أكثر من 11 ألف شخص شاهدوا فيديو يظهر سمّاً قاتلاً وُضِعَ لقتل القطط في “دير سيدة الحقلة” في منظقة دلبتا – قضاء كسروان. الفيديو، الذي نشره طوني مصوّر، أحد مؤسسي جمعية APAF للرفق بالحيوان ، يظهر السمّ الأخضر اللون، الذي تسبّب بمقتل 14 قطّة، حتى الساعة، بحسب ما أفاد مصوّر لموقعنا في مقابلة هاتفية.
تفاصيل الحادثة
وأرفق محبّ الحيوانات، الذي شهد على عذابات لا تعدّ ولا تحصى على مدى 14 عاماً، الفيديو، بالتعليق التالي: “عندما تنعدم الرحمة والمحبة في قلوب 4 راهبات، ويقتلن بالسم قططا تلعب في غابة الدير، تعلم ان الدينونة اقتربت وان نهاية العالم اشرفت …اين الكنيسة؟ اين البطرك؟ شاركوا هذا الفيديو ليصل الصوت”.
وفي مقابلة هاتفية مع greenarea.info سرد “منقذ” القطط تفاصيل الحادثة، التي تكرّرت مرّات عدّة، والتي لم ينشرها للعلن، رغم استمرار “الراهبات بوضع السمّ للقطط منذ أشهر عدّة”. لكن كيف علم بالحادثة؟ يخبرنا عن صديقة له، مؤمنة، تزور الدير باستمرار، علمت بالحادثة، لكنها لم تتأكّد إلاّ حين ذهبت جميعة APAF إلى المكان الواقع وسط غابة، وأكّدت الحادثة”.
يأسف مصوّر ان وسائل إعلام عدّة تردّدت في نشر ما يحصل “خصوصاً انه يتعلّق بدير”، ويؤكّد انّ إيمانه وتديّنه لا يخوّلانه رؤية هكذه “مشهد مريع” (قطط مقتولة)، يريد إيصال رسالة مفادها انه “حاول منذ حوالي السنة أن يطلب من الراهبات أن يمتنعن عن هذا العمل السيء (تسميم القطط)، إلاّ أنهنّ لم يفعَلنَ”.
المرّة ما قبل الأخيرة التي ذهب فيها طوني إلى الدير برفقة أصدقائه، كانت قبل عيد الفطر، وحينها طلب من الرهبات “ألاّ يسمّمن القطط المتبقية لأنه سيعود ليأخذها”. يقول لنا بغضب: “وجدناها نافقة، ومرميّة في النفايات”، مضيفاً: “أهكذا يعامل المؤمن الحيوانات؟ هل نسوا انّ هناك شفيعا للحيوانات، وهو مار فرنسيس؟”.
يؤكّد مصوّر ان 7 أشخاص يشهدون على حقيقة كلامه، قائلاً: “لا مصلحة لديّ في التهجّم على الراهبات، كما قد يظنّ البعض، فأنا إنسان مؤمن”.
سمّ قاتل
أما عن سبب وضع السمّ للقطط لقتلها، يقول “ليست واضحة”، ويضيف ان “الراهبات اللواتي وضعن
السمّ، وهنّ حوالى الـ4، بينما كل الراهبات الأخريات يطعمن القطط ويعتنين بها، فقد سردن عّدة حجج، منها ان القطط تدخل إلى المطبخ، ومنها انها تجلب البراغيث”. والسبب الأخير دفع “APAF إلى تزويد الدير بدواء ضدّ البراغيث، لكنه غير مضرّ للحيوانات”.
أخذ الشخص الخائف على مصير الحيوانات في لبنان، عيّنة من السمّ، لا تزال بحوزته، وعرضها على طبيب، فأكّد له انها “سمّ قاتل”. إلاّ انه لم يحصل على ورقة رسمية تؤكد هذا الأمر، لأن وزارة الصحة تفحص فقط ما له علاقة بمجال الجراثيم، كما ان المختبرات التي عرض عليها الموضوع لم تقبل ان يتمّ التصوير داخل حرمها.
