يتطلب تحقيق أي رؤية مستقبلية للعمل البيئي في سوريا تخطيطاً استراتيجياً بعيد المدى، ينظر إلى البيئة باعتبارها متغيراً أساسياً في خيارات المجتمع، ويعمل على استدراك الأخطاء والاستفادة منها، بحيث يؤخذ البعد البيئي كعنصر أساس في جميع السياسات وخطط التنمية الوطنية، وذلك من منظور الارتباط الوثيق بين مستوى المعيشة والوضع البيئي، كل ذلك يتطلب إيلاء الشأن البيئي الأولوية التي يستحقها في إطار الاستراتيجيات الحكومية من خلال تعميق البعد البيئي في الخطط الخمسية والاستراتيجيات التنموية.

يجب أن تطمح الخطة المستقبلية أن تكون سوريا وطنا ذا مكانة (كما كانت عليه قبل الحرب)، ينعم المواطن فيه بجو من الأمان والاستقرار وسيادة القانون، وينعم جميع مواطنيه بحياة كريمة، كنتيجة لنمو اقتصادي يقوم على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والبشرية والإدارة الفعالة القائمة على الشفافية والتشاركية في جميع المستويات، وأن تنعم سوريا باقتصاد متنامٍ متعدد المصادر ذو قدرة تنافسية عالية إقليمياً ودولياً، وأن تستخدم الموارد الطبيعية والبيئية في سوريا بشكل مستدام، بما لا يعرض قدرة الأجيال القادمة على الايفاء باحتياجاتها، وأن تدار هذه الموارد بفعالية وكفاءة قائمة على المشاركة الواسعة، وأن يتم تصريف جميع الشؤون العامة والخاصة والداخلية والخارجية في سوريا من قبل الدولة والقطاع الخاص والمجتمع الأهلي والكفاءات العالية، بشكل تشاركي قائم على مبادئ سيادة القانون والمحاسبة والشفافية والاتجاه نحو اللامركزية مع صلاحيات، ومسؤوليات للمستويات الأدنى من الإدارة، وأن يتم المحافظة على الإرث الثقافي.

ومن أجل تحقيق ذلك، فإن الرؤية المستقبلية للعمل البيئي خلال الفترة القادمة، يمكن تلخيص عناصرها بما يلي:

وضع وتفعيل قانون التشاركية من خلال آليات وحوافز واقعية لتشجيع القطاع الخاص على الإسهام في مجالات حماية البيئة. والمجالات كثيرة هنا ابتداءً من الطاقات المتجددة البديلة، وفرز وإعادة تدوير النفايات وغيرها، وإعطاء الأولوية للمشاريع الصديقة للبيئة في كافة قطاعات التنمية .

إعادة وتشغيل نظم الإدارة البيئية على مستوى المدن الحضرية، والمدن الصناعية، والمنشأة الصناعية.

متابعة الترويج لمفاهيم وتطبيقات الإنتاج الأنظف في الصناعة.

التأكيد على إلزام المنشآت الصناعية القائمة بإعداد خطط توفيق أوضاعها البيئية، استناداً للقانون البيئي عن طريق إعطاءها فترة محددة (لا تزيد عن السنة) خلال فترة إعادة البناء.

المراجعة الدقيقة لدراسات تقييم الأثر البيئي للمشروعات الجديدة.

متابعة إعداد وتفعيل خطط مواجهة الكوارث البيئية.

متابعة وضع المواصفات والمعايير لمصادر تلوث المياه والهواء والضوضاء وغيرها بالتعاون مع الجهات المختصة.

متابعة إنشاء وإصلاح ما تم تخريبه من شبكات رصد ملوثات الهواء في المدن.

التأكيد على متابعة إعداد وتنفيذ خطط رصد التلوث في المياه الساحلية.

إعداد وتنفيذ منظومات الإدارة المستدامة للقمامة مع الجهات التنفيذية المعنية في وزارة الادارة المحلية والبيئة.

متابعة إعداد قوائم المواد الخطرة بالتنسيق مع كافة الجهات المختصة.

إعداد وتشغيل منظومة الإدارة المستدامة للمواد والنفايات الخطرة.

إعداد وتفعيل برنامج محدد الأهداف والتمويل لتشجيع البحوث العلمية في مختلف حقول علوم البيئة، وبالتعاون مع الجهات الأكاديمية والبحثية.

رفد وتشغيل منظومة مستدامة للتفتيش البيئي بكل أنواعه بالكوادر الفنية المدربة، وخصوصا بعد هجرة العديد من الكفاءات التي تم تأهيلها قبل الأزمة.

إعداد وتفعيل برامج متطورة لإدخال الأبعاد البيئية في المناهج الدراسية على كافة المستويات.

تفعيل دور التخطيط الاقليمي بكافة مؤسساته، من خلال وضع التنظيمات الإدارية والعمرانية لحفظ التوازن بين توسع البنى التحتية من عمران وسكن وطرقات ومنشآت ومحطات وقطارات وبين تراجع وانهيار الموائل الحيوية.

هذا غيض من فيض مما يجب أن يلحظ في العمل البيئي المستقبلي، لأنه يلزمنا الكثير من العمل طالما الارادة السياسية متوفرة.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This