اجريت خلال السنوات الماضية في لبنان العديد من العمليات الجراحية لاطفال مصابين بضعف السمع او الصم الكامل، وتمت بنجاح على يد اطباء من ذوي الاختصاص في جراحة الاذن، الا ان الاهم هذه المرة، ان العملية الجراحية قد اجريت لطفلة عمرها 12سنة مصابة بتشوه خلقي، وتعاني من خلل في الاذن الداخلية وعصب السمع الداخلي، ولقد تمت العملية بنجاح، بحسب الاختصاصي في جراحة الاذن والانف الدكتور برنار وانّا.
حاسة السمع ودقتها
ان حاسة السمع هي أول حاسة تنضج لدى الإنسان، وعادة ما يبدأ السمع عند بلوغ الجنين الاسبوع الـ 25 من الحمل، حيث تعتمد حاسة السمع على قدرة الاذن على الاحساس بالاهتزازات والتقاطها، وتكون منها إشارات عصبية تصل الى الدماغ لتترجم الى أصوات.
يعد فقدان السمع من المشاكل والعيوب الخلقية الشائعة، حيث يعاني 12 من كل 1000 مولود من اضطراب شديد في حاسة السمع. ومن هؤلاء فان 6 سيعانون من فقد السمع مع تقدمهم في العمر.
يولد الكثير من الاطفال مع ضعف شديد في السمع ، ولا يستخدمون ادوات تساعدهم على السمع في وقت مبكر من عمرهم، ويعانون من صعوبات بالغة في القراءة، حتى لو كان نظرهم سليماً. في المقابل تعد زرع القوقعة الصناعية الحل الفعال وطويل الامد، لكل من يعاني من فقدان السمع القوقعي. فهي تتخطى الاجزاء المعتلة في القوقعة لتوصل الصوت في صورة اشارات كهربائية عبر العصب السمعي الى الدماغ.
يتطلب تركيب القوقعة الصناعية الخضوع لعملية جراحية حتى يتم زرعها خلف الاذن ووضع مجموعه من الالكترودات داخل قوقعة الاذن. وتلتقط الميكروفونات الاصوات وتحولها الى بيانات رقمية. ثم تنتقل هذه البيانات الى الغرسة، وترسل إشارات كهربائية عبر الالكترودات الى قوقعة الاذن، حتى تلتقطها الالياف العصبية السمعية في قوقعة الاذن وترسلها الى الدماغ لتعطي الاحساس بالصوت.
وانّا: العملية تمت بنجاح
يؤكد الاختصاصي في جراحة الاذن الدكتور برنار وانّا لـ greenarea.info نجاح العملية الجراحية التي اجراها لطفلة عمرها 12 سنة مصابة بالصم الناتج عن تشوه خلقي.
يقول وانّا: “عادة نقوم بعملية زرع القوقعة للمصابين بضعف في السمع او الصم والبكم في حال كان عصب السمع والاذن الداخلية موجودين حيث اجريت عدة عمليات من هذا النوع منذ قرابة عقد ونصف، واستعاد عدد من المرضى حاسة السمع، وتلك العمليات مغطاة على نفقة وزارة الصحة العامة، الا ان الاهم في هذه العملية ان المريضة عمرها 12 سنة ومصابة بالصم الناتج عن تشوه خلقي منذ الولادة، وليس لديها عصب السمع والاذن الداخلية.
ويضيف وانّا: “اجرينا لها عملية زرع عصب السمع في جذع الدماغ، وهذه العملية هي الاولى من نوعها في لبنان، وكلفتها بحدود 35 الف دولار أميركي، وغير مغطاة من قبل وزارة الصحة العامة، واجري مثلها في العالم لـ 20 حالة تشوه خلقي في السمع”.
عتر: عمر الطفل مرهون بنجاح العملية
اما الاختصاصي في طب جراحة الاذن الدكتور الياس عتر فكان له رأيا اخراً، حيث يعتبر انه لا يجوز اجراء مثل هذه العملية لطفلة مصابة بتشوه خلقي، لأن العملية لا تؤدي الى نتيجة فاعلة.
يوضح عتر لـ greenarea.info السبب : “يوصى باجراء عملية زرع عصب السمع فقط للاطفال دون سن الخامسة، لان الدماغ في هذه المرحلة من العمر يتكيف مع العلاج الجراحي ، وقد اجرينا عدة عمليات لزرع القوقعة في الاذن وتمت بنجاح لعدد مهم من الاطفال. اما في بعض الحالات النادرة فيكون الطفل مصابا بالصم الناتج عن تشوه خلقي او مرض في اعصاب السمع، عندها نكون مجبرين ان نلجأ الى زرع عصب السمع في الاذن، ولكن لكي تنجح العملية، يجب ان يكون الطفل تحت الخمس السنوات، لان الدماغ يكون في حال نمو تدريجي .”
ويضيف عتر :” عدد الاطفال المصابين بضعف السمع مرتفع في لبنان، بينما كل عامين يسجل حالة تشوه خلقي في القوقعة عند الاطفال، و لا نستطيع معالجتها الا في حال تمّ تشخيصها مبكراً، مع التركيز على أهمية اختيار نوعية الجهاز السمعي وفق المعايير الموثوقة والمعترف بها دولياً، على ان تجرى مثل هذه العمليات الجراحية الدقيقة، بالتعاون بين فريق طبي في مستشفيات جامعية لضمان نجاحها”.
الزير : اهمية اختيار الاختصاصي
الاخصائي في تركيب أجهزة السمع إيلي الزير اوضح لـ greenarea.info ”أن القوقعة تسهل مرور الصوت وتحدد الذبذبات الصوتية ونوعيتها رفيعة، أو خشونتها لتنقلها الى الدماغ من خلال العصب السمعي، وعندما لا يكون موجودا نجري عملية زرع عصب سمع في جذع الدماغ، والعملية التي اجريت مؤخراً لزرع عصب السمع في جذع الدماغ، كان يجب ان يشارك فيها طبيب جراح إختصاصي في الاعصاب، وليس فقط طبيب إختصاصي في الاذن، فهل هناك ضمانة ان المريض سيستعيد السمع بعد عدة أشهر ؟! “