في مقالة صادرة عن “جامعة كاليفورنيا” في لوس انجلوسUCLA ، نشرت في مجلة اقتصاد النبيذ Journal of Wine Economics بتاريخ 2 آب (أغسطس) الجاري، اعتمدت على دراسة عشوائية شملت أكثر من 74000 عينة من نبيذ كاليفورنيا، شارك فيها ذواقو النبيذ وكانوا معصوبي الأعين، من ثلاث مجلات معروفة هي (مؤيد النبيذ Wine Advocate) متحمس النبيذ (Wine Enthusiast) ومشاهد النبيذ (Wine Spectator) على مقياس موحد من 100 نقطة، وقد سجل النبيذ المصدق بيئياً Eco- Certified Wine متوسط 4,1 نقطة أعلى نسبياً في اختبارات الطعم، وبمذاق أفضل، وعدل المقياس الموحد لاستيعاب الاختلافات بين نظم جمع العلامات، على سبيل المثال (مقيم سهل مقابل مقيم صعب).
تطرق البحث لنوعين من النبيذ العضوي والحيوي، النبيذ المحضر من عنب من مزارع عضوية وأخرى من مزارع حيوية، فعندما يختم النبيذ العضوي على أنه عضوي لا يشير فقط إلى كيفية زراعة العنب فحسب، بل يشير إلى كيفية تحضير النبيذ. وأهم ما قالته الباحثة الرئيسية في الدراسة ماغال ديلماس (Magal Delmas) عالمة الاقتصاد البيئي والاستاذة في جامعة كاليفورنيا أن “النبيذ العضوي لا يحتوي على مواد حافظة مضافة مثل أوكسيد الكبريت الثلاثي، وقد راقب ذلك خبراء المجلات الثلاث”.
تثق ديلماس بأن النبيذ العضوي الخالي من المواد الحافظة الذي كان معروفاً بسرعة تحمضه قد يكون سبباً وحيداً وراء عدم رغبة المستهلكين بدفع المزيد من الأموال لشراء أي نوع من أنواع النبيذ المصدق بيئياً، وذلك بالرغم من ثناء مزارعي وذواقي النبيذ على جودة الخمر المحضر من أعناب عضوية ومزارع حيوية، لكن سوء الفهم بأن جميع النبيذ المصدق بيئياً هو أسوأ، هو خبر جيد بالنسبة للمستهلكين لأنهم سوف يحصلون على نبيذ ذي جودة عالية ولكن بسعر أقل، بحسب ديلماس.
تأمل ديلماس بأن يلهم بحثها محضري النبيذ بالتباهي بأختام تصديق البيئة على زجاجاتهم بأكثر جرأة، وتشجيع المزيد من مخمرات النبيذ على اعتماد الممارسات البيئية، لأنه بالكاد 1 بالمئة من النبيذ الذي جرى تقييمه في هذه الدراسة كان مصدقا بيئياً، وثلثي مخمرات النبيذ في كاليفورنيا لا تسلط الضوء على هذه الاختام بسبب الشعور العام لزبائنهم بأن النبيذ ذو العلامة البيئية أقل جودة، على الرغم من دراسة سابقة لديلماس في 2014 أظهرت فيها أن المستهلكين لن يدفعوا أكثر لشراء النبيذ صديق البيئة، مما دفع لتضاؤل السعر، علماً بأن العديد من أصحاب الكروم لا زالوا يأخذون على عاتقها تكاليف الحصول على معاملات التصديق لتواجه ارتفاعاً يعادل 10 و 15 بالمئة من تكاليف الانتاج منذ أكثر من ثلاث سنوات مقارنة مع النبيذ المنتج من مزارع تقليدية.
