدمان على المخدرات. وأوضحت في حديث لـ Greenarea.me، أن “ادمان السكر أيضا يشبه الإدمان على الكافيين أو زيادة الرغبة بتناول القهوة. فالجسم بحكم الإستهلاك المستمر للسكر يلجأ إلى التعود على المادة التي يتغذى عليها كل يوم. وبحكم العادة تتحول رغبة تناول السكر أو مشتقات السكريات (الحلوايات، المعجنات، الخبز وكل ما يتحول إلى غلوكوز عند الهضم)، إلى مشكلة بيولوجية أكثر منها نفسية في جسم الإنسان”.
وأضافت: “الجسم يلجأ عند استهلال السكريات إلى فرز مادة الإنسولين، التي تعمل على خفض نسبة السكر بالدم، وبهذا تتعدل نسبة السكر وتستقر، وبالتالي يصبح الجسم قادرا على التغلب والتعود على هذه النسبة من السكر. أما في حال لجأنا إلى الإستهلاك المفرط جدا للسكر، هنا تتعقد المشكلة، إذ يعمل الجسم على زيادة مجهود هضم السكر، وبالتالي زيادة فرز مادة الإنسولين، ولكن قد يصل جسم الإنسان إلى مرحلة لا يعود قادرا على فرز الإنسولين، هنا ندخل في مرحلة تسمى “hyperglycemia”، أو ارتفاع السكر في الدم، في هذه الحالة لا بد من اللجوء إلى الطبيب وإلى إختصاصيي التغذية للحصول على نظام غذائي معين لتجنب الإصابة بمرض السكري”.
ما البديل؟
وللذين يرغبون الإقلاع عن تناول السكر، نصحت نجدي “استبدال السكر الأبيض بالسكّرين (السكر الإصطناعي) أو السكر الأسمر الخالص وغير المزود بالدبس”، وأشارت إلى أنه “الأفضل من ذلك كله هو مد الجسم بالسكر الطبيعي، أي الموجود بالفواكه على أنواعها والتمر أيضاً”، مشيرة إلى “وجوب تناول الفواكه بقشرها أفضل من عصيرها، لكونها غنية بالألياف، وتمد الجسم بالطاقة، وتساهم في تليين عملية الهضم. ويمكن استبدال الشوكولا السمراء (المضاف إليها الحليب والزبدة) بالشوكولاته السوداء”.
ونوهت نجدي بـ “أهمية ممارسة الرياضة خلال فترات معينة في اليوم، لأن غالبية الوظائف الآن باتت على الكومبيتر، الأمر الذي يحرم الجسم من الحركة خلال ساعات طويلة”، ولفتت إلى “استعمال السلالم بدلا من المصعد الكهربائي، أو يمكن أن نركن السيارة على مسافة بعيدة من العمل، وبذلك يمكن أن نعوض الحركة التي يحتاجها الجسم والعضلات، وبالتالي خسارة بعض السعرات الحرارية الإضافية”.
وشددت نجدي على أن “المشكلة لا تكون فقط بنوعية الطعام الذي نأكله، ولكن أيضا علينا الإهتمام بكمية الطعام التي نحصل عليها يوميا، وبهذا نكون قادرين على ضبط الكميات الزائدة التي قد تكبد جسمنا الكثير من العناء”.
ولمعرفة كمية السكر التي يحصل عليها الجسم يوميا، لابد من قراءة الإرشادات الصحية الموجودة على عبوات أو أغلفة السلع. والأفضل من ذلك كله، اللجوء إلى تناول الطعام الطبيعي والصحي ولكن بكميات معتدلة.