شكلت ورشة العمل التدريبية حول “خطط وأدوات رصد التنوع البيولوجي البحري والساحلي في لبنان، وتقييم فعاليات المحميات الطبيعية البحرية”، منصة علمية تخطت الإطار النظري لورش عمل تقليدية، وهذا ما أغنى وأثرى هذا النشاط على مدى أيام ثلاثة متتالية في محمية صور الطبيعية، والمواءمة بين المحاضرات كمجموعة من الأفكار والدراسات والأبحاث من جهة، وبين الرصد والمتابعة الميدانية للشاطىء على امتداد المحمية وفي أكثر من موقع، هذه المواءمة حددت رؤى جديدة لمقاربة الإشكاليات والتحديات التي تواجه التنوع الحيوي وسبل توفير الاستدامة في مجال الصيد البحري، فضلا عن أمور عديدة تمثل أهمية في مجال حماية الأنواع المهددة.
ثلاثة أيام من المحاضرات المكثفة والجولات الميدانية المتلاحقة، كانت كفيلة ببلورة أفكار ومقترحات وتوصيات، ستقدم للمشاركين إضافة مهمة في مجال صون التنوع والحفاظ على البيئة البحرية، ودائما من منظور علمي، ما فرض على المشاركين تحديات في المستقبل، ليكونوا على تماس أكثر بما يتهدد الشواطىء اللبنانية من أخطار، رصدا، ومتابعة، وفق آليات واضحة، كخطوة تراكم كماً من المعرفة، وما يستتبع ذلك من مسؤوليات ستكون منوطة بالجمعيات والمؤسسات الرسمية والأهلية.
جمعية Green Area الدولية
انطلقت ورشة العمل التدريبية بدعوة من وزارة البيئة اللبنانية، وبالتعاون مع الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة – المكتب الاقليمي لغرب آسيا (IUCN-Rowa)، وجمعية انماء القدرات في الريف ADR، ونفذها الاتحاد العالمي لحماية الطبيعة لصالح وزارة البيئة ضمن مشروع : سياسات التسويق وتطوير القواتين من اجل دمج الادارة المستدامة للانظمة الايكولوجية البحرية والساحلية في لبنان. الذي تنفذه وزارة البيئة والممول من مرفق البيئة العالمي عبر برنامج الامم المتحدة للبيئة.
وتركزت عناوينها حول خطط وادوات رصد التنوع البيولوجي البحري والساحلي في لبنان، وتقييم فعاليات المحميات الطبيعية البحرية، تحت إشراف مدربين وخبراء متخصصين، وهم: الدكتور طارق تمراز من جامعة قناة السويس مدير مشروع الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي وخبير في الــ IUCN، الدكتور ضياء الدين اسماعيل من جامعة قناة السويس، الدكتور خالد حداد من “معهد العلوم البحرية” في مصر، الدكتور هاني الشاعر من “الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة” IUCN، مدير برنامج المحميات والتراث العالمي والتنوع البيولوجي”.
وشاركت فيها مجموعة من الناشطين ينتمون لعدد من الجمعيات البيئية، وهي: جمعية الازرق الكبير، الجنوبيون الخضر، جمعية شعاع البيئة في الصرفند، جمعية Green Area الدولية، المركز اللبناني للغوص، Cedars، جامعة البلمند، جامعة AUB، وزارة الزراعة، محمية صور الطبيعية، اتحاد الجمعيات الشمالية طرابلس وبلدية صيدا.
دعم ادارة البيئات والأحياء البحرية
تضمن برنامج عمل الدورة عرضا لمسار ورشتها التدريبية، عملا ميداني في محمية صور، عملا ميداني في منطقة رأس العين – منطقة محمية، عملا ميدانيا في منطقة غير محمية – الجمل، بروتوكولا تجريبيا وفق رؤى منهجية، جلسات عرض ومعالجة البيانات، تحليلا احصائيا، حلقة حوار حول الرصد والمحميات البحرية، عرضا لعمل جماعي ومناقشته، ملاحظات حول المشاهدات التي سجلها المتدربون في مختلف المواقع والتوصيات التي اطلقها المدربون، واجمعت على ضرورة استكمال ما بدأته الدورة، تطبيق ما تعلمه المتدربون وخلق آفاق تعاون مستقبلية بين الفريق المتدرب والمحمية، والعمل على مساندتها في عملها لسد الثغرات وتذليل العقبات والمهددات والمخاطر التي تتعرض لها، وختمت الدورة بتوزيع شهادات مشاركة على المتدربين.
ويبقى الأهم في هذا المجال، أن هذه الورشة هدف، كعنوان أساس، إلى بناء قدرات محلية متدربة على الرصد ومراقبة التنوع البيولوجي، وادارة المحميات، ودعم ادارة البيئات والأحياء البحرية.
