أبدى علماء المناخ الكثير من الهواجس والتساؤلات مع تسجيل درجات حرارة غير مسبوقة في الأسبوعين الماضيين، وكانت منطقتنا العربية في دائرة الضوء، ولا سيما مع رصد درجات حرارة قياسية في دول الخليج، إن في العراق أو في الكويت ودول حوض البحر الأبيض المتوسط، ومنها لبنان.
لكن ما أثار قلق العلماء ظل متمثلا في ما شهدته الكويت في 21 تموز (يوليو) الماضي، إذ وصلت الحرارة الى 54 مئوية متخطية الرقم القياسي المسجل في المناطق الموجودة شرق خط غرينيتش، وأعلنت “المنظمة الدولية للأرصاد الجوية” International Meteorological Organization أنها ستشكل لجنة للنظر في تسجيل رقم قياسي جديد لدرجات الحرارة في النصف الشرقي من الكرة الأرضية وآسيا، وهذا ما استدعى تشكيل لجان لتقييم تلك المستويات، وسط مخاوف من تفاقم الأحوال المتطرفة للطقس إن لجهة ارتفاع درجات الحرارة وانخفاضها أو هطول الأمطار، أو على صعيد الرياح والأعاصير.
صورة قاتمة
بالتوازي مع ما تم رصده من ارتفاع درجات الحرارة، جاء التقرير السنوي حول وضع المناخ “ستايت اوف كلايمت” State Of Climate، وشارك في إعداده 450 عالما من مختلف دول العالم ليرسم صورة قاتمة جدا للأرض، مع تقلص الجليد وانتشار الجفاف والفيضانات، مؤكد أن “درجات الحرارة وارتفاع مستوى مياه البحار وانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وصلت إلى مستويات قياسية العام الماضي، بحيث كان العام 2015 واحدا من أسوأ السنوات في التاريخ الحديث”.
وتوقف التقرير عند مؤشرات عدة لحظها العلماء، ومنها أن الحرارة على اليابسة وعلى سطح المحيطات، ومستوى ارتفاع مياه البحر وانبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحترار حطمت المستويات القياسية، معتبرا ان “مثل هذا التطور سيتأكد خلال السنة الحالية أيضا، إذ إن الأشهر الستة الأولى من العام 2016 كانت الأكثر دفئا في العالم على نحو كبير، وعلى ما أظهرت الأرقام الأخيرة لخبراء المناخ في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)”.
تهديد حياة سكان المناطق الساحلية
وحذر الخبراء من أن تركز ثلاثة من الغازات الرئيسية المسببة لمفعول الدفيئة أي ثاني أوكسيد الكربون والميثان وأوكسيد النيتروجين “بلغ قمما جديدة في العام 2015 وفقا لمعطيات من 10 آلاف موقع حول العالم”، وتوقعوا ان يتجاوز ثاني أوكسيد الكربون في العام 2016 الأرقام والمعدلات المسجلة في العام 2015 والتي قاربت العتبة الرمزية البالغة 400 جزءا من المليون (بي بي ام)، مسجلا 399٫4 “بي بي ام” بارتفاع قدره 2٫2 “بي بي ام” مقارنة بالعام 2014.
وبحسب التقرير أيضا، فإن مياه البحر بلغت اعلى مستويات لها مع زيادة قدرها 70 ميلليمترا عن المعدل المسجل في العام 1993، علما انها ترتفع تدريجيا بمعدل 3٫3 ميليمترات في السنة، وحذر العلماء من أن “الارتفاع أسرع في بعض مناطق المحيطين الهادئ والهندي وقد تتسارع هذه الوتيرة في العقود المقبلة مع الذوبان التدريجي للغطاء الجليدي ما سيهدد حياة ملايين من سكان المناطق الساحلية”.
وتوقف التقرير عند غزارة موسم الأمطار في العام 2015 وتفاقم الفيضانات من جهة اولى، وتسجيل مواسم جفاف قاسية شملت ضعف المساحات في السنة السابقة من جهة ثانية، مسجلا استمرار ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي المنطقة الحساسة جدا على التغير المناخي، وعلى العكس، انخفاض درجات الحرارة في القطب الجنوبي.