أمام التحديات العديدة التي تواجه لبنان، ثمة بارقة أمل، تشع وسط ظلمات الفساد وأزماتنا المتعددة، يضطلع بها أفراد، هم أبطال شعبيون، يرفعون اسم لبنان عاليا، علنا نستفيق من كوابيس الإحباط واليأس، وهذا ما سطره اللبنانيان شربل حبيب ومساعده وليد سماحة في فرنسا بخطوط من ذهب، وأريج من أرز وغار وزيزفون.
من التاريخ: السباق الأول
شارك اللبنانيان حبيب وسماحة، في “رالي تحدي بكين – باريس السادس للسيارات الكلاسيكية” ليفوزا بذهبية، ويذكر في هذا المجال أن السباق الأول كان قد أقيم في العام 1907، وجاءت فكرة السباق من التحدي المنشور في الصحيفة الباريسية “لو ماتان” Le Matin في 31 كانون الثاني (ديسمبر) في العام 1907، ونصها: “ما الذي نحتاج إلى إثباته اليوم هو أنه طالما كان للمرء سيارة، فيمكن أن يفعل أي شيء والذهاب إلى أي مكان، هل هناك أي شخص سوف يتعهد بالسفر هذا الصيف من بكين إلى باريس بالسيارة؟”.
وقد أقيم هذا السباق خمس مرات بعدها، في 1990، 1997، 2005، 2007 و2013، باستخدام السيارات القديمة، وقد استخدم حبيب وسماحة سيارة بورش 356 C صنعت في العام 1964، مجهزة بمحرك سعة 1،6 ليتر وقوة 75 حصانا، وقطع السائقان المسافة الإجمالية، وهي 13695 كيلومترا في فترة 35 يوما شملت 4 أيام للراحة فقط، وحضر حوالي 119 مشاركا من أكثر من 50 بلدا، أما دعم الفريق اللبناني في هذا السباق فأتى من منظمة “الطفولة السعيدة” Happy Childhood organization وكان السائق حبيب ومساعده سماحة المشاركين الوحيدين من منطقة الشرق الأوسط.
رحلة طويلة
وعبر السائقان أكثر من 25 دولة في آسيا وأوروبا بما في ذلك الصين منغوليا، روسيا، روسيا البيضاء، بولندا، سلوفاكيا، المجر، سلوفينيا، إيطاليا وفرنسا.
ولم يواجه الفريق اللبناني صعوبات تذكر، لقدرات مساعد السائق سماحة في إصلاح الأعطال، بالمقابل واجه الكثير من السائقين الآخرين العديد من المشاكل التقنية خلال رحلتهم، وابتدأ التحدي من سور الصين العظيم في بكين يوم الأحد 12 حزيران (يونيو)، وكان خط النهاية في “ساحة الفاندوم” في باريس يوم الأحد في 17 تموز (يوليو).
وشمل السباق 4 فئات من السيارات العتيقة Vintage cars من الأعوام (1920 إلى 1931)، السيارات Vintageant ما بين الأعوام (1932 إلى 1942)، والسيارات الكلاسيكية دون 2.0 ليتر (من الأعوام بين 1942-1975)، والسيارات الكلاسيكية أكثر من 2.0 ليتر (من الأعوام 1942 إلى عام 1975).
ويفتخر شربل حبيب بامتلاكه مجموعة من السيارات الكلاسيكية والعتيقة، وهي أكثر من 40 سيارة قديمة، منها عدد من سيارات بورش، فيراري، لامبورغيني، مرسيدس، بوغاتي، مازيراتي وغيرها، وخصوصا سيارة البورش المستعملة في هذا السباق والتي تصل إلى سرعة 100 كيلومترا في الساعة في 10 ثوان.
وكان الفائزان الأولان بروس وهاري واشنطن Bruce and Harry Washington على سيارة كرايزلر عام 1929 Chrysler 75 Roadster.
أما اللبنانيان حبيب وسماحة، وسيارتهما تحمل الرقم 61، فقد حصلا على الميدالية الذهبية، والمركز الثاني في فئتهم والمركز 24 بين كل المتسابقين، وقال حبيب في نهاية السباق تعليقا على الرحلة “في هذه الرحلة رأيت الكثير من المناظر الطبيعية الرائعة، في 35 يوما فقط رأيت كم هي أمنا الأرض جميلة، ومررت خلال مئات القرى وتعرفت إلى العديد من الثقافات والعادات وأساليب الحياة المختلفة، وأول ما كنت أفكر فيه هو السلام، وكم هي الناس مسالمة مع بعضها البعض، وكيف يهتمون برعاية كوكبنا، وهذا ما يجعلني حزينا، بل حزينا جدا على مدى ما تفتقر إليه منطقتنا من العديد من تلك الصفات، حيث يعيش الناس في الكراهية وتدمير الذات والبيئة… انها نوع من الفلسفة بعض الشيء، ولكن إذا قام أي شخص بهذه الرحلة فسيشعر ويرى الأمر نفسه”.
ليس حبيب مخطئا، فكلما، شهدنا من الوسائل للمحافظة على البيئة والسلام والمحبة بين الناس ومارسناها، كلما شعرنا بمدى قيمة الأرض وحياتنا عليها، وقد يمكن البدء من مكان ما، ولو بمحاولات صغيرة، ولعل بارقة الأمل التي أرساها الفريق اللبناني بفوزه، قد تشجعنا على أخذ زمام المبادرات بالسير إلى الأمام بالإنماء والتطور.