نجلة حمود – السفير
أعادت كارثة تلوث نهر الليطاني وبحيرة القرعون في البقاع تسليط الضوء على معاناة المزارعين من أبناء عكار الذين بحّت أصواتهم في المطالبة برفع التلوث عن مصادر مياههم، وعن النهر الكبير الجنوبي، من دون أن يلقوا آذانا صاغية.
تعمل مؤسسات عدة في عكار على لفت نظر المسؤولين إلى كارثة تلوث الأنهر في عكار، تفاديا لتكرار تجربة الليطاني، وأخذ العبر مما حصل في البقاع.
الفوضى تترك حالا من الاحباط لدى المزارعين الذين يؤكدون أن الدوائر الرسمية لم تتحرك لإجراء الفحوص المخبرية ومعرفة أسباب التلوث في البقاع الا بعد فوات الأوان، والواقع نفسه ينطبق علينا، اذ صمّ المسؤولون آذانهم عن أصواتنا منذ سنوات، وهذا معناه القضاء على الشريان الحيوي لأبناء عكار.
وليس خافيا على أحد أن مشكلة التلوث الناتجة عن الصرف الصحي هي من المشكلات المزمنة التي تعاني منها محافظة عكار التي تفتقر إلى شبكات تتمتع بالمواصفات الفنية والبيئية السليمة، ما يجعل الواقع البيئي والصحي مأساويا للغاية.
وتعكس مضخات مياه الصرف الصحي الموصولة مباشرة الى الحقول الزراعية الشاسعة في سهل عكار، والتي زادت نسبتها بوجود النازحين السوريين، نسب التلوث والسموم القاتلة التي تروي الخضار والحشائش. وتبرز هذه المشكلة بشكل فاضح في سهل عكار ومنطقة الشفت المتاخمة التي تضم 12 بلدة إضافة إلى حلبا، وهي تعتبر أكبر تجمع للسكان حيث يقدر عدد الوحدات السكنية بنحو ستة آلاف وحدة، ويتركز 46 بالمئة منها في حلبا ومنيارة، كما يقدر عدد الوحدات التجارية فيها بنحو 828 وفيها تتمركز كافة الإدارات العامة.
وتصب مجاري الصرف الصحي جميعها في مجاري الأنهر الرئيسة، التي تلتقي بمصادر مائية أخرى في قرى وبلدات الجومة والدريب الأوسط، كالدوسة وشربيلا والريحانية وصولاً إلى مزرعة بلدة، والهد، وكوشا، وبيت الحج، وكروم عرب، وخريبة الجندي، وحيزوق، ومشحا، وحلبا، والشيخ طابا، وغيرها، حيث يتحول نحو نهر الأسطوان، ونهر العويك اللذان يرويان سهل عكار، وتحديداً الجزء الأعلى منه، الذي يعرف بسهل حلبا والشيخ طابا.
كما لم تعد المشكلة محصورة بالتلوث فقط، إذ إن الروائح الكريهة باتت تشكل خطرا يتمثل بأمراض رئوية وتنفسية تصيب المواطنين خصوصا في بلدات السمونية، منيارة الشيخ طابا، سهل حلبا، وهؤلاء تحركوا مرارا عبر رفع عريضة تطالب برفع مضخات سحب المياه ومنعها من ضخ مياه المجاري بسبب ما تتركه من روائح سامة وما تؤدي إليه من انتشار للحشرات التي تغزو منازلهم .
وعلمت «السفير» أن «الفحوص المخبرية الخاصة في عكار تقتصر على فحص عينات من مصادر المياه الجارية جرثوميا، والتي اتضح أنها ملوثة وبنسب مخيفة أما الفحوص المخبرية الأخرى فلم يتم طلب إجرائها على الاطلاق».
وعليه فإن إيجاد الحلول المناسبة للتلوث الذي يجتاح أنهر وسهل عكار لا يزال بعيدا، في ظل غياب كامل للوزرات المعنية من بيئة وصحة وزراعة.