أثار تقديم شكوى إلى بلدية كفرشيما حول أعمال ردميات طاولت منطقة في أحد أحيائها، الكثير من الأسئلة، دون أن تتضح إلى الآن طبيعة الأعمال القائمة، وفي هذا المجال أرسل إلينا أمس مواطن فضل عدم ذكر اسمه، عبر جمعية “نحن” المتابعة لملفات عدة، ومن بينها ملف “حرش بيروت،، صورا لردميات وإطارات مستعملة في حي الدير – كفرشيما، وتوجهنا على الفور إلى الموقع للتحقيق في الأمر، ومتابعة هذه القضية على الأرض، خصوصا وأن موقعنا greenarea.info يتابع ما يرسل إليه من ملاحظات وشكاوى المواطنين، وصور يلتقطها أشخاص لمخالفات، تعديات وأعمال قد تتسبب بأضرار للبيئة، ونذكر في هذا السياق متابعاتنا العديدة لأزمة نهر الليطاني، موضوع السلحفاة “لاكي” وغيرها، ومنها موضوع حصرايل وجدايل في قضاء جبيل، وكنا أول من تابع هذا الموضوع، ولفتنا النظر إلى التشويه البيئي الحاصل، وعلى الرغم من متابعات المواطنين المتضررين من الأعمال الصناعية نتيجة التعدي على مجرى النهر، وللأسف، فلم تحرك وزاراتنا المعنية والمسؤولين ساكنا، ولا زالت الأعمال جارية، من تشويه وتخريب للبيئة فضلا عن أضرار صحية للسكان المحيطين بمجرى النهر الشتوي.

إطارات مستعملة وبراميل!

وإثر وصولنا، بدأنا بمعاينة الموقع من على الطريق الرئيسية لبلدة كفرشيما، المؤدية إلى بلدة بسابا، وقرب حارة الدير فيها، والأرض وقف لـ “دير القرقفي” ومؤجرة لطوني سلوان منذ سنتين، وقد ذكر لنا أحد الأشخاص أن الأعمال بدأت خلال الشهرين الماضيين من ردم ووضع دواليب وبراميل، وتوجد فيها العديد من الأشجار على مجرى ساقية تسمى “ساقية البالوع”، وهي مجرى شتوي للمياه، وقال أحد السكان (رفض ذكر اسمه) أن “هذا المجرى قد جف تماما، ربما بسبب تحويل مجرى المياه في المناطق الأعلى، في أعالي منطقة عاليه”، وعلى الرغم من ذلك أكد لنا مصدر آخر (رفض ذكر اسمه أيضا) أن البلدية السابقة منعت سلوان من العمل في الأرض، إلا أن البلدية الجديدة سمحت له.

والأرض منحدرة للغاية، والأعمال مستمرة بموازاة الطريق على شكل طريق ترابي، علمنا لاحقا من سلوان أن هذا هو “الجل الأول” للأرض، وأنه يحاول استصلاحها، باستحداث “ثلاثة جلول”، وزراعتها بأشجار برية ومثمرة، وأزهار، بهدف تجميل الأرض وتحويلها من مكب للنفايات إلى منطقة بيئية نظيفة، يستمتع بها مع العائلة والأصدقاء وأهالي كفرشيما، مؤكدا أنه ناشط بيئي، وقد استأجر الأرض من الدير لهذا الهدف، وأكد أحد العاملين في الأرض أن الهدف الإضافي من عملية استصلاح الأرض هو درء خطر الطريق المتفرعة من الطريق الرئيسية نحو حارة الدير، والتي شهدت حوادث مؤسفة من تدهور سيارات خلال فصل الشتاء، وتواجه القوى الأمنية والدفاع المدني الكثير من العقبات لإنقاذ الضحايا، وقد قضى العديد منهم بسبب انحدار الأرض وتأخر عملية إنقاذهم بسبب وعورة وانحدار المكان.

