تحلو الجلسات والتجمعات الخارجية في فصلي الربيع والصيف، الا ان “البعوض” غالباً ما يكون “الضيف الثقيل” غير المرغوب به، وبعيداً من حساسية اللسعة وآثارها، تذكر “منظمة الصحة العالمية”، بأن البعوض يتسبب في وفاة أكثر من مليون شخص سنويا، عبر الأمراض الميكروبية التي يقوم بنقلها إلى الإنسان. وهناك أكثر من ألفي نوع من البعوض، القليل منها يتسبب في الملاريا وحمى الضنك وحمى غرب النيل والوادي المتصدع، وغيرها من الأمراض التي تنتشر في المناطق الحارة والباردة والمعتدلة من العالم، وفي الدول النامية والمتقدمة جدا سواء بسواء.
كيف يختار البعوض ضحاياه ؟
وفي حين يشعر اشخاص دون غيرهم بلسعات البعوض في الموقع نفسه، اكد باحثون وجود اسباب علمية لاختيار البعوض ضحاياه. وتحدثوا عن عوامل تجعل من رائحة بشرة بعض الناس مغناطيساً يجذب البعوض إليهم. وطبقاً لموقع “الطبي دوت كوم” ، يشير البروفسور جيري بتلر من “جامعة فلوريدا” الى ان واحدا من كل عشرة اشخاص تكون جاذبيته عالية للبعوض. ويعتبر ان للعوامل الجينية دور في أكثر من 85 بالمئة من قابلية البعض دون غيرهم للإصابة بلسعة البعوض.
400 مركّب كيميائي جاذب للبعوض!
وبحث العلماء في أكثر من 400 مركَّب كيميائي لمعرفة أي منها ذات علاقة بجاذبية البعوض، وتم التعرف على عدة عناصر كيميائية في الجسم، يشكل وجودها بشكل واضح على سطح الجلد، عامل جذب للبعوض. إلا أن العلماء لم يستطيعوا تحديد تفاصيل العناصر التي تجعل البعوض يرى إنسانا ما “فريسة مفضَّلة”.
ويقول الدكتور جو كونلون، المستشار في “الرابطة الأميركية للسيطرة على البعوض”: “كمّ كبير من الأبحاث والدراسات العلمية حاولت معرفة المركبات أو الروائح أو المميزات التي توجد على جلد أو حتى دم البعض، والتي تجعل البعوض ينجذب نحوهم للسعهم”.
وقد أثبتت دراسة حديثة نشرتها مؤسسة الحيوانات البرية الألمانية في هامبورغ أن “البعوض لديه قدرة على شم ضحاياه، وهو ينجذب إلى بعض الروائح التي يطلقها جلد الإنسان أكثر من غيرها، وهو ما يفسر استهداف البعوض لشخص دون آخر”. وعادة ما يكون هنالك محفزات للبعوض من أجل اختيار ضحاياه، فالأجسام التي تحتوي على أحماض دهنية أكثر من غيرها تكون جذابة للبعوض، وكلك الحال بالنسبة للأجسام التي تفرز روائح معينة تختلف من إنسان لآخر.
ويقول الدكتور بتلر: “إن البعوض ينجذب نحو الأشخاص الذين يوجد على جلدهم تركيز عال للكولسترول والمركبات الستيرويدية. ولكن هذا لا يعني أن البعوض يفضّل من لديهم ارتفاع في نسبة الكولسترول في الدم، بل يرتبط الأمر بوجود الكولسترول والمركَّبات الكيميائية المرتبطة به على سطح الجلد، وهذا قد يحصل حتى لدى مَن نسبة الكولسترول في دمهم طبيعية”.
ويضيف الدكتور جون إيدمن، الناطق باسم “المجمع الأميركي لعلوم الحشرات”: “إن البعوض ينجذب إلى جلد الأشخاص الذين ينتجون كميات زائدة من بعض أنواع الأحماض، مثل حمض اليوريك uric acid، ووجود هذه الأحماض على الجلد يثير حاسّة الشم لدى البعوض، ويغريه للهبوط على سطح الجلد”.
ثاني أوكسيد الكربون… الجاذب الاكبر
يفضل البعوض أيضاً ثاني أوكسيد الكربون الذي يخرج أثناء الشهيق، وهذا ما قد يفسر لماذا ينجذب البعوض فى معظم الأوقات نحو الأشخاص البالغين، مقارنة بالأطفال، وذلك لأن الكبار ينتجون كميات أكبر من ثاني أوكسيد الكربون، وكذلك تكون المرأة الحامل أكثر عرضة للسعة البعوض لانتاجها نسبة أعلى من المعتاد من ثاني أوكسيد الكربون، كما ينجذب البعوض لمواد كيميائية فى عرق الإنسان.
وعملية الجذب هذه تحصل قبل وقت طويل من الهبوط على الجلد، لأن البعوض يستطيع تمييز الرائحة من بعد 50 مترا. في هذا السياق، يقول الدكتور كونلون: “إن ثاني أوكسيد الكربون جاذب للبعوض، حتى لو شعر به من مسافة بعيدة”.
في الاطار نفسه، يقول الباحثون من “مايو كلينك” الأميركي، ان البعوض يختار ضحاياه عبر تقييم الرائحة وكمية ثاني أوكسيد الكربون والمواد الكيميائية الممتزجة بسائل العرَق على الجلد. والبعوض أكثر استعدادا للسع الرجال، والأشخاص ممن فصيلة دمهم “O”، والبدينين. وكذلك ينجذب البعوض إلى الحرارة، ولذا، فإن ارتداء ملابس داكنة اللون حافظة لحرارة الجسم عن التبخر يزيد من عرضة انجذاب البعوض.
في السياق نفسه، تشير طبيبة الجلد الاميركية اليزابيت تانزي في حديث لـ موقع santé plus إلى ان دراسة قد اظهرت ان ان فئة دم الانسان هي الجاذب الاول، دون معرفة الاسباب الكامنة وراء هذا الانجذاب، وان اصحاب فئة الدم “o” هم الاكثر جاذبية للبعوض .
نصائح لمواجهة البعوض
ونشر موقع دوتشيه فيله الالماني بعض النصائح للتخلص من لسع البعوض، واشار الى ان البعوض يبدأ باختيار ضحاياه بشم القدم أولاً، ثم ينتقل إلى أجزاء أخرى. لذلك، من يرغب بقضاء وقت ممتع مع الأصدقاء في الطبيعة، عليه الاستحمام أولاً أو غسل قدميه على الأقل، مع ارتداء جوارب نظيفة.
وقالت دراسة إن البعوض هو انتقائي في عملية اللسع، فعندما يكون هناك عدة أشخاص، فإن من الطبيعي أن تختار البعوضة بعضاً من الأشخاص وفقاً للعوامل آنفة الذكر. أما عندما يتواجد الشخص لوحده، فإن عملية اللسع ترتفع بدرجة كبيرة وذلك لحاجة البعوض لذلك.
أما صحيفة “آوغسبورغر ألغماينه تسايتونغ”، فقدمت أيضاً بعض النصائح ولفتت بأن العطور والمراهم الخاصة ضد اللسع التي توضع على البشرة مفيدة أيضاً، وذلك لأنها تغير من رائحة البشرة. لكن دراسة سابقة نشرتها مؤسسة “شتيفتونغ فارين تيست” الألمانية (Stiftung Warentest) المتخصصة في فحص المنتوجات التجارية أكدت أن قلة من المنتوجات التجارية المعروضة في الأسواق هي من توفر حماية فعالة ضد لسع البعوض بالفعل .