المحاسبة معدومة
“لمن نتوجّه والمحاسبة معدومة؟”، يتساءل. ويقول ان القانون الذي وضعته جمعية Animals Lebanon لحماية الحيوانات، لا يزال حبراً على ورق، وهو غير مطبّق”. إذا أراد أحد التشكيك في الفيدو المصوّر “فليشاهد السمّ، ومواقع السمّ، الذي كان أحدها وراء البراد (وجد صدفة)”.
مصوّر لا يزال مصدوماً لرؤية هذا المشهد في دير، وهو كان قد أنقذ عدّة قطط الصيف الماضي هناك، ومن حوالي الشهر أنقذ دفعة أخرى. أما الدفعة الأخيرة، فكانت قطّتين أخذهما من أمهما، وترك معها 2 آخرين، هما الآن مع ميكاييلا اسطفان.
لا تعليق!
في ظلّ هذا التفلّت والاستهتار بالحيوانات في لبنان، قمنا باتصال هاتفي بأمانة سرّ البطريركية، حيث قال لنا من ردّ على الهاتف ان “البطريركية لا تعلّق على أمور كهذه، وما الدليل ان هذا حصل؟”. أجبناه ان هناك فيديو يؤكّد ما حصل، فعاد ليقول ان “البطريرك خارج لبنان، ولا يمكن لأحد غيره التعليق على الأمر”.
وأكّد “لا تعليق لدينا”، من دون ان يفيدنا باسمه. إلا اننا سألناه: هل قتل الحيوانات يجوز، دينياً؟ “لا، هذا غير مقبول، لكن لا تعليق لدينا”.
“تبنّيت القطط”… وواحدة جاهزة للتبني
تواصلنا مع ميكايللا اصطفان، التي تهتمّ بالقطط الآن، بعد ان تبنت 3 تمّ إنقاذها. اصطفان، التي “انكسر” قلبها بعد ان “شاهدت ما يحصل للقطط”، أكّدت لـ greenarea.info : “لم أستطع ان أترك القطط من دون رعاية وان أتركها في الخطر”، مضيفة “أخذنا هذه القطط من المكان المفترض به ان يحميهم، وهو بيت الربّ الذي يفترض ان يكون كلّه خير، لكن للأسف، هذا العمل هو شرّ لا يقبل به أيّ دين”.
أما كلفة العناية بالقطط الـ3، والـ6 قطط المتبقيّة التي تعتني بهم ميكايلا منذ فترة، فهي 200 ألف ليرة لبنانية للطعام، و100 ألف ليرة لبنانية للرمل. ميكايلا كانت معتادة على الاعتناء بـ5 حيوانات، لكن العدد الآن “أكثر من قدرتها على التحمّل”.
تواصل المغنية ميكايلا، التي لم تستطع ان تذهب في فترة العيد لإنقاذ الهررة، لانشغالها في حفلاتها، الاعتناء بالقطط، وتعلن انّ واحدا منها أصبح جاهزا للتبني.
فمن يستطيع تبني إحدى القطط، التواصل مع طوني مصوّر عبر صفحته على فايسبوك“. وننتظر ان يقوم احد المعنيّين بوقف هذه المهزلة في حقّ الحيوانات، لأنّ الأمر “ليس أضحوكة”، وبالاضافة إلى فوائد الحيوانات. على سبيل المثال، الهرّ يساهم في تقليص نسبة التعرّض لمرض الربو أو الحساسية للاطفال حديثي الولادة بنسبة 35 في المئة. الدين والأعراف وجدت لتحسين العالم من أجل الأفضل، وليس لجعله أسوأ ممّا هو عليه!
