في رصدها لظاهرة التغير المناخي وتأثيراته على النظم البيئية، خلصت دراسة صدرت مؤخرا إلى أن النظم الإيكولوجية تشهد تهديدا يطاول العديد من الكائنات الحية، ما يضع أنواعا جديدة على القائمة الحمراء للكائنات المهددة بالإنقراض.
فقد تم مؤخرا تصنيف طيور البطريق من فئة “آديلي”adeliae على أنها مهددة بالإنقراض، من قبل “الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية” International Union for Conservation of Nature and Natural Resources IUCN، نتيجة لتغير المناخ، بالرغم من أن أعدادها كانت تتزايد منذ فترة، لكن الدراسة توقعت أن يتدنى تكاثرها إلى أكثر من 30 بالمئة على مدى ثلاثة أجيال مقبلة.
طيور ضعيفة
وتعد طيور البطريك من فئة “آديلي”، واسمها العلمي Pygoscelis adeliae، واحدة من أصغر طيور البطريك الموجودة في القطب الشمالي، ويمكن تمييزها عن غيرها من الفصائل من خلال الحلقة البيضاء الموجودة حول عينيها. كذلك تتميز باللونين الأسود على ظهرها والأبيض في محيط بطنها، أما صغار هذا الطائر فتمتاز بريش أبيض تحت منقارها بدلا من الأسود، كما أنها تفتقر إلى الدوائر حول عينيها.
وبمقارنتها مع غيرها من الطيور، تصنف هذه المخلوقات في خانة الطيور الضعيفة، إلاّ أنها تتمتع بقدرة هائلة على السباحة لمسافات وبإمكانها الغوص وصولا إلى 180م، تحت سطح الماء. بالرغم من أنها تسعى إلى التقاط غذائها من الكريل والسمك من على سطح المياه قبل الغوص لاستكمال رحلتها نحو القعر. أما أزواجها فتبقى مع بعضها البعض لمدى الحياة، ويتساعدان كليهما على رعاية ضغارهما.
الاحتباس الحراري
وفي هذا السياق، توقع علماء اختفاء 60 بالمئة من طيور الـ “آديلي” مع نهاية القرن الحالي. وذلك بسبب ذوبان الجليد وارتفاع درجات حرارة في القطب الجنوبي.
ويرجح ميغان سيمينو من “جامعة لوس أنجلوس الأميركية” أن انخفاض أعداد طيور البطريق من فصيلة “آديلي” يعود إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، الأمر الذي يظهر بشكل جلي أن الظروف المناخية التي تسود في عدة مناطق من القطب الجنوبي، أصبحت غير ملائمة لعيش طيور “آديلي” وتكاثرها واسمرايتها.
واهتم سيمينو وفريقه بدراسة كيفية تفاعل طيور البطريق مع التغيرات المناخية، خصوصا بعدما توصل علماء الحفريات في العقود الأخيرة إلى خلاصة مفاجئة مفادها، أن أعداد طيور البطريق ستتكاثر ولن تتأثر بالتقلبات المناخية.
وبالاعتماد على معطيات جمعتها الأقمار الاصطناعية، تمكن العلماء من إنشاء نموذج لمملكة “طيور البطريق”، سمح لهم بدراسة كيفية تفاعل طيور البطريق “آديلي” مع ارتفاع درجات الحرارة في السنوات المقبلة. وأتت النتيجة صادمة للمراقبين، إذ أنهم اكتشفوا أن أعداد هذا الطائر ستتقلص، وهذا ما يناقض تماما نظرية علماء الحفريات.
وتوصل العلماء إلى خلاصة تفيد بأن أكثر من نصف هذه الأنواع من الطيور ستختفي مع نهاية القرن الحالي. وذلك يعود إلى أن غالبية المناطق في القطب الجنوبي، والتي تعتبر موطنها الحالي، ستصبح غير ملائمة لاستمرارها في الحياة.
واستند العلماء إلى أن الأسباب الرئيسية التي تقف خلف انخفاظ أعداد هذه الطيور، تتمثل بارتفاع درجة حرارة البحر وهطول الأمطار بشكل مستمر، فضلا عن ذوبان الجليد.
وكان العلماء قد أوضحوا أن أعداد البطريق قد تقلصت إلى نحو 80 بالمئة، بمناطق مختلفة في الوقت الحالي.
هذا وقد سبقت هذه الدراسة، دراسة أولية أخرى أجراها العلماء حول طيور البطريق التي تنتمي إلى فصيلة “ماجلان” (Magellanic Penguin) بالأرجنتين. وتوصلوا إلى أن صغار هذه الطيور تنفق بالآلاف بسبب درجات الحرارة المرتفعة والأمطار، خصوصا وأنها مخلوقات لا تسطيع التّكيف مع طقس كهذا، لأن طبيعة تكونها البيولوجي لا تسمح بذلك.