فيما اعتصم اليوم أصحاب المنتزهات والعاملون فيها وعائلاتهم ومواطنون انتصارا للقمة عيشهم، ووقف المرامل الملوثة لنهر الليطاني، غاب كثيرون ممن تبنوا هذه القضية أبعد من طرفلسيه والقرى والبلدات المجاورة، وإذا كان ثمة من يريد احتواء أزمة بهذا الحجم، وامتصاص نقمة الأهالي، وتخديرهم بالوعود، فإننا كموقع greenarea.info نؤكد حيادنا والوقوف على مسافة واحدة من سائر القوى السياسية، ولكن حيادنا هذا سيكون في حدود تبقي هذه القضية ماثلة كهمٍّ يومي، ومهمة سنظل حاضنين لها، أبعد بكثير من محاولات الاستئثار والاحتواء، بدءاً من البقاع الشمالي وصولا إلى البحر، مرورا ببحيرة القرعون، فهي “قضية من المنبع إلى المصب”، أي على امتداد مجرى الليطاني، همنا رفع الخطر والضرر عن المواطنين، وحمايتهم من كل أشكال التلوث، من المياه إلى التربة والهواء، إلى الغذاء الذي يتناولونه، وفسحات الفرح الوحيدة على ضفتيه وفي مائه، وقد حرموا بفعل الطمع وجشع من يستثمرون بعيدا عن مراعاة حرمة الليطاني، وما يمثل في وجدان اللبنانيين.
ما هو قائم الآن، بعضه مجرد صخب، فيما المطلوب أن تتضافر الجهود بين مختلف اللجان والتجمعات التي تشكلت مؤخرا، لتكون هناك أداة ضاغطة على السلطة، بعيدا من تجاذبات سياسية ومناطقية، كي لا تضيع البوصلة بين مصالح تحرف التحرك عن مساره.
اعتصام طرفلسيه
ونفذ اليوم أصحاب المنتزهات في طرفلسيه – قضاء صور اعتصاما عند “جسر 6 شباط”، رافعين الأعلام اللبنانية، ولافتات تطالب بوقف تعديات المرامل، وأصدروا بيانا باسم لجنة المتابعة التي شكلت من أصحاب المنتزهات، أكدوا “اننا كأهالي نواجه منذ ربع قرن معاناة حيال تلوث النهر”، وجاء في البيان: “إن هذه المنتزهات في هذه المنطقة تستقبل الآلاف من المتنزهين من كافة المناطق اللبنانية، الا أن جريمة المرامل وعمليات الحفر والجرف لوثت النهر، وتسببت في قطع الارزاق وشلت الحركة السياحية”.
وأضاف البيان: “رفعنا صوتنا منددين بالحالة التي وصل اليها النهر، واستطعنا ان نشكل أداة شعبية ضاغطة، تمكنا من خلالها وقف معظم المرامل، وظهرت نتائج توقفها من خلال تحسن في لون المياه، ما أعاد بعضا من حركة خجولة للمنتزهات، إلا انتا مستمرون في المتابعة والملاحقة، ونقول لأصحاب المرامل، إن عدتم سوف نذهب مع ابنائنا الى مراكز عملكم، علماً اننا بذلنا جهداً كبيرا مع الشباب ليكون هذا الاعتصام هادئا، كما اننا نطالب بالتعويض عن الخسائر التي تكبدناها وما نزال، وقد شكلنا لجنة محامين لمتابعة هذا الموضوع”.
وأشار البيان إلى أن “خطوتنا الثانية فستكون مقابلة دولة الرئيس بري لمناشدته معالجة القضية”، وشكر “القوى الأمنية ووسائل الاعلام والبلديات المشاركة والمتعصمين، وكذلك الاستاذ سالم زهران لدعمه لنا في وقفتنا الاحتجاجية وكل من تضامن معنا”.
من جهة ثانية، كما أكد المتحدث باسم اصحاب المنتزهات حسين عياد لـ greenarea.info على كل ما جاء في البيان، وأشار إلى أنه “لبى الدعوة الى الاعتصام عدد مقبول من المتضامنين معنا، واستطعنا كخطوة أولى إيصال صوتنا عبر وسائل الاعلام”، وتمنى أن نلاقي تجاوبا قريبا وحلا نهائيا لهذه الازمة”.
وأكد عفيف شومان صاحب منتزه في طرفلسيه لـ greenarea.info أن “تحركنا اليوم كان بهدف إيقاف المرامل والكسارات والتحرك لانقاذ الليطاني من كل الملوثات والملوثين”، وقال: “أطلقنا اليوم صرخة واتمنى ان تصل الى المعنيين، خصوصا وأن أرزاقنا وأرزاق الكثير من الاهالي مهددة بفعل هذا التلوث”، لافتا إلى “اننا استطعنا ان نمتص غضب الاهالي والمتضررين باعتصام سلمي، ولكن لا نعلم ما ستصل اليه الامور في حال بقي الوضع على ما هو عليه، نأمل خيرا وسنتابع”.