تهرّب…و”مخالفة القانون”
يُذكر اننا حاولنا الاتصال بـ “دير سيدة الحقلة” لسماع ردّ الراهبات على ما يحصل وعن سبب تسميم القطط، إلاّ انه تم التهرّب مرّات عدّة، خصوصاً عندما قلنا ان سبب الاتصال هو التحدث مع رئيسة الدير عن موضوع تسميم القطط، إضافة إلى الحصول على إذن للتصوير في الدير. فكل مرّة كنا نتّصل فيها كان الجواب ان رئيسة الدير بعيدة، ولا يمكنها الردّ على الهاتف. وعندما حاولنا الاتصال لاحقاً، كان الخطّ مشغولاً. تكرّر الأمر، إلى ان وصلتنا الرسالة: “يتم التهرّب من الموضوع”.
أما موضوع السم، فقد تم فحصه في أحد المختبرات، التي لم تقبل إعطاءنا ورقة رسمية فيه حين علمت عن سبب فحصه، وطغى الخوف من كلّ “ما يمسّ بالأديرة”، كما قيل لنا من جهات عدّة. لكننا لا نمسّ بالأديرة بأي شكل من الأشكال، وإنما نحن ضدّ كل ما يظلم البيئة المحيطة بنا، الانسان، والحيوان كذلك.
تجدر الاشارة إلى ان “إحدى الراهبات كانت تبكي حين علمت ان قططا أخرى لا تزال تسمّم وتموت”، بحسب ما قال لنا طوني مصوّر. “موّتولي بسيناتي يلي كنت طعميهن”، كانت تقول. ولا يمكننا إلا ان نذكر ان عدداً كبيراً من الراهبات كنّ يطعمن القطط وكانت موضع رعاية من قبلهن، بينما بعضهن الآخر يقمن بتسميمه. التعميم لا يجوز في أي حالة، ونريد فقط لفت نظر المعنيين إلى ما تعانيه الحيوانات في بلدنا.
تسميم الحيوان بمادة الـ lanette يعرّضه للموت خلال 5 دقائق كحد أقصى، بحسب ما أفادنا الطبيب البيطري جوزيف حصري. أما العذاب الذي يمرّ به الحيوان عند تناوله هذا السم، فيبدأ بارتفاع الحرارة، الغثيان، تدمير الجهاز العصبي والرجفة… كلّ ذلك مترافق مع ألم شديد، بحسب الدكتور حصري والدكتورة أندريا التي أكّدت على العوارض والعذابات عينها.
انّ تسميم الحيوانات بهذه الطريقة مخالف لقانون حماية الحيوانات والرفق بها، وتحديدا، للبند الأول من المادة الرابعة منه، التي تنص على انه “باستثناء الحالات التي يسمح بها القانون يجب الامتناع عن القيام بأي عمل من شأنه التسبب للحيوانات بأية ضائقة أو ألم أو معاناة، أو تعريضها للخطر أو التعذيب”.
وينص القانون على ما يلي:
أما العقوبات، في حال مخالفة أي من أحكام ذلك القانون، فهي “دفع غرامة من ثلاثة إلى عشرة ملايين ليرة لبنانية”.
هل سيطبّق القانون المقدّم من “جمعية Animals Lebanon” بالتعاون مع وزارة الزراعة؟ وما الذي يحول دون ذلك؟ سمّ اللانيت ممنوع من الاستخدام في معظم دول العالم، بحسب ما أفادنا الأطباء البيطريون. أما في لبنان، فقد حظّر قرار وزاري استيراد “اللانيت”، منذ ان ضجّت قضية المبيدات الزراعية المسرطنة منذ حوالي الشهر. إلا ان الكميات الموجودة في السوق لا تزال تباع. وقد يلجأ مستخدمو هذا السمّ إلى إيجاد طرق لتهريبه إلى لبنان، وبيعه في السوق لسنوات طويلة، بحجة ان “الكميات الموجودة في السوق لم تنته بعد”.