لا تقتصر الرحلات البحرية على الاستجمام والسباحة فحسب، بل تتخطاها لممارسة رياضات وهوايات قد تجعل الانسان يدفع حياته ثمنا في حال عدم ادراكه لقوانينها وعدم استدراك مخاطرها.
في حديث لـ greenarea.info فنّد رئيس “الجمعية اللبنانية للوقاية من الاصابات الرياضية” زياد الحلبي الرياضات الاكثر ممارسة، مفصّلاً أصول وقواعد ممارستها للحفاظ على السلامة العامة.
ورغم اختلاف نوعية الرياضات مع اختلاف الاعمار، الا ان التباري بالقدرة على حبس الانفاس داخل المياه تعتبر من الالعاب المشتركة بين الصغار والكبار. في هذا السياق، يقول الحلبي: “عملية حبس الانفاس، أساسية في تدريبات الانقاذ البحري، الا ان لها اصولها ولها مخاطرها أيضا، لانها يمكن ان تسبب بما يسمى الـ shallow water black out او فقدان الوعي في المياه الضحلة”.
الخطورة في تلك الرياضة تكمن في أنه “نتيجة لحبس الانفاس، يتجمع ثاني أوكسيد الكربون في الرئتين اللتين ترسلان إشارة الى الدماغ بنقص الاوكسيجين، فيعطي هذا الاخير الامر لها بالتنفس. عند تكرار هذه العملية، ومع اصرار الشخص على حبس أنفاسه، يصل الى مرحلة لا تستجيب فيها الرئتان لاوامر الدماغ، وبالتالي لا تنذر الشخص بضرورة التنفس، الامر الذي يجعله يستمر في تلك العملية. وبالتالي فإن هذا الضغط المتكرر يخفف من الاشارات المرسلة من الرئتين في الوقت الذي تزداد فيها نسبة ثاني اوكسيد الكربون، فلا يقوم الجسم بأي ردة فعل”.
ويتابع: “مع انخفاض نسبة الاوكسيجين في الجسم دون أن يشعر الشخص، لا بد من ان يفقد وعيه فيتعذّر خروجه من المياه، ولن يلحظ المراقبون من الخارج اي شائبة في الموضوع، واذا طالت هذه المدة، قد يتعرض الشخص لخطر الموت بين 4 و 20 دقيقية كحد اقصى”.
الحلبي شدد على ان “هذه الرياضة يمكن ممارستها بشكل منتظم وواعي، دون ان تشكّل اي خطر على الصحة، الا ان منافسة الانسان لنفسه يمكن ان تؤدي به الى نتائج غير حميدة”.
رياضة الغطس
تحمل رياضة الغطس او القفز في المياه الكثير من المخاطر، وقد سجّلت في السنوات الاخيرة النسبة الاكبر من الوفيات بسبب الممارسات العشوائية. في هذا السياق، يشير الحلبي الى ان “هذه الرياضة تسبّب اكبر نسبة اصابات رياضية بين الشريحة العمرية المتراوحة بين الـ 14 سنة و 18 سنة لعدم تقدير عواقب عدم الالتزام بقوانينها”.
عدم احترام مدى العمق الذي يناسب اي غطسة، وضعه الحلبي من مسلّمات “الغطس غير الآمن”، وبالتالي لفت الى ان “الدراسات العلمية تشير الى ضرورة تناسب مدى العمق مع المستوى الذي يمارس الغطاس منه غطسته”.
في التفاصيل، اشار الى “ان مدى العمق المتناسب مع مستوى سطح المياه هو متران على الاقل لتفادي الارتطام بالارض، وكل ما علت مستويات الغطسة، ازداد العمق المطلوب في المياه. وكل علوّ اضافي لمتر واحد، يجب ان يقابله متراً واحداً داخل المياه بالنسبة للمترين الاولين. اما بعد ذلك، فان عمق 6 امتار داخل المياه كافية للقفز عن علوّ 8 امتار، والامر يعود الى ان طبيعة جسم الانسان تجعله يطوف، ما يجعل المياه في مرحلة معينة غير قادرة على توجيهه نزولاً”.