ووجه رئيس بلدية طرفلسيه أحمد مازح كلمة عبر greenarea.info تحدث فيها عن “أهمية الليطاني في وجدان الجنوبيين وخصوصا أهالي طرفلسيه”، وأكد ان الليطاني لا يخص منطقة معينة، فهو بقيمته بقيمة لبنان، كما انه كان هدفا للاسرائيليين، الا انه بفضل صمود الجنوبيين ومقاومتهم وتضحياتهم استطاعوا صد عدوانه”.
وأضاف: “لذلك نحن بالمرصاد لكل من يحاول تشويه وتلويث هذا النهر، كما واننا لن نسمح بتحقيق حلم اسرائيلي على أيدي الفاسدين في هذا البلد، كما اننا خصصنا بالشكر كل الاطراف السياسية التي بذلت جهودا في هذه القضية، ولكن كان لا بد من إيصال صرخة استنكار بطريقة سلمية ضد من دمر الطبيعة، وتعالوا فوق الدولة التي من المفترض ان تكون فوق الجميع”، وختم بأن “صوت الشعب سيكون أعلى من الجميع في حال لم يتم التجاوب مع مطالبنا”.
لقاء القاسمية
ونفذ أصحاب المتنزهات السياحية عند ضفاف نهر الليطاني في منطقة القاسمية، لقاء أوضحوا خلاله حقيقة ما يتم تداوله من تلوث للمياه عند متنزهاتهم، والتي لا تصل اليها مياه القرعون، انما المياه الموجودة هناك هي مياه ينابيع طبيعية وسليمة.
وشارك في الوقفة النائب علي خريس ورئيس بلدية بدياس صدر داوود بالإضافة الى العشرات من اصحاب المتنزهات، بداية القى النائب خريس كلمة اشار فيها الى “ضرورة المحافظة على الليطاني ومياهه”، وقال:”سنحافظ عليه من التلوث والتعدي كما حافظنا عليه إبان الإجتياح الإسرائيلي، حين اطلق على اجتياحه عملية الليطاني نظرا لما له من اهمية ولما يشكله من مصدر حيوي واساسي لأهالي الجنوب ان على مستوى الري او المستوى البيئي والسياحي”، مشيرا الى أن “ما يحصل اليوم من تلوث لهذا النهر يعتبر جريمة بحق لبنان وبحق اهالي الجنوب وايضا بحق الإنسانية بشكل عام”.
وأضاف: “ابان هذه الجريمة التي تحصل والتي تنعكس سلبا على حياة الجميع من جهة ري المزروعات والخضروات التي يتناولها الجميع، ندعو الحكومة الى تشكيل لجنة وزارية طارئة لمعاينة الضرر الحاصل ميدانيا وتقوم بواجباتها وإتخاذ اجراءات سريعة للحد من الضرر الحاصل بيئيا وبشريا وسياحيا”، مشددا على ضرورة “محاسبة ومعاقبة كل الضالعين بهذه القضية”.
وأكد رئيس بلدية بدياس المهندس صدر داوود أن “منطقة القاسمية بجمالها الطبيعي ومتنزهاتها المنتشرة على ضفتي الليطاني تشكل متنفسا سياحيا للناس ولأهالي المنطقة وحتى خارجها، وهي تشكل محمية طبيعية وينابيع طبيعية تذهب مياهها في عرض البحر”. وقال: “ما نشهده اليوم من تلوث شكل ضررا فادحا على اصحاب المتنزهات الذين يعتاشون وعائلاتهم من هذا القطاع”، داعيا “باسم بلديات المنطقة واصحاب المنتزهات الدولة الى تشكيل لجنة مختصة لدراسة الوضع ووضع الحلول والمحافظة على المنطقة وينابيعها لتبقى المنطقة محافظة على بيئتها وجمالها”.
واعتبر حسين غملوش الذي تحدث باسم اصحاب المتنزهات “ان منطقة القاسمية لا تصلها المياه من القرعون، واعتماد هذه المنطقة على مياه الينابيع المتفجرة على ضفتي الليطاني والتي تتواجد بالعشرات، مما يعني ان المياه سليمة وخالية من اي تلوث”، لافتا الى “ان هذه الأزمة حدت من ارتياد السياح للمنطقة الأمر الذي يشكل كارثة على اصحابها”، داعيا الدولة الى “العمل والإستفادة من مياه هذه الينابيع”.
الحملة الوطنية لانقاذ الليطاني
رئيس بلدية زوطر الغربية ومنسق الحملة الوطنية لانقاذ الليطاني حسن عزالدين اكد لـ greenarea.info انه “تم الاتفاق مع المدعي العام البيئي القاضي نديم الناش على تكليف خبير بيئي مختص من قبل النيابة العامة لاجراء دراسة شاملة عن الصرف الصحي في نهر الليطاني، بدءا من دير ميماس وصولا الى دبين”، وقال: “سنباشر غدا بالعمل”، وشدد عز الدين على “اننا في صدد عمل مهني واحترافي للتوجه بشكل سليم في هذهالقضية”، وأضاف “اننا في تواصل دائم مع رؤساء البلديات وقد جهزنا الانذارات عن طريق المحامين وامهلناهم مدة قبل الادعاء عليهم”.