أبرز المستجدات الداهمة التي تواجه إنفاذ خطة النفايات التي اصطلح على تسميتها بـ “خطة المطامر البحرية”، تتعلق باعتراض “حزب الكتائب” على مباشرة العمل بعقد انشاء وتجهيز مطمر برج حمود – الجديدة – البوشرية والانشاءات البحرية التابعة له.
ولقد عبر “الكتائب” عن اعتراضه من خلال تحركات ميدانية عدة، آخرها التحرك الذي نفذ الاسبوع الماضي، والذي وصل الى حد تعطيل عمل الجرافات والشاحنات من خلال مصادرة مفاتيحها ومنع العمال من اكمال عملهم. الاتصالات السياسية التي تلت هذا التحرك حاولت الايحاء ان خطوة “حزب الكتائب” سوف تمر باقل اضرار ممكنة، وان الاتفاق السياسي يقضي بعدم تعطيل العمل في تجهيز مطمر برج حمود، وان حزب الكتائب نفسه الذي استقال من الحكومة بسبب عدة قضايا خلافية ابرزها ملف النفايات، لن يستمر بنفس السقف العالي في رفضه مطمر برج حمود، دون ان يعني ذلك انه سيتراجع عن موقفه الرافض لهذا المشروع. لكن المعلومات التي جرى تسريبها خلال اليومين الماضين، تفيد ان جميع المراجعات السياسية مع رئيس الحزب النائب سامي الجميل لم تصل الى تسوية حول هذا الموضوع، وان سقف “حزب الكتائب” تجاه رفض مطمر برج حمود يرتفع يوماً بعد يوم.
يؤكد مصدر كتائبي لـ greenarea.info ان النائب الجميل موجود حالياً خارج البلاد، وان احداً لم يراجعه بموضوع مطمر برج حمود او اي مسألة تتعلق بخطة النفايات. ويضيف المصدر: “موقفنا واضح ويتطابق مع قرار مجلس الوزراء، اولاً نريد ان يتم انجاز دراسة الاثر البيئي للمشروع قبل مباشرة العمل، وثانياً نريد البرهان ان نسبة استرداد النفايات قبل الطمر ستصل الى ٧٥ بالمئة من اجمالي الكمية، كما نص قرار مجلس الوزراء المتخذ بداية عام ٢٠١٥، وهذا الامر لم يتم الالتزام به في دفتر الشروط الذي اطلق مجلس الانماء والاعمار المناقصة الجديدة بالاستناد اليه، وذلك يعني انه يريدون ان يطمروا جميع انواع النفايات دون اي معالجة تذكر، وهذا الامر لن نقبل به ولن نساوم عليه لانه يتعلق بصحة الناس وبسلامة البيئة. اساسا شرط المعالجة الكاملة قبل الطمر هو شرط حزب الطاشناق عندما وافق على المطمر، وبالتالي، فالاعتراض ليس من حزب الكتائب فحسب، بل من جميع الحريصين على ان يكون هناك معالجة للنفايات وطمر للعوادم فقط”.
في المقابل هدد الفريق الحكومي باستخدام سلاح “ذو حدين” في مواجهة التعطيل الكتائبي لانشاء مطمر برج حمود، من خلال اعطاء التوجيهات الى “مجلس الانماء والاعمار” بإبلاغ شركة “سوكلين” وقف جمع النفايات في نطاق قضاءي كسروان والمتن ، بحجة ان نفايات هذه المنطقة الخدماتية يفترض ان يتم تجميعها في موقف التخزين المؤقت في برج حمود، بانتظار انجاز الخلية الاولى للمطمر ودفنها هناك، وان تعطيل انشاء المطمر يعني ان نفايات المتن وكسروان سوف تبقى في الشارع.