تمراز: بيئتنا في حالة جيدة رغم التهديدات
وعلى هامش الورشة، التقى Greenarea.me بعض القيمين عليها، للإضاءة أكثر على ما تم إنجازه، بداية، أشار الدكتور طارق تمراز إلى أنه “عندما شاركنا في هذه الدورة أردنا التحقق من امكانيات المتدربين، وحَرصْنا على ان يكونوا من عدة فرق تقوم بأبحاث تسمح لهم باستخراج بيانات علمية بعد التدريب، لكي يقوموا بوضع خطط يتم تمريرها لصناع القرار في لبنان، من اجل إجابات حيال التحديات الموجودة لتحقيق تخطيط سليم على اساس علمي”.
وقال: “التزمت الدورة إجراء زيارات ميدانية بموقعين مختلفين، محمي وغير محمي، ففي المواقع المحمية اجرينا دراسة على الجزء الساحلي، خصوصا الرملي وتأثير المياه العذبة على تنوع الكائنات الحية، أما في المناطق غير المحمية فقمنا بدراسة جزء صخري بنيت عليه منتزهات ومطاعم (منطقة الجمل)، وكانت هناك شهادات للمتدربين لجهة ذكر وتوضيح الفروقات في المنطقتين”.
وأكد تمراز بأن “بيئتنا في حالة جيدة بالرغم من التحديات والتهديدات التي ينبغي اخذها بعين الاعتبار، لوضع خطط مستقبلية مريحة، واستيعاب تأثير المناخ على الكائنات المختلفة، والحد من التلوث من النفايات الصلبة، والعمل على نشر ثقافة بيئية من خلال وضع صناديق لإعادة تدوير النفايات في اماكن مختلفة، وتوجيه زوار المحمية عبر تعريفهم على القواعد التي ينبغي اتباعها، وكذلك تحديد مسارات وعلامات داخل المحمية الطبيعية”.
وختم منوها بالفريق المتدرب “في نهاية الدورة قدم كل فريق عرضا لمشاهداته تبين من خلاله ان المتدربين لديهم الامكانيات لحماية البيئة في لبنان”.
حداد: تشكلت لدينا صورة كاملة عن البيئة البحرية
وتحدث الدكتور خالد حداد لـ greenarea.info عن الهدف من الدورة التدريبية، فقال: “اهميتها في اننا قدمنا أسسا تدريبية، وفقا للحاجات والقواعد المتبعة التي تساعد العلماء والمتطوعين في اجراء تقييم للبيئة البحرية في لبنان”، مشيرا الى أن “انجاز الدورة في مدة ثلاثة ايام في مناطق محمية وغير محمية ساعدنا ومكننا من ان نحدد الاحياء البحرية والفروقات بين المناطق، وتشكلت لدينا من خلالها صورة كاملة عن البيئة البحرية، وتكونت لدينا رؤية من خلال ما استعرضناه، وفقا لمعايير علمية خولتنا اطلاق توصيات حملها المتدربون بهدف العمل عليها مستقبلا”.
وإذ أشاد حداد بالمشاركين، أكد أن “الدورة كانت جيدة نظرا لضيق الوقت، كما ان النتائج التي احرزها الفريق يمكننا الاعتماد عليها مستقبلا، في بناء القدرات البشرية الموجودة التي تعمل في نطاق البيئة البحرية مع الخبراء المحليين”.
الشاعر: الرصد والمراقبة
وعرض الدكتور هاني الشاعر في لقاء مع greenarea.info لتوصيات الورشة التدريبية، وأشار إلى أنها تركزت في عدة نقاط، ابرزها:
– تفعيل الكثير من الابحاث والتقارير التي تمت برعاية الدولة اللبنانية، وتفعيل ما اصدر سابقا في ما يختص بالاحياء البحرية، وسبل حمايتها على طول الشاطئ اللبناني.
– ايجاد فريق عمل يقوم بالمراقبة والرصد في المحميات المعلنة والمحميات المستقبلية، لرصد التنوع البيولوجي على امتداد الساحل اللبناني، لكي تحدد طرق الصون والحماية، بما يتناسب مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها لبنان.
– تفعيل ادارة المحميات الموجودة حاليا، بحيث تشمل الحفاظ على على مواردها وحمايتها بشكل فعال لخدمة الاجيال الحالية والمستقبلية، بما يخدم المجتمعات الموجودة في نطاق هذه المحميات.
-ضرورة استخدام اساليب علمية ومناهج علمية محددة لرصد التنوع البيولوجي، لذلك لا بد من استكمال ما تم اعداده سابقا مع فريق وخبرات لبنانية علمية حريصة على استكمال هذه البرامج، بما يتوافق مع ما تم رصده سابقا.
_ تفعيل استراتيجية المحميات الطبيعية بحيث تشملها برامج بحث وتوعية ورصد ومراقبة بمشاركة المجتمع المحلي.
اسماعيل: شغف العمل
ونوه الدكتور ضياء الدين اسماعيل عبر greenarea.info بـ “المشاركة والتعاون الذي ابداه المتدربون والنتيجة التي احرزتها الدورة بالرغم من ضيق الوقت”، وقال اسماعيل ان “ذلك يعود للشغف في العمل الذي لمسته عند المتدربين واقبالهم على التعلم وخدمة بيئتهم”.