ليس واضحاً الدور الذي سيلعبه الفريق الفني المركزي المكلف تطبيق خطة النفايات، والذي قرر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت الاسبوع الماضي نقل مهام رئاسته من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الى وزير الزراعة أكرم شهيب. الوزير نفسه لا يملك رؤية متكاملة للدور الذي يمكن ان يلعبه، وللصلاحيات الممنوحة، والامكانيات التي ستوضع بتصرفه، وللولاية القانونية التي تخوله المتابعة العملية والاشراف الفعلي على الخطة المؤقتة التي يفترض ان تدوم أربع سنوات، وحسن تنفيذ الخطة المستدامة التي كان من المفترض ان تضح معالمها مطلع الشهر الماضي، قبل ان يحيلها مجلس الوزراء الى لجنة فرعية، اي عملياً قبل ان يضعها في الثلاجة.
المرة الاولى التي كلف فيها شهيب ملف النفايات في عز اندلاع الازمة في اواخر شهر آب (أغسطس) ٢٠١٥، شكلت مخرجاً سياسياً للحكومة في مقابل مطلب الحراك الشعبي باستقالة وزير البيئة من منصبه. تنقل شهيب بين خطة لامركزية، وأعطى كامل الصلاحية للبلديات، فسقط بالضربة القاضية بعد رفض خيار “مطامر الاطراف”، أي مطمر سرار في عكار، ومطمر مجدل عنجر في البقاع، ليعود بعدها الى طرح خيار الترحيل الذي بني على “وهم” امكانية الترحيل تحت سقف اتفاقية بازل، وسقط ايضاً بالضربة القاضية الروسية، ليتنهي به الامر الى تسليم الدفة لوزير الداخلية بعد اقرار الحكومة خطة “المطامر البحرية” في برج حمود والشويفات في شهر آذار (مارس) الماضي.
ما الذي استجد لكي تعود الكرة الى ملعب شهيب مجدداً؟ وما حقيقة الخلاف بين الرئيس تمام سلام والوزير نهاد المشنوق على ادارة ملف مناقصات النفايات؟ ولماذا ابقي على خيار استبعاد وزير البيئة محمد المشنوق عن الملف؟
عوامل عديدة دفعت شهيب الى قبول هذا التكليف، الذي لم يكن ليحصل لولا موافقة رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليدد جنبلاط عليه. فالاخير معني بإيجاد حل لقضاءي الشوف وعاليه، فهذه المنطقة الخدماتية التي تنتج يومياً قرابة ٦٥٠ طنا من النفايات لا تزال خارج “كوتا الطمر” في الكوستابرافا وبرج حمود. ولقد تقاطعت هذه الرغبة الجنبلاطية مع اشارة من الرئيس سعد الحريري تفيد بانه غير مرتاح من طريقة اداء الوزير المشنوق لملف النفايات التي فاقمت الخلافات داخل “البيت المستقبلي” الذي بات يحتوي “منازل كثيرة”. عامل آخر عزز تزكية شهيب لاعادة تولي ملف النفايات تتعلق بالرئيس سلام نفسه، الذي عبر في اكثر من مناسبة انه يرتاح لتولي الطرف الجنبلاطي في الحكومة لهذا الملف كونه على تواصل مع مختلف الاطراف، ولكون أداء الوزير شهيب، الذي يصعب الافراط في التفاؤل بمدى نجاعته، إلا ان يسجل له حراك اعطى في السابق دفعاً للملف وان لم يصل الى الخواتيم المطلوبة.
وعلم موقع greenarea.info ان شهيب سيجتمع اليوم برئيس “مجلس الانماء والاعمار”، وعلى جدول اعمال الجلسة طرح تعديل مناقصة الفرز والمعالجة لجهة انشاء معمل لمعالجة النفايات في منطقة الشوف، يكفل بمعالجة ما لا يقل عن ١٥٠٠ طن من النفايات العضوية، الامر الذي يسمح بإشراك الشوف وعاليه في الخطة المركزية، وبالتالي تكون حصة هذه المنطقة في المعالجة إشراكها في خطة الطمر التي تم التوافق عليها في برج حمود والكوستابرافا، وفي حال الموافقة على هذه المبادرة، فإن ذلك يعني اعادة اطلاق مناقصة المعالجة، وتمديد مهلة قبول العروض من ٨ آب (أغسطس) الجاري الى مطلع الشهر المقبل على اقل تقدير.
