يوم كتب الناشط البيئي حافظ يحيى على صفحته في “فيسبوك” متضامنا مع أبناء بلدته عين دارة – قضاء عاليه، ممن تم استدعاؤهم للتحقيق بعد الادعاء عليهم من قبل بيار فتوش، على خلفية رفضهم لإقامة المجمع الصناعي وجبالات الاسمنت، لم يكون يعلم أنه سيكون من بين الدفعة الثالثة، التي تستدعى وتستجوب في مفرزة بعبدا القضائية.
يومها، كتب يحي “في بلد الأرز وبلد الحرية والديموقراطية يُستدعى الأحرار للتحقيق معهم لأنهم يدافعون عن حقهم في الحياة، يناضلون للبقاء في أرضهم وقراهم وبساتينهم ويحافظون على ما تبقى من نعمة الخالق التي دمرها أعداء الطبيعة والإنسانية، وعبيد المال القذر الذين تَرَكُوا وشمهم الشيطاني على جبال لبنان ووديانه. وسيبقى وشم عار على جبينهم وأساميهم لمئات السنين القادمة… كل التضامن مع الأصدقاء المناضلين عبدلله حداد وروجيه حداد والدكتور انطوان حداد وكل أبناء بلدتي عين دارة الشرفاء”.
ومن المفارقات أنه في الأسبوع الثاني، أي يوم أمس، كتب يحيى “خرجت من مفرزة تحري بعبدا بعد الإدلاء بإفادتي حول معمل الفتوش، وأكدت رفضي لإنشاء المعمل وتمسكي بكل ما كتبته، وسوف اكتبه في المستقبل على شبكات التواصل الاجتماعي أو الصحف وسائر وسائل الاعلام، وهذا وسام شرف آخر أضيفه على صدري، بأن أدافع عن بلدتي وأرضي ووطني بوجه إقطاع المال ومدمري البيئة في عين دارة”.
لا نعرف بالضبط الجريمة التي ارتكبها ستة وعشرون من أبناء عين دارة، وهل أننا بتنا في دولة بوليسية محكومة بسياسة كم الأفواء والاستدعاءات التعسفية؟
استنسابية القضاء
المسألة أبعد من ذلك بكثير، ففي ما خص يحيى لم يتحرك القضاء لاستعادة حقوقه يوم دمرت المرامل قطعة أرض يملكها مزروعة أشجار صنوبر مثمر معمرة، وما عاد في إمكانه الوصول إليها إلا بالاستعانة بطائرة عمودية، فيما تحرك القضاء لمجرد انتقاده ورفضه إقامة مصنع ستكون له تبعات على البلدة، ليس أقلها تدمير كل أشكال الحياة، في محيط يتعدى عين دارة إلى مناطق الشوف وعاليه والبقاع الأوسط، ولا نعرف من يعيد ليحيى حقه وحق من تم تجريف أحراجهم لصالح المرامل، ولا نعرف لماذا الاستنسابية في القضاء، خصوصا وأنه لم يبت حتى الآن بقضية مشاعات عين دارة المسروقة، والتي سيقام المصنع على جزء منها!
محمية صغيرة
لقد تقطعت السبل بحافظ يحيى وما عاد في مقدوره الوصول إلى قطعة أرض يملكها لاستغلال صنوبراتها، فيما الطريق إلى مفرزة بعبدا سالكة، فالمرامل حولتها جزيرة يصعب الوصول إليها إلا بطائرة “هليكوبتر”، وما تزال تتردد نادرة في عين دارة كأن يسأل أحدهم “هل وصلت الهيلكوبتر من روسيا إلى حافظ؟”.
ويؤكد يحيى لـ greenarea.info أن “التعدي طاول قطعة أرض أملكها مع أبناء عمومتي مساحتها 2300 م2″، ولفت إلى أنها “عقار شائع وملكيته مشتركة كورثة”، وقال: “أملك 800 سهما لم أبعها، فيما أحد أبناء عمومتي باع 800 سهما واستثمر الـ 800 الباقية، وقد قسم الأرض ضامن المحفار (ج. د. و) يومها، وأبلغني أن (هذه حصتك)”، ولفت إلى أنه “كانت هناك طريق كنا نسلكها بالسيارات للوصول إلى الأرض وهي ملكية عامة للبلدية جرفها المستثمر بحيث لم يعد في الامكان الوصول الى الارض نهائيا”.
وأكد يحيى أنه بصدد “إجراء معاملات حصر الارث للادعاء على قانونيا على الضامن الذي خرب وقطع عشرات أشجار الصنوبر”.
لا يمكن اعتبار قضية حافظ يحي قضية شخصية، كونها تمثل جزءا من مسلسل يستهدف تهجير أبناء عين دارة، فالكسارات والمرامل والمقالع لا يمكن أن تؤمن فرص عمل مستدامة، وهذا المسلسل يطاول جميع أبناء البلدة الحالمين بمشاريع سياحية وبيئية.
أما يحيى فلا يني يدافع عن بيئة بلدته، وجاء رده على خسارة أرضه في قلب البلدة، بالعمل على إنشاء محمية طبيعية صغيرة في أرض يملكها في جبال ضهر البيدر، محمية صغيرة، لكنها بحجم آماله الذاوية وسط مصالح من يملكون السلطة والمال والقانون!