مجدّداً، يرفع أهالي بلدتي دير الأحمر والكنيسة الصوت بوجه مزارع الخنازير، التي تنفث روائح كريهة منذ سنوات. يطالبون القوى الأمنيّة بتنفيذ قرار إغلاق المزارع الصادر عن وزارة الصحّة ومحافظ بعلبك – الهرمل، وإلّا فسيلجأون إلى طرق أخرى لإنقاذ حياتهم وأرزاقهم
“يا محلا ريحة الزبالة على ريحة الخنازير” هذا لسان حال بعض من سكان بلدتي دير الأحمر والكنيسة الذين ضاقوا ذرعاً من إنتشار روائح كريهة من مزارع الخنازير المنتشرة في سهل دير الأحمر، والمتفاعلة مع موجة الحرّ الشديد التي تشهدها المنطقة المصنّفة زراعيّة.
يستغرب أهالي المنطقة عدم تنظيم هذه المزارع منذ سنوات، التي تؤثّر في صحّتهم وبيئتهم نظراً لعدم مراعاتها معايير الصحّة والسلامة العامّة.
تقف هايغو برقاشي على شرفة منزلها في حي الحفير، وتشير إلى المزارع المنتشرة في منطقة تيّارات هوائيّة ناشطة، الوضع بالنسبة إليها “ما عاد يطاق، فالروائح الكريهة تفوح في كلّ مكان وفي كلّ الأوقات وتمنعنا من الخروج من منازلنا”. لا يختلف الوضع كثيراً عند مدخل البلدة الجنوبي، تعبّر نزهة حبشي عن خوفها من “تفشي الأمراض بين الأولاد”، فيما تدل شادية حبقة إلى “تقاعس وزارات الدولة عن إقفال المزارع برغم الشكاوى المتكرّرة منذ أكثر من خمس سنوات”.
لا يقتصر تأثير الروائح على المنازل والسكّان، حتى المنتجعات السياحيّة تضرّرت! يقول جورج خوري صاحب إحدى المنتجعات أن “عدداً كبيراً من حجوزات الأعراس والحفلات ألغيت بسبب هذه الحال. فانبعاث الروائح الكريهة يصل إلى الصالة”، يناشد خوري وزارة الصحّة العامّة “التدخّل لإقفال المزارع لإنقاذ حياة أولادنا ومصادر زرقنا”.
تنتشر في سهل دير الأحمر (إلى جانب حي الحفير) وعلى مقربة من بلدة الكنيسة من الجهة الشماليّة، أربع مزارع تحوي ما يقارب الـ3500 خنزير، يملكها كلّ من طنّوس وجوزف وملحم البطحاني. تؤمّن لحوم الخنازير إلى مطاعم وفنادق بيروت وجبل لبنان. إزاء شكاوى أهالي البلدة المتكرّرة منذ سنوات، أرسلت وزارة الصحّة العامّة في نيسان 2015 فريقاً من المراقبين، على رأسهم رئيس قسم الصحة في بعلبك – الهرمل الدكتور محمد الحاج حسن، فكشف على المزارع وبنتيجته صدر قرارٌ عن المحافظ بشير خضر يقضي بإقفال المزارع نظراً لـ”الضرر الصحي والبيئي الذي تسبّبه الروائح الكريهة المنبعثة منها والمخلّفات التي تولّدها”، وحوّل إلى قوى الأمن الداخلي لتنفيذه، إلّا أن المزارع ما زالت حتى اليوم تتابع عملها كالمعتاد. يؤكّد الحاج حسن لـ”الأخبار” أن “هناك محسوبيّات تحول دون إقفال المزارع والحدّ من آثارها المضرّة على سكان المنطقة والجوار”.
مجدّداً أعاد أهالي دير الأحمر والكنيسة رفع الصوت عالياً، وقدّموا شكوى جديدة أمام وزارة الصحّة العامّة، التي أرسلت منذ ايام فريقاً للكشف على المزارع برئاسة الحاج حسن، الذي أعاد تأكيد “عدم إمكان إبقاء تلك المزارع مفتوحة لما ينبعث منها من روائح ولما تسبّبه من أضرار صحيّة وبيئيّة من الفئة الأولى ناجمة عن بقايا الخنازير ومخلّفاتها”، وينفي الحاج حسن في تقريره “ما يزعم به أصحاب المزارع من أن الروائح سببها الصرف الصحي والنفايات”، مشيراً إلى أن “قرار الإقفال اتخذ، وهو بعهدة وزير الصحة ومحافظ بعلبك – الهرمل، بانتظار إحالته إلى القوى الأمنيّة على أمل تنفيذه هذه المرّة”.
واقعٌ يردّ عليه أهالي البلدتين بالانتظار المشروط بتنفيذ القرار سريعاً “وإلّا فنحن منعرف كيف بدنا نسكرها ومن دون قرارات رسميّة”.