حسب ديلماس يقول محضرو النبيذ أن “الطريقة البيئية هي الأفضل من أجل نوعية النبيذ، فهذه الطريقة تنتج الطعم الأنقى والمفعم بمكونات الطبيعة، لأنك عندما تستبدل المبيدات باليد العاملة تحصل على رعاية عالية للكروم، وعلى تحسن واضح في نوعية التربة وتعود بذلك كل مكونات الحياة من ميكروبات وحشرات ونحل وديدان وغيرها من الأمور التي تحتاجها في الزراعة”.
كما وجدت الدراسة تأثيراً أكبر للنبيذ الأحمر المصدق بيئياً الذي سجل 5,6 نقطة إضافية مقارنة مع 1,3 نقطة إضافية للنبيذ الأبيض الحاصل على التصديق المشابه. في حين كانت الزيادة المنسوبة للنبيذ الأبيض دون دلالة إحصائية، وتبرر ديلماس ذلك بشكل رئيس للحجم الأصغر لعّينة النبيذ الأبيض في الدراسة، وتوضح أن “هذه الدراسة لو كانت غير قاطعة لكنها تشير إلى أن النبيذ الأبيض أيضاً يرى تأثيراً إيجابياً ناتجاً عن التصديق البيئي”.
في حين أن أبحاث ديلماس السابقة قد أظهرت أن دافع محضري النبيذ الأكبر لاستخدام الممارسات البيئية هو تحسين جودة النبيذ، فهذا بالطبع ليس السبب الوحيد، ففي المزارع العائلية على وجه الخصوص حيثما يخطط أصحابها بترك الملكية لأبنائهم من بعدهم، هناك دافع رئيسي هو توفير بيئة أفضل وأنظف للأجيال القادمة.
على الرغم من أن البحث درس فقط النبيذ المحضر في ولاية كاليفورنيا، يتوقع فريق العمل تطبيق النتائج على مستوى واسع، حيث أن كاليفورنيا تنتج 90 بالمئة من نبيذ الولايات المتحدة، والدراسة الأولية عن النبيذ الفرنسي تظهر نتائج مماثلة، علماً بأن ديلماس تنتمي لمعهد البيئية والتنمية المستدامة أيضاً.
فاشرب نبيذك البيئي أحمراً كان أم أبيضاً فهو جيد للبيئة وأرخص من البديل ويظهر العلم أنه أفضل طعماً بقليل.
هامش: تم عرض هذا البحث لتبيان دور الاقتصاد البيئي في نشر المنتجات الصديقة للبيئة من خلال إرشاد وتوعية المستهلكين للإنتاج الأنظف، لأنه وسيلة لإدارة وتحسين صورة الصناعات وسمعتها، وتعزيز كفاءتها وجعل أسهم الرأسمال اقل إضرارا بيئيا.
يعد الإنتاج الأنظف الوسيلة الأكثر فاعلية وكفاءة في إدارة العمليات الصناعية وتصنيع مختلف المنتجات وتوفير أفضل الخدمات، وذلك لأنه يتدخل في جوهر:
-العمليات الإنتاجية: وذلك بحفظ المواد الخام والطاقة، وإزالة المواد الخام الخطرة وتخفيض كمية وسمية الانبعاثات والنفايات.
-المنتجات: من خلال التخفيض من آثارها السلبية على مدى دورة حياة المنتج، أي من لحظة استخراج المواد الأولية إلى نقطة التخلص النهائي منها.
-الخدمات: من خلال دمج الاعتبارات البيئية في التصميم وخدمات التوصيل.
مع الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع تكاليف صيانة الموارد الطبيعية، فإن نشر هذا التطبيق البيئي، كطرق جديدة في التفكير هو وضع “مربح-مربح”، حيث يتم تخفيض تكاليف الإنتاج وحفظ الطاقة وتقليل النفايات والانبعاثات وتقوية العلاقات مع المستفيدين من خلال الشفافية المتزايدة. هذا ما أرادته ديلماس من نشر هذا البحث، لأن المستهلك يبحث عن سلعة رخيصة قبل أن تكون نظيفة وصديقة للبيئة.