ثمة توجه بدأ يتبلور على مستوى العالم لجهة تكريس مفاهيم بيئية تتخطى الجانب النظري، يقضي بتحويل الأبنية المدرسية والجامعية إلى مؤسسات تربوية خضراء، تراعي الاستدامة وتعتمد بشكل كامل على الطاقة النظيفة، وهناك الكثير من الجامعات انطلقت في هذا المجال، ومنها الجامعة اللبنانية، إذ بدأت في التحول نحو الطاقة المتجددة وصولا إلى الاكتفاء الذاتي من الكهرباء المنتجة بطاقتي الشمس والرياح.
وفيما افتتحت العام الماضي (2015) أول مدرسة صديقة للبيئة في الشرق الأوسط تعتمد كليا على الطاقة الشمسية في بلدة الناقورة (جنوبي لبنان)، يتضمن نظامها التعليمي تدريس التلاميذ تدوير النفايات وحماية البيئة من التلوّث، أعلن قبل يومين في الأراضي الفلسطينية عن افتتاح أول مدرسة نموذجية خضراء في بلدة عقابا في محافظة طوباس شمال شرق الضفة الغربية.
ومن المتوقع أن تكون هذه المؤسسة التعليمية واسمها “مدرسة عقابا الثانوية للبنات” الخطوة الأولى في مسار التحول نحو الطاقات المتجددة في فلسطين، خصوصا وأن ثمة إنجازات تحققت في هذا المجال، فرضتها ظروف الاحتلال الإسرائيلي، ولا سيما في قطاع غزة، إلا أن الدعم المادي يبقى الأساس في إنجاز مشاريع كبيرة.
ثقافة بيئية صحية
وأقيمت هذه المدرسة التي تتسع لمئة وثلاثين طالبة فلسطينية، وفق معايير الدليل الإرشادي الفلسطيني للأبنية الخضراء، بكلفة وصلت إلى مليون و300 ألف دولار، مولتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية “يو إس إيد” USAID، من خلال برنامج الحكم المحلي والبنية التحتية المنفذ من قبل مؤسسة مجتمعات عالمية.
وسيوفر هذا المشروع بيئة تعليمية آمنة ومحسنة ترفع مستوى الوعي المجتمعي حول فوائد الأبنية الخضراء والممارسات الصديقة للبيئة، وجهزت المدرسة بالعناصر الخضراء الصديقة للبيئة التي تم دمجها في بناء وتشغيل المدرسة مثل أنظمة إعادة تكرير المياه والألواح الشمسية التي توفّر طاقة متجددة صديقة للبيئة، ونظام إعادة استخدام المياه الرمادية (العادمة).
وستقلل المدرسة الجديدة من مشكلة الازدحام في الصفوف الدراسية التي واجهت الطالبات خلال المراحل الدراسية السابقة. وتضم ثمانية صفوف دراسية ومكتبة ومختبر كمبيوتر ومختبر علوم.
ورأى وزير الحكم المحلي حسين الأعرج في كلمة الافتتاح أن “من شأن هذا المشروع تأسيس ثقافة بيئية صحية، ورفع مستوى الوعي المجتمعي حول فوائد الأبنية الخضراء والممارسات الصديقة للبيئة، بالإضافة إلى أهمية هذا البناء الأخضر في تحقيق أقصى درجات الاستفادة من الطاقة الشمسية”.
مشاريع اقتصادية تنموية
وأكد الأعرج سعي الوزارة لدعم كافة الهيئات المحلية وتشجيعها نحو الاستثمار وإقامة وتنفيذ مشاريع اقتصادية تنموية محلية بالشراكة مع القطاع الخاص، مشيدا بنجاح فكرة مشروع المدرسة الخضراء، وأهمية أن تشكل هذه المدرسة نموذجا يحتذى به على مستوى كافة محافظات الوطن.
أما نائبة القنصل الأميركي العام في القدس دوروثي شيا، فقالت بالمناسبة “نحن نعرف أنه عندما تنجح المرأة، يزدهر المجتمع. وبافتتاح هذه المدرسة اليوم نؤكد مجددا التزامنا في تشجيع التعليم للفتيات”.
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة قدمت من خلال الوكالة الأميركية للتنمية منذ عام 1994 ما يزيد عن 4,9 مليار دولار أمريكي لبرامج ومشاريع تدعم الديموقراطية والحكم الرشيد، وتحسين مستوى التعليم والصحة وتقديم مساعدات إنسانية وتطوير القطاع الخاص وتطوير البنية التحتية ومصادر المياه.
ومنذ عام 2000 قامت الوكالة ببناء 3106 غرف صفية، إضافة إلى تجديد وإعادة تأهيل 1255 غرفة. ونتيجة لهذه المشاريع، فإن 200 ألف طالب يدرسون في صفوف تم بناؤها أو إعادة تأهيلها من قبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وافتتحت المدرسة برعاية رئيس الوزراء رامي الحمد الله، ومحافظ طوباس والأغوار الشمالية ربيح الخندقجي، والقائم بأعمال رئيس بعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الضفة وغزة هاورد سيمكا.