بعد سبعة أشهر على حادثة وفاة السائح المصري مينا أشرف وديع غرقاً داخل مغارة جعيتا، وتوقيف مديرها وإقفال المغارة السفلى إلى حين انتهاء التحقيقات، أصيب أمس سائحان عراقيان إثر انقلاب صخرة عليهما على مدخل المغارة.
يبلغ قطر الصخرة نحو 50 سنتمتراً، تدحرجت من أعلى الجبل وصولاً إلى مدخل المغارة العليا “مسبّبة جروحاً طفيفة لسائحين عراقيين”، بحسب الصليب الأحمر اللبناني، بانتظار نتائج التحقيق لمعرفة السبب المحصور إمّا بأعمال البناء فوق الجبل الممنوعة قانوناً، أو بجفاف الأرض وعدم تماسك الصخور بالتربة. يشير نبيل حدّاد، مدير عام شركة “ماباس” التي تتولّى إدارة المغارة، إلى أنه “طوال 23 عاماً لم تشهد المغارة حادثاً مماثلاً”، بل أغلب الانهيارات تحدث على الطريق المؤديّة إليها وهي من صلاحية وزارة الأشغال العامّة والنقل”، مضيفاً أن “الحركة الكثيفة وما يحصل في العقارات فوق المغارة لا صلاحيّة لنا عليها”. يقول حداد إن الشركة المستثمرة تقوم بواجباتها كاملة لضمان سلامة الزوّار، ويضيف “هناك جدار دعم في المنطقة التي وقعت فيها الصخرة، لكن حتى جدار برلين ما كان ليمنع وصولها إلى السيّاح، نظراً إلى كبر حجمها البالغ نحو 3.5 أطنان. ما حصل قضاء وقدر، فلا تشوّهوا صورتنا”.على إثر وفاة السائح المصري في كانون الثاني الماضي، صدر قرار بتوقيف مدير المغارة بجرم التسبّب في الوفاة نتيجة الإهمال، كذلك صدر تقرير عن شركة “سوكوتيك” المكلّفة من وزارة السياحة يبيّن “وجود ثغرات متعلّقة بالسلامة العامّة، لناحية تحسين مواصفات الأرصفة والإنارة والحواجز المائيّة”.
يقول حدّاد إن “الشركة حسّنت إجراءات السلامة العامّة المتّخذة أساساً. طلبوا منا زيادة عدد مطافئ الحريق، واحدة كلّ 30 متراً، ورفع طول الحواجز من 90 سنتيمتراً إلى متر، فرفعناها إلى 110 سنتم وسيّجناها بالشبك. وزدنا عدد إشارات الخروج، ووضعنا شبكاً حديدياً تحت المياه”. أمّا في المنطقة الخارجيّة الواقعة ضمن حرم المغارة فـ”هناك أصلاً تصوينات حديديّة”.
لا يبدو أن ما تقوم به الشركة يلبّي مطالب البلدية؛ فبعد أشهر من الحادثة الأليمة تتكرّر حادثة جديدة ولو بوطأة أقل، بحسب رئيس بلدية جعيتا وليد بارود. فالصدام بين البلدية والشركة المستثمرة يعود إلى 15 عاماً، وهناك مطالبات متكرّرة لتوظيف مكتب استشاري داخل المغارة لتأمين السلامة العامّة وتحسين شروط الاستثمار، إلّا أن أياً من ذلك لم يحصل. المطلوب اليوم، بحسب بارود، “اتخاذ تدابير وقائيّة داخل المغارة وخارجها وعدم الاكتفاء بالقليل، إذ يجب وضع شبك على كلّ الجبل وتصوين حرم المغارة وبناء جدران دعم لمنع الانهيارات المتكرّرة من الجبل، وتأمين وجود خبراء في السلامة العامّة ومراقبين، وهذا من ضمن مسوؤليات إدارة المغارة”. ويضيف “تأمّنت حماية إضافيّة داخل المغارة، ولكن العمل خارجها غير جديّ، ولا توجد معالجة جديّة لمشكلة الصخور، ولا للطريق المؤدّية إليها، فهي ضيّقة ولا يوجد مسارات للمشاة منفصلة عن مسار السيارات، ما يفاقم المشكلة القائمة أساساً”.