لن نصدِّقَ بعد اليوم أن من هم في سُدة المسؤولية غير متورطين في كوارث آل فتوش في جبال عين دارة حتى إثبات العكس، وإلا بماذا نفسر السكوت والتغاضي عن ممارسات تذكرنا بعصابات المافيا، وليس آخرها فرض إنشاء معمل الإسمنت في عين دارة بالقوة “حتى لو صار في دم بالأرض”؟ على ما قال بيار فتوش في معرض رده على تحرك اهالي عين دارة، ومن ثم ألا يعتبر مثل هذا التهديد دعوة للقتل، هي أكبر من تهم ساقها فتوش للنيل من ناشطي عين دارة لمجرد انهم انتقدوه رافضين ما أسموه “معمل الموت” وساقهم للتحقيق، فيما لم يحرك القضاء ساكنا حيال التهديد بالقتل، إذ من المفترض أن يعتبر قوله “حتى لو صار في دم بالأرض” بمثابة إخبار للنيابة العامة.
يدعي الأشقاء الثلاثة من آل فتوش (النائب نقولا، بيار وموسى) أن لهم الحق في البناء على أرضهم، وهي أرض لم يبت القضاء في ملكيتها في قضية متصلة بسرقة مشاعاتها عبر التزوير، وتاليا، إن امتلاك الحق في البناء خارج القوانين ورغما عن إرادة أهالي البلدة يؤكد المؤكد في أن ثمة دويلة داخل الدولة، حتى ولو تم تملك الأرض بطرق شرعية، وهذا موضع شك طالما أن القضاء لم يلفظ حكمه الأخير حتى الآن، إذ لا يمكن أن تكون ملكية أي شخص لأرض خارج منطق الدولة، خصوصا إذا كان الضرر الناجم عن وجهة استخدامها يطاول الهواء والتربة ومصادر الينابيع الجوفية، وهي جميعها ملك الشعب اللبناني.
ما يدعو للاستغراب، أن آل فتوش، ولا سيما بيار، لا يتورعون عن توظيف الخطاب الطائفي والمذهبي، والتهديد بـ “القمصان السود”.
أما حمل السلاح جهارا، والتهديد، والتعرض للمواطنين، والإصرار على بدء العمل رغما عن الناس، ومن ثم منع الشرطة البلدية من الدخول إلى موقع المعمل وتلفيق بيانات تثير النعرات وتقلب الحقائق رأسا على عقب، فجميعها تمثل ارتكابات ليس بحق البيئة فحسب، وإنما بحق الدولة وهيبتها، إلا إذا كان من هم في مواقع المسؤولية “شركاء” عبر الرشى والعطايا، وجميعها من ثروات عين دارة المنهوبة!