لكن ماذا عن بيروت التي تطالب بالخروج من المناقصات؟ ليس واضحاً مصير مناقصات العاصمة، حيث لا يزال الرأي متأرجحا بين قبول انفصالها النهائي، وبين اعادتها الى المناقصة المركزية، والتأكيد على قبول خروجها فور جهوز المناقصة المتعلقة بالمرحلة المستدامة وتحديد جدول زمني واضح للتلزيم، وبدء التنفيذ الذي لن يقل عن اربع سنوات كحد أدنى. علماً ان التباين كبير في هذه المسألة بين البلدية التي تحظى بدعم وزير الداخلية، وبين رئاسة الحكومة التي تفضل ان تبقى المرحلة المؤقتة تحت مظلة المناقصات المركزية.
الاجتماع الذي عقد امس في مقر وزارة الزارعة حضره ممثلو الوزارات المعنية في الفريق الفني المركزي، الذي شكل بموجب قرار مجلس الوزراء تاريخ ٢١ كانون الاول (ديسمبر) ٢٠١٥، وهي: الداخلية والبلديات، المالية، التنمية الادارية، البيئة، و”مجلس الانماء والاعمار”. وتعاونه مجموعة من الخبراء يمثلون برنماج الامم المتحدة الانمائي، وبرنامج الامم المتحدة للبيئة، والقطاع الاكادمي والاهلي والبيئي.
وعقد شهيب بعد الاجتماع مؤتمرا صحفيا لفت فيه الى “ان هدف الاجتماع هو اطلاق العمل وتوفير روحية جديدة، خصوصا وان البلديات تنتظر الحوافز التي أقرت في مجلس الوزراء، بالاضافة الى تسريع الاعمال حتى لا نقع في مشكلة النفايات مجددا”.
واشار الى “ان موضوع اللامركزية في ملف النفايات لا يعني الفلتان، وما يجري في بلديات وقرى لا يجوز ان يستمر، لانه يذكرنا بموضوع مولدات الكهرباء في البلد، ولذلك طلبنا وسيكون هناك كتاب من وزارة الداخلية الى البلديات لتصويب هذا الفلتان”.
وأضاف: “اي حل مقترح، المرسوم يمنحهم حق الحل انما في إطار مجموعة بلديات، او في القضاء، أو في وحدة خدماتية. الكلام واضح اذا كان الحل متكاملا ووافق عليه الفريق الفني المركزي. انما ان تقوم كل بلدية بتوفير حل على حسابها ونصف او ثلاث ارباع النفايات تحت الطريق، لا يمكن ان يتم الحل بهذه الطريقة”.
واكد “ان موافقة اللجنة المركزية على اي حل هو لمعالجة فلتان اللامركزية، ولأن القرار واضح في مجلس الوزراء بمنح هذه اللجنة الاشراف والمتابعة في اطار ورقة الحل الدائم، وكيفية تنظيم العمل مع البلديات من اجل تخفيف النفايات من المصدر والفرز من المنزل”.
ومن المقرر ان يقوم الفريق الفني المركزي بجولة على الموقعين في الكوستابرافا وبرج حمود يوم الجمعة المقبل. واعتبر شهيب “ان من واجب الفريق متابعة الاعمال التي لزمها مجلس الانماء والاعمار ومراقبة صحتها، ومعرفة المرحلة التي وصلت اليها الاعمال حتى لا تعود مشكلة النفايات الى البلدات والطرقات”.
واكد “ان عمل اللجنة سيكون بمتابعة الاعمال ومراقبتها والتحضير للمرحلة المستدامة التي من المفروض ان لا تأخذ الكثير من الوقت، ليكون لدينا حل دائم في البلد”.
وردا على سؤال حول الاشكالات بين “سوكلين” و”حزب الكتائب”، رأى الوزير شهيب “ان حزب الكتائب حزب عريق وهم حريصون على البلد، ولا يريدون بقاء النفايات في الشارع”، وابدى اعتقاده ان “همهم ان يكون الشغل منضبطا وينجز في اوقاته وبنفس الوقت التسريع بالعمل وحتى لا تعود المشكلة في النفايات الى ما كانت عليه. الاشكال الذي حصل امس عولج، وهناك التزامات للدولة اللبنانية عليها احترامها، والا فإننا نكون ندمر بلدنا بأيدينا”.
وردا على سؤال حول الكوستابرافا والمطار ونفايات اقليم الخروب، لفت شهيب الى “ان الاهتمام بقسم من عاليه والشوف سيكون سريعا لانه غير ملحوظ في الخطة، والسعي هو لايجاد حل منفرد لبقية عاليه والشوف في ثلاثة مواقع للتجميع والمعالجة في كل منطقة من الاقليم والشوف وعاليه او منطقة واحدة”، واكد “تفضيل الحل الواحد المتكامل في هذه المنطقة”.