قاربت القدرة الاستيعابية للموقفين المؤقتين لركن النفايات في الكوستابرافا وبرج حمّود على الإنتهاء، فيما لم تنته مناقصات النفايات بعد، التأخير في هذه المناقصات تجاوز المهل المعلنة بأكثر من شهرين. في هذا الوقت، يُثير البعض شكوكا حول سبب تأخير مناقصة المعالجة والفرز، وهي المناقصة الأهم في خطة النفايات
أكثر من ستين يوما مضت على الموعد المحدد لانهاء مناقصات النفايات. حتى اليوم، لا تزال مناقصة الفرز والمعالجة، وهي الأهم في خطة النفايات الحكومية، مُعلّقة. تُرجّح مصادر مجلس الإنماء والإعمار أن يتم تقديم العروض الفنية يوم الإثنين المُقبل، من دون أن تؤكد “المُضي” في المناقصة في اليوم المذكور.
هذا الموعد يأتي بعد شهرٍ من التأجيل (كان من المُفترض أن يُعلن عنها في 4 تموز الماضي). لم يُعرف بعد إذا ما ستنسحب بلدية بيروت من المُناقصة عملا بقرارها (العلني) إدارة نفاياتها بشكل مُستقلّ. تُفيد المُعطيات أن طلب البلدية الإنسحاب من المُناقصة مطروح على مجلس الوزراء. الأخير لم يبتّ الموضوع بعد، ولم يعطِ البلدية أي جواب. فما الذي يحصل؟
بحسب رواية مصدر مُطّلع، يسعى المقاول جهاد العرب مع “مجلس الإنماء والإعمار” للفوز في المناقصة المذكورة، الا ان فوزه يتوقّف على رضى بقية “اللاعبين” في المناقصات، وهذا لم يتحقق حتى الآن لان بعضهم يعتبر أنه نال حصته في مناقصة الكوستابرافا. يلفت المصدر نفسه الى ان العرب يدرس خيار استيراد محرقة جاهزة لمعالجة النفايات وانشاء شركة لتشغيلها وإدارتها، وبالتالي يقدر كلفة معالجة طن النفايات باكثر مما يطرحه النائب ميشال المر في مشروعه لمعالجة نفايات المتن (25 دولارا للطن)، وهذا يشكّل احد العوائق. يخلص المصدر الى ان عدم التوصل الى اتفاق قد يدفع بوزير الداخلية نهاد المشنوق للضغط باتجاه فصل بلدية بيروت عن المناقصة، وبالتالي تلزيم العرب مناقصة المعالجة الخاصة بنفايات العاصمة.
ينفي العرب في اتصال لـ “الأخبار” هذه الرواية. يقول انه لا يسعى لشراء محرقة اذ “ان معمله في صيدا مجهز للفرز”، ويشير الى انه لن يُشارك في مناقصة معالجة الفرز والمعالجة في المتن وكسروان وبقية الأقضية، لكنه “بانتظار انتهاء دفتر الشروط لمناقصة بيروت”.
المصدر المطلع نفسه، يقول إن دفتر الشروط الذي أعدّه برنامج الأمم المتحدّة الإنمائي (UNDP) لمناقصة معالجة نفايات بلدية بيروت لا يزال سرّيا، و”ان المجلس البلدي لم يطّلع عليه بعد، ورئيس البلدية جمال عيتاني وحده من اطّلع على مضمونه”، لافتا الى أن UNDP أعدّ دفتر الشروط من دون مُقابل وهو ما يطرح، بحسب المصدر، تساؤلات كثيرة, ومشيرا الى وجود “نافذين” في UNDP “يعدّون الشروط غب الطلب”.
في اتصال مع “الأخبار”، يقول عيتاني إن “الدفتر لم يُنجز بعد”، لافتا الى أن هناك اتفاقية بين البلدية وUNDP من أيام المجلس القديم تقضي باعتماده كجهة استشارية للمجلس وفق “منحة” مُقدمة منه. يوضح عيتاني أن “قرار فصل بيروت عن المعالجة متعلّق بالمرحلة المتقدمة لا بالمرحلة الآنية”، مؤكدا ان بلدية بيروت لن “تنسلخ عن مناقصة المعالجة المركزية” في هذه الفترة. ويقول: “حاليا نطرح مسألة التفكك الحراري (المحرقة) كخيار مُستقبلي وننتظر أن يبتّ مجلس الوزراء هذا الموضوع”.
من جهتها، توضح مصادر مجلس الإنماء والإعمار أن مناقصة المعالجة “لن تستقيم حاليا من دون بلدية بيروت”، ذلك أن الامر سيتطلّب إنشاء معامل فرز جديدة وهو ما لا يسمح به الواقع الحالي، فيما يردّ المصدر المطلع نفسه على هذا الأمر بالقول: “الانماء والإعمار لا يريد ان تستقل بلدية بيروت حرصا منه على الحفاظ على موقع نفوذه والمحاصصات التي يقوم بها وينتفع أعضاء المجلس منها”.
كان مقررا أن يُنقل نحو 250 طنا من نفايات بيروت الإدارية (عملا بالقرار الوزاري) الى معمل الفرز في صيدا، يكشف المصدر نفسه أن ديوان المحاسبة لم يُوافق على عقد النقل الذي حدد بسعر 95 دولارا للطن الواحد.
الأسبوع الماضي، طلب المشنوق “التنحي” عن ترؤس لجنة متابعة النفايات. ردّت بعض المصادر المتابعة الامر حينها الى “الخلاف الحاصل بين المشنوق وسلام الذي دفع الأخير الى تنحيته نتيجة إصرار المشنوق على التحكم في مسير المناقصات”. ترأّس اللجنة، بعد المشنوق، وزير الزراعة أكرم شهّيب، الذي صرّح منذ يومين بأن مهمة اللجنة ستكون في إطار الحل الدائم وكيفية تنظيم العمل مع البلديات من أجل تخفيف النفايات من المصدر والفرز من المنزل. يبرز في هذا الصدد، إتفاق بين شهيّب وبلديات الشوف وعاليه على إعتماد تقنية الـ pyrolysis القائمة على توليد الطاقة على ان يجري تفعيل عملية الفرز من المصدر. يقول رئيس اللجنة البيئية في بلدية عاليه فادي شهيب إن معمل الفرز الموجود في البلدة يخفف نحو 40% من حجم النفايات المنتجة، لافتا الى ان الملف المتعلق بـ “علاج النفايات بواسطة الحرارة” موجود لدى الوزير شهّيب، وان موافقة مبدئية حصلت عليها البلديات من قبل الوزارات المعنية “بانتظار استكمال الملف”. هذا الكلام يتوافق وما يقوله رئيس اتحاد بلديات الشوف روجيه العشي، الذي يلفت الى ضرورة التسريع في المشروع، ذلك أن من أصل 73 ضيعة في الشوف هناك 23 فقط تفرز نفاياتها وتركنها في عقارات محددة، “فيما تنتشر في بقية الضيع المكبّات العشوائية”