تطوّرت المواجهة، يوم السبت الماضي، بين أهالي بلدة عين دارة وأصحاب شركة «فتوش للمقاولات» إلى اشتباك بالأيدي والعصيّ، أدى إلى وقوع جرحى من الطرفين. هذا الحادث هو الثاني من نوعه في سياق الاعتراض على إقامة معمل إسمنت في منطقة عين دارة العقاريّة، وهو يأتي بعد تهديدات بفرضه بالقوة
عصر السبت الماضي، توجّه أهالي عين دارة إلى كسّارات “آل فتوش” في المنطقة، حيث يسعى الأخوان بيار وموسى، شقيقا النائب نقولا فتوش، إلى إنشاء معمل إسمنت، وذلك بعدما بلغهم خبر توجّه مضخّة باطون وجبالات إلى الموقع للمباشرة بالأعمال.
هناك تعرّضوا للتهديد المسلّح، وخُطف أحدهم ليُترك في ما بعد جريحاً، بعدما تعرّض للضرب المُبرح، بحسب رئيس بلدية عين داره العميد فؤاد هيدموس، ما دفع الأهالي الى التوافد نحو موقع المعمل لقطع الطريق أمام الجبالات، مُنفذين اعتصاماً احتجاجياً.
تدخّلت القوى الأمنية على أثر الإشكال وتعهّدت بتنفيذ مطلب الأهالي القاضي بعودة مضخة الباطون وتوقيف المُسلحين. لم يُفكّ الاعتصام إلا بعدما وعد رئيس فرع مخابرات جبل لبنان الأهالي بتوقيف المُسلحين في غضون ساعات، لافتاً الى أن “أسماءهم باتت في عهدتهم”. وصرّح الأهالي بنيتهم العودة الى الاعتصام “ما لم يتم الالتزام بما وُعدوا به، وهو منع دخول الجبالات وتوقيف المُسلّحين”.
من جهته، أصدر النائب نقولا فتوش بياناً اتهم فيه رئيس بلدية عين داره بقيادة “عصابة مُسلّحة قامت بهجـوم وحشـي على الشاحنـات والآليات وتكسيرهـا، وأقدمـت علـى ضـرب السائقيـن بآلات حـادة وفراعـات وأقدمـت علـى إطـلاق الرصـاص علـى إحـدى السيـارات لقتـل مـن فيهـا، وكـان نتيجـة الحـادث اثنـان منهـم بحالـة حرجـة في غـرف العنايـة الفائقـة وثلاثـة أشخـاص في المستشفيـات”.
ينفي مصدر أمني هذه الرواية، ويقول “إن تدخل القوى الامنية انحصر بفضّ الإشكال”، ويضيف إن “كل ما يقال عن أن المعتصمين حطّموا مضخة الباطون وأن بينهم مسلحين كلام عارٍ من الصحة”، ويوضح أن “المضخة خرقت حشود المعتصمين وغادرت من دون التعرض لها، وذلك تنفيذاً للتعهد، لكن علمنا أنه عند وصولها الى شركة فتوش، وصلت محطمة، وهذا لا يعني أن المعتصمين حطموها”.
بدوره، قال رئيس بلدية عين داره فؤاد هيدموس إنه لن تجري أيّ أشغال بقوة السلاح، لافتاً الى أن “فتوش لا يفهم أن مصنع الموت لن يمر في عين داره ولو على جثثنا”.
فتوش اتهم القوى الأمنية بـ”التلكّؤ”، وقال: “اتصل شقيقي السيد بيار فتوش بمديـر عـام قـوى الأمـن الداخلي اللـواء إبراهيـم بصبـوص طالبـاً الحمايـة، فأفـاده بـأن لديـه أوامـر مـن القيـادة العليـا بعـدم التدخـل بالموضـوع ممـا يثبـت التصميـم الجرمـي”.
وأضاف: “إن شقيقـي مالـك للعقـارات، والملكيـة محميـة بالدستـور والقانـون، ولديـه تراخيـص قانونيـة أصبحـت محصنـة مـن كـل طعـن ونافـذة وصـادرة عـن الـوزارات المعنيـة، وهـي مسنـدة ومثبتـة بأحكـام قضائيـة نهائيـة ومبرمـة”. ودعا رئيـس مجلـس الـوزراء إلى التحـرك السريـع “لوقـف الاعتـداءات المشبوهـة”، وقال إن هـذا الكتـاب بمثابـة إخبـار للنيابـة العامـة التمييزيـة لملاحقـة مرتكبـي الجرائـم والمحرضيـن والمتدخليـن، وعلى رأسهـم رئيـس البلديـة.
وتوجّه فتوش الى قائد الجيش، واعتبره في “موضع الغائب والمتغاضي”، مهدّداً بأنه “سيكـون لنـا موقـف مـن التمديـد المخالـف للقانـون”.
وكان قد سبق هذه الحادثة وقفة تضامنية مع بلديتي عين داره وقب الياس في بلدة قب الياس، لوضع آلية جديدة لمنع إنشاء معمل الموت في تلك المنطقة. ورأى النائب عاصم عراجي أن هذا المعمل يؤدي الى أمراض سرطانية، وقال “بحسب الإحصاءات، إنّ أكثر مناطق في لبنان تعاني من ارتفاع نسبة الامراض السرطانية هما منطقتا شكا وسبلين، اللتان توجد فيهما معامل الاسمنت، لأن الهواء يستطيع أن ينقل حبيبات مطحونة عشرات الكيلومترات، وبالتالي تؤدي الى تصلب في الشرايين وتضرّ الرئتين”.