عمر ابراهيم – السفير
لم يبق أمام فقراء طرابلس والميناء متنفسا لممارسة هواية السباحة، والهروب من حرّ الصيف، سوى شاطئ الميناء بما فيه المسبح الشعبي او كما يحلو للبعض أن يسيمه «مكبّ النفايات ومصبّ المجارير».
المساحة الرملية الصغيرة بحجمها، والكبيرة بأعين الفقراء او متدني الدخل، تواجه مختلف أنواع التلوث، لكن الفقراء يتجاوزون هذا الأمر، ويتخذون منها مكانا للاستجمام، برغم كل الاضرار الصحية التي قد تنجم عن السباحة في مياه تختلط بمياه الصرف الصحي والنفايات.
يمتد شاطئ الميناء على مسافة خمسة كيلومترات، من أصل 9 كيلومترات هو طول الكورنيش البحري، وكانت الدولة بالتعاون مع البلدية قد اقتطعت قبل 12 عاما مساحة رملية، وحولتها الى «مسبح شعبي»، لكنها اكتفت بالاسم فقط من دون أن تؤمن الشروط الصحية المطلوبة.
كان من المفترض أن يشهد شاطئ الميناء مشروع إقامة محطة تكرير للمياه الآسنة ثم رميها في عمق البحر على بعد أكثر من 300 متر، لكن هذا المشروع بقي حبرا على ورق.
وبرغم التلوث الواضح للشاطئ إلا أنه يظل الملاذ الوحيد، في ظل عدم وجود شواطئ بديلة يرتادها الفقراء بعدما احتل اصحاب المنتجعات الفخمة كل المساحات، وفرضوا رسم دخول يفوق قدرتهم ليجد هؤلاء أنفسهم بين نارين: إما الاكتواء في منازلهم أو السباحة في المياه الملوثة.
يروي ابو محمد العبد (أحد رواد الكورنيش البحري) كيف انقذ احد الاطفال في العام الماضي بعدما قذفته المياه وكاد ان يغرق، مشيرا الى ان بعض العائلات تضطر للسباحة بالقرب من الصخور هربا من النفايات والروائح الكريهة التي تصدر من مجارير الصرف الصحي ما يضعهم امام خطر الغرق بسبب التيارات المائية كون المنطقة مفتوحة، مؤكدا أنه لا يمر موسم صيف من دون تسجيل أكثر من حالة وفاة ناجمة عن الغرق.
وتقول الحاجة أمينة الكردي التي كانت تجلس الى جانب احفادها على الرمل في المسبح الشعبي لـ «السفير»: «هذا مكبّ للنفايات كما تشاهدون وهذا مصبّ للمجارير تفوح منه الروائح النتنة، ولكننا مضطرون للمجيء الى هنا، فلا قدرة لنا على الذهاب إلى المنتجعات البحرية بسبب تدني دخلنا».
بغضّ النظر عن كل التلوث الذي يجتاح المسبح الشعبي في الميناء، إلا أن أكثر ما يلفت النظر هو تغير لون الصخور من الأبيض الى الأسود، والسبب بحسب الخبراء البيئيين، هو المواد البترولية التي ترميها البواخر وتحملها الأمواج الى هذا المسبح، او كميات المياه الآسنة التي تقذفها المجارير الى الشاطئ، الأمر الذي يستدعي تحركاً من المسؤولين لمعالجة هذه المشكلة وتحديد نوعية هذه المواد ومنع المواطنين من السباحة في تلك المنطقة.