تدأب هيئة البيئة في أبوظبي في سبيل استعادة الأنواع التي كانت تشكل بعضا من بيئة إمارة أبو ظبي، وهي نجحت في حدود كبيرة من تحقيق إنجازات مهمة في هذا المجال، تمثلت في شكل أساس بالمحميات كخطوة تمهد السبيل لاستعادة التنوع الحيوي. وبصفتها الجهة الحكومية المسؤولة عن حماية جودة البيئة في أبوظبي، تواجه الهيئة الكثير من التحديات، وخصوصا على مستوى تغير المناخ، وجودة الهواء، والنفايات، وجودة المياه البحرية، وهي تندرج ضمن أولويات الهيئة في الخطة الاستراتيجية 2016 -2020.
وفي هذا المجال، تمكنت كاميرات المراقبة الليلية التابعة لهيئة البيئة في أبوظبي من رصد “قط الرمال العربي” Arabian sand cat إلى البرية في الإمارة، بعد مرور 11 عاماً من تسجيل آخر مشاهدة له. ورصدت الكاميرات وجود 3 من قطط الرمال العربية البرية في المنطقة الغربية من الإمارة. وأكدت الدكتورة شيخة سالم الظاهري المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في الهيئة أن رصد وجود القط الرملي في البرية من جديد بعد تسجيل آخر مشاهدة له قبل 11 عاماً في دولة الإمارات، يعتبر دلالة على توافر مكونات الحياة الطبيعية لهذا الكائن المصنف محلياً أنه مهدد بالانقراض.
مهدد بالانقراض
تجدر الإشارة إلى أن قط الرمال أو هِر الرمال هو من الحيوانات الثديية اللاحمة، تتبع عائلة السنوريات، ولا زال يعيش في الصحاري الأفريقية والآسيوية، بالرغم من تعرضهِ كبقية الثدييات لمطاردة العابثين، الذين يرمونه ببنادق الصيد، وأصبح وضعه قريباً من المهدد بالانقراض.
وهو من أصغر القطط، إذ يبلغ وزنه من 1.5 إلى 3.5 كيلوغرامات، أما طول جسمه فيتراوح بين 40 و 57 سم، بينما يصل طول الذيل من 30 سم إلى 35 سم، ويصل ارتفاعه عند الكتفين من 25 إلى 30 سم. وفي هذا النوع من الهررة يكون الذكر أكبر من الأنثى بنسـبة 25 بالمئة. ويتميز عن باقي الأنواع برأس كبير وعريض، وأذنان كبيرتان تكونان دائماً بوضع أفقي، وتساعدانه في التخفي وتبريد جسده في المناخ الصحراوي الحار.
ويغطي جسم قط الرمال شعر كثيف ناعم يحميه من بُرودة ليالي الشتاء، وجلده سميك جداً، وبه طبقة سُفلية من الفِراء، ويكون لون شعره رملي مُحمر، وقد يكون رماديا في بعض الأحيان، ويوجد بياض تحت العينين وعلى الوجنتين، وكذلك تكون الرقبة بيضاء، هذا وتوجد حلقتان سوداوان قبل نهاية الذيل، وينتهي الذيل بلون أسود، والأذنان بُنيتان باصفرار ويوجد خط أسود على أطرافها من الخلف، وباطن أقدامه الأربعة مكسوة بغزارة بشعر كثيف أسود يساعده في المشي على الرمال الحارة، وعدم الغوص فيها، وكذلك إخفاء آثار أقدامه، وهو كاليربوع الذي لهُ شعر في باطن قدميه يُساعده في القفز على الرمال.
اختبار للجينات الوراثية
وبحسب الهيئة في أبو ظبي، فقد رصدت كاميرات المراقبة الليلية من تصوير 3 قطط من هذا النوع، مبينة أن قط الرمال البري يعد من الحيوانات نادرة الوجود ويحب التخفي ولا يظهر إلا في ساعات الليل. وأشارت الدكتورة الظاهري في حديث إعلامي إلى أن “الهيئة خلال الوقت الحالي تسعى لزيادة تغطية مساحة أوسع بالكاميرات بما يضمن الحصول على معلومات أكثر وأوضح عن القط البري ورصد حركته والتأكد من الأعداد، وكيف يتعايش في المنطقة.
وقال الدكتور سالم جاويد مدير إدارة التنوع البيولوجي البري بالإنابة: “إن لدينا دلائل أكيدة على وجود قط الرمال العربي في المنطقة الغربية، حيث تم تأكيد وجوده من خلال 46 صورة تم التقاطها من خلال خمس كاميرات للمراقبة”. وأوضح أنه تم تسجيل وجود ثلاث قطط برية تم تحديد جنس أحدها وهو ذكر، في حين لم توضح الصور جنس القطتين الأخريين. وأوضح جاويد لـ “الاتحاد” الظبيانية أن “المشاهدة كانت تتم في منتصف الليل وحتى الساعة السادسة صباحاً، وبتوزيع كاميرات أكثر لتغطية مساحة أوسع في المنطقة التي تم اكتشاف وجود القطط فيها ستساعد على التعرف أكثر إلى حياة قط الرمال البري”.
وأفاد بأن هناك دراسة تقوم بها حديقة الحيوانات في العين لإجراء اختبار للجينات الوراثية للقط الرملي الموجود في الأسر، للتأكد من أصله وتحديد علاقة القطط الرملية ببعضها جينياً، وبناء عائلة صحية لها.
الأعداء الطبيعيين
وأعداء هذا الهر الطبيعيين في الصحراء بعد الإنسان، هي العقبان والبوم والضباع والثعالب، ولا يتعرض للافتراس إلا الصغار، لأن الكبار تستطيع الدفاع عن نفسها أو الهرب سريعاً. ويحفر قط الرمال جُحراً تحت الشجيرات المعمرة ويكون في آخره مكان مُهيأ للنوم، ويقول العلماء إنه في النهار يكون في وضع سُبات لا يتحرك البتة. وهو لا يلعق جسمه كباقي القطط، وذلك ليحافظ على الماء الذي في جسمه وكذلك للحفاظ على الطاقة، ففترة الصيف فترة طويلة لا يوجد فيها الماء، وجسمه مُتأقلم على العيش من دون ماء، وهو يستمد الماء من سوائل أجسام فرائسه.
وفي نهار الصيف الحار تكون درجة حرارة جُحر الهر أبرد من الخارج بمقدار ما بين 5 إلى 8 درجات مئوية، وذلك لوجود رطوبة في جُحره، ولبرودة استمدت من برد الليل، وعدم سقوط أشعة الشمس داخل الجُحر. وتعيش السلالة العربية من قط الرمال في شمال وادي عربة، وجنوب قطاع غزة، وصحراء النقب بفلسطين، وفي وادي رم بالأردن، وصحراء الربع الخالي، وفي الصحاري الشرقية والوسطى بالسعودية، وفي صحاري كل من الإمارات والكويت، واليمن وعمان وقطر. كما تعيش السُلالة العربية في صحراء سيناء والصحراء المصرية.
ويتكون طعامه من قوارض الصحراء وزواحفها والحشرات والطيور والحيات السامة. ومن عادته دفن الفرائس الكبيرة في الرمال ليعود لها ثانية عند الشعور بالجوع.