لكن كيف يمكن تجيير هذه الخطوة، في ما لو تم تنفيذها، لصالح اعادة فتح المطمر، وتعطيل الاعتراض الكتائبي؟ الاجابة عن هذا السؤال تحيلنا الى مواقف القوى السياسية الاخرى لا سيما “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” و”حزب الطاشناق” والرئيس ميشال المر، اذ ان جميع هذه القوى اتخذت موقفاً محايداً من الاعتراض الكتائبي، فهي من جهة توافق عليه ضمنياً تماهياً مع الجو الشعبي العام الرافض للمطامر، لكنها مسؤولة من جهة اخرى، من خلال البلديات المنتخبة حديثاً ومن خلال حضورها السياسي والشعبي، لناحية ان تضمن عدم بقاء النفايات في الطرقات كما حدث في تموز (يوليو) ٢٠١٥، عندما اقفل مطمر الناعمة امام الشاحنات. وبانتظار ما ستؤول اليه الاتصالات السياسية خلال اليومين المقبلين، من المرجح ان ينضم قضاءا كسروان والمتن الى قضاءي عاليه والشوف في استعادة مشهد تكدس النفايات في الشارع، وبالتالي فإن المرفق الوحيد الذي سيكون جاهزاً بعد فترة قصيرة لاستقبال النفايات، هو مطمر “الكوستابرافا” في الشويفات والمخصص لاستقبال جزء من نفايات بيروت والضاحية الجنوبية.
مشكلة اخرى تواجه ملف النفايات منذ فترة ولا تزال تتفاعل، تتعلق بقرار بلدية بيروت إطلاق مناقصة مستقلة لتحويل النفايات الى طاقة. ولقد احال مجلس الوزراء هذه القضية الى الفريق الفني المركزي برئاسة وزير الزراعة أكرم شهيب، في خطوة تهدف الى الإلتفاف على استعجال بلدية بيروت اطلاق مناقصة مستقلة.
لكن الحوار مع بلدية بيروت حول هذه المسألة ليس الموضوع الوحيد الذي يفترض ان يعمل عليه الفريق المشكل، بناء على قرار مجلس الوزراء، ويضم ممثلين عن الوزارات المعنية، ويعاونه ممثلين عن برنامج الامم المتحدة الانمائي والجمعيات المدنية. فهناك العديد من البلديات واتحادات البلديات التي عبرت عن رغبتها بإدارة اعمال معالجة النفايات، وجميع هذه المبادرات لا تزال ارتجالية ولم تخضع للنقاش العلمي، خصوصاً لجهة التقنيات التي تم تبينها لمعالجة النفايات.
على صعيد نتائج المناقصات، يفترض ان يجتمع مجلس الادارة في “مجلس الانماء والاعمار” يوم الخميس المقبل للاطلاع على التقرير الفني المتعلق بملفات الشركات التي تقدم الى مناقصتي الجمع في كسروان والمتن وبعبدا والشوف وعاليه، على ان يتخذ قرارا بفتح العروض المالية يوم الجمعة المقبل. ولقد تأخر الاستشاري رفيق خوري أكثر من اسبوعين لدرس الملفات التقنية والادارية للعارضين، في حين لم يعرف بعد مصير مناقصة المعالجة ومتى سيتم اتخاذ قرار بشأن العروض التقنية والادارية تمهيداً لفتح العروض المالية.
أما في ما يتعلق بمناقصة الاشراف على المطامر، فقد اتخذ القرار بالموافقة على نتائجها رغم الانتقادات الواسعة التي طاولتها لجهة السعر البخس الذي قدمته رفيق الخوري وشركاه، التي فازت بمناقصة الاشراف على مطمر برج حمود، والمجموعة المندمجة (دار الهندسة – نزيه طالب وشركاه وشركة الحلول البيئية المستدامة) التي فازت بمناقصة الاشراف على مطمر الكسوتابرافا، ولقد اتخذ “مجلس الانماء والاعمار” قراراً بالتعاقد مع شركات استشارية اجنبية للقيام باعمال رقابة دورية على الرقابة التي ستجريها الشركات الاستشارية الفائزة، في محاولة للايحاء ان اعمال الرقابة سوف تتم وفق المعايير الموضوعة، علماً ان شكوكا كبيرة تطاول هذه الرقابة التي لن تتجاوز كلفتها الشهرية ٦٥٠٠ دولارا اميركيا!