زينة برجاوي – السفير
تقترب سيدتان من شاب يقف أمام محله في شارع أو نزلة عبد العزيز في منطقة رأس بيروت، وتسألانه عن «البيت الاحمر». يتولى الشاب إرشادهما. لحظات وتبدآن بالتحري عما إذا كان هذا البيت هو البيت التراثي نفسه الذي ينوي أصحابه هدمه. وما إن تتأكدان من صحّة الخبر، حتى تمسك إحداهما بهاتفها الخلوي وتبدأ مسلسل اتصالات لا يتوقف «ما لازم نسكت أبداً».
تنتمي السيدتان الى حملة «بيروت مدينتي»، التي قرّرت ألا تقف صامتةً تزامناً مع انتشار خبر «قرار مجلس شورى الدولة الذي كسر قرار وزير الثقافة روني عريجي القاضي بعدم الموافقة على هدم البيت الاحمر القائم في منطقة رأس بيروت، ويسكنه آل ربيز منذ أكثر من 80 عاماً».
يشتهر هذا المنزل بشبابيكه الخشبية الحمراء، ويزينه من الداخل البلاط القديم المزخرف والملون، وهو محاط بحديقة تتوسطها بركة ونافورة مياه.
وكان عريجي قد أكدّ سابقاً أن «هذا البناء يتمتع بالمواصفات والمعايير التراثية وهو بحالة إنشائية جيدة»، وأوصى بحمايته والحفاظ عليه، بعد كشف ميداني أجراه فريق متخصّص من قسم المباني التراثية التابع لمديرية الآثار.
كما يُذكر أنّ المهندس سمير ربيز الذي ولد في البيت الذي استأجرته جدته قبل أكثر من 80 عاماً قد غادره من فترة، تنفيذاً لقرار قضائي صدر لمصلحة المالك لاسترداد ملكه من أجل الهدم.
يؤكد المدير التنفيذي لجمعية «نحن» (تعتبر من بين الجمعيات الناشطة في سعيها لحماية المنازل القديمة والتراثية من الهدم) محمد أيوب لـ «السفير»، أن «قرار مجلس الشورى لا يعتبر رسمياً حتى الآن، ولو كان كذلك لا يحق له كسر قرار وزير الثقاقة، باعتبار أن قرار الهدم يتطلب موافقة الاخير ومحافظ بيروت زياد شبيب». ويلفت الانتباه إلى أن «هناك عمالاً دخلوا في اليومين الاخيرين الى المنزل وقاموا بنزع البلاط»، الأمر الذي يؤكد، بحسب تعبيره، «نية مالكي المنزل هدمه».
أما الحل بحسب أيوب، فهو «إعطاء مالكي المنزل حقوقهم في الاستثمار، لكن من دون الاساءة الى تراث هذا المنزل»، معلناً، في المقابل، أن الجمعية بصدد التحضير لإقامة تحركات أمام المنزل المذكور، بهدف دعم قرار الوزير عريجي عدم هدم البيت.
من جهتها، لفتت الناشطة في حملة «بيروت مدينتي» د. هويدا الحارثي أن الحملة «ستتحرك ضمن برنامجها التنموي والانتخابي للحفاظ على هوية بيروت المعمارية والاجتماعية والذي يشكل مخزوناً اقتصادياً وسياحياً». كما أكّدت أن «الحملة ستصدر بياناً إلى وزارة الثقافة للضغظ على أصحاب المنزل للتراجع عن قرارهم بالهدم». وأشادت الحارثي بـ «موقف المحافظ القاضي بمنع هدم المنزل».