اماكن ممارسة رياضة الغطس صنّفها الحلبي في الدرجة الثانية من سلّم الاولويات، فيقول: “ان عدم تقدير خطورة تواجد الصخور في عمق المياه (بالنسبة لممارسي هذه الهواية في البحر وليس في المسابح)، قد يسبب الارتطام بها في اي لحظة، الامر الذي قد يؤدي الى كسور في الرأس او الرقبة، مع ما يتأتى عنها من خلل في العمود الفقري او موت او شلل”.
لا يقتصر موضوع الغطس على تلك التعليمات فحسب، بل قدم الحلبي تقنيات محددة لتأمين السلامة العامة، اولها ان “على ممارس هذه الهواية ان يتخذ الوضعية الصحيحة عبر توجيه يديه وجسمه ووجهه الى الامام بشكل 45 درجة، للحفاظ على قدرته بتغيير وجهته لدى الارتطام بأي عائق داخل المياه عبر الارتطام اليدوي قبل ارتطام الرأس، الامر الذي قد يخفف من قوة الاصابة”.
نصيحة قدّمها الحلبي في هذا السياق لكل محبي رياضة الغطس، وهي “ضرورة التنبه لاختلاف الحرارة بين جسم الانسان والمياه، واذا كانت حرارة الجسم مرتفعة، يجب عليه ان يبلل رقبته وكتفيه بالمياه لتنبيه وتحفيز الجهاز العصبي في الجسم الى تعرضه لاختلاف الحرارة. والا فان المياه الباردة قد تشكل صدمة لن يتحملها القلب، الامر الذي قد يؤدي بدوره الى فقدان الوعي”.
رياضة الـ jet ski
الرياضات البحرية كثيرة، وتنتشر بشكل كبير على الشواطىء اللبنانية، ومنها رياضة الـ jet ski التي وصف وضعها الحلبي بالكارثي “لان القوانين اللبنانية قديمة ولا تشملها، الا انه في بداية الامر لا يجوز تأجير آلة الـ jet ski لمن هم دون الـ 18 عاماً لانها مصنّفة عالمياً من فئة المراكب السريعة class A boat، فضلاً عن ذلك، على سائق هذا الآلة ان يكون حائزاً على رخصة قيادة، الامر الذي يضمن تخطيه عمر الـ 18 سنة من جهة، اضافة الى انه يجب أن يدرك كيفية التعامل مع الآلات الميكانيكية من جهة أخرى”.
اما الامر الاساسي في هذه الرياضة، فهو “ارتداء السائق للـ life jacket سترة خاصة حتى لو كان من أمهر السباحين، فهي سريعة جدا، وفي حال وقع عنها وارتطم بالماء او حتى بها تحديدا، يمكن ان يفقد وعيه او يكسر رجله او يده. فتساعده هذه السترة على ابقاء منطقة الوجه فوق سطح الماء، وبالتالي على عدم الغرق، فضلاً عن ان الوانها الفوسفورية تسهّل ملاحظته من قبل فرق الانقاذ”.
استطرد الحلبي للاشارة الى امر لا يعيره ممارسو هذه الرياضة اي اهمية، وهو قطعة تسمى الـ cut off، التي تربط يد السائق بالآلة بشكل تسمح له عبر سحبها بايقاف الآلة في حال وقع عنها، الامر الذي يضمن عدم ابتعادها عنه من جهة، وبالتالي اعادة استعمالها للعودة الى الشاطىء من جهة أخرى”.
بالنسبة لرياضة “الحسكة” والـ “pedalo”، اعتبرها الحلبي من الرياضات الآمنة، الا انه يجب عدم ممارستها ان كان البحر هائجاً، وبالتالي فان ارتداء سترة النجاة امر اساسي في ممارسة هذه الرياضات.
في نهاية الحديث، نصح الحلبي بعدم استهلاك الكحول على البحر، لانها تجعل الشخص يقلل من تقدير المخاطر ومن قدرة الانسان العضلية.
ممارسة الرياضات البحرية كما السباحة، ليست “مرجلة” واحترام القوانين ليس ضعفاً، والرياضات مهما اختلفت انواعها تبقى سيفا ذي حدّين، وان لم ندرك قوانينها فقد نذهب ضحيتها!