ولاحظنا العديد من أشجار الزيتون قرب الطريق (الجل) المستحدث، فضلا عن حديقة صغيرة تحيط بنصب للشاعر مارون نصر زرعت بالنخيل والتين والتوت وغيرها من الأشجار، وفي قاع الأرض وقرب مجرى الساقية شاهدنا إطارات مستعملة كبيرة، يبدو أنها لشاحنات، وتفسير وجودها أنها وضعت كدعامة للأرض لمنع انزلاق التربة باتجاه الساقية، ولتجنب التعدي على مجرى المياه، وبدا أنبوب كبير جديد بقطر نصف متر، قد وضع في جزء من الأرض المنحدرة، ربما بهدف توجيه مياه الشتاء نحو المجرى، فضلا عن البراميل قرب مجرى الساقية.

وأفاد أحد المواطنين أنها تستخدم كدعامة، وقد أحاط سلوان بالأرض من جهة الطريق بأحواض زرعها بأزهار عديدة منها البوغنفيليا الملونة bougainvillea plant (المجنونة) بهدف تجميل الطريق أيضا.

لكن ما يثير التساؤلات، والتي ساقها لنا كثيرون، هو قدرة الإطارات المستعملة والبراميل على دعم الأرض ومنع انزلاق التربة!

مستثمر الأرض

وتواصلنا مع سلوان (مستثمر الأرض)، فقال: “هدفي هو بيئي، من أجل منع الناس من تحويل هذه الأرض مكبا للنفايات، ولتجميلها، وقد استأجرتها من الدير لهذا الهدف الزراعي فقط، ولا استطيع استعمالها لأغراض أخرى، وأتمنى أن تأتوا خلال شهر، وسترون كيف ستكون هذه الأرض، ويا ليت صورت الأرض قبل بدء العمل، وهذا خطئي، وقد تفاجأ رئيس الدير بما أقوم به، معتبرا عملي جنونيا، فقد كانت الأرض منحدرة ولا زالت ومليئة بنبات العليق، والنفايات وأكياس النايلون، ويلقي الناس نفاياتهم نحو مجرى الساقية، وقد شاهدتم الحوض المزروع على جانب الطريق، ويعتقد الجميع أنه من أعمال البلدية، والحقيقة أني أنا من زرعه، وأشتري المياه لري النباتات والأزهار، وأتعجب من سبب شكوى البعض من الأعمال، صحيح أني عملت على ردم الأرض، ولكني انتهيت الآن، وكان ذلك بهدف تجليلها وزراعتها، وسأجلب المزيد من التراب الأسود الخاص بالزراعة، لأضيفه إلى أكثر من 150 شجرة جديدة، عدا التي زرعتها حتى الآن”، وعند سؤاله عن الإطارات الموجودة، قال: “وضعت الدواليب كون الإنحدار قويا جدا، كدعامة للأرض بسبب انحدارها، ولحفظ التربة، وسأزيلها في ما بعد، وبدأت بزراعة الأشجار قرب مجرى النهر، مثل شجر الزنزلخت كونه لا يحتاج لعناية، وسأزرع شجر الخروب والزيتون والصنوبر، وأبحث عن مصادر لهذه الأشجار كون استصلاح الأرض كلفني الكثير، وأتمنى أن ألقاكم بعد شهر لتشاهدوا نتائج عملي”.

 

خطر فيضان مجرى النهر

والتقينا بأحد المواطنين (رفض ذكر اسمه)، وقال: “تم منع مستأجر الأرض من البلدية القديمة من القيام بالأعمال، ولا ندري ما يقوم به، ولكن نتخوف من أن تؤدي أعمال الردميات والدواليب الموجودة، إلى ارتفاع منسوب المياه وفيضان مياه الساقية على الأراضي والمنازل المحيطة كما حصل في كفرشيما سابقا، ولا نستطيع أن نفهم استعمال الدواليب بهذا الشكل، ولا الجدوى والآثار البيئية لهذا العمل، ونتمنى ألا تؤدي الأعمال إلى نتائج وخيمة”.

رئيس بلدية كفرشيما

وفي اتصال مع رئيس بلدية كفرشيما وسيم الرجي، قال: “إن هناك شكوى قدمت من حوالي أسبوعين، وسنرسل لجنة فنية لمتابعة الموضوع، وطبقا لمستثمر الأرض، فإنه يستصلحها بهدف الزراعة، وهي تابعة لوقف دير القرقفي، وسنكشف على ما هو قائم قريبا”، وعن كمية الإطارات المستعملة، وما إذا كانت ستزال لاحقا، وعد الرجي بـ “متابعة الموضوع، والتواصل معكم”.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This