عقد في العام 1989 مؤتمر بتمويل من منظمة “الفاو” في مدينة برن عاصمة سويسرا،  تحت عنوان تطوير التعليم التقني الزراعي، وكان لي شرف الحضور والمشاركة، وأكثر ما لفت نظري أنه في ذلك العام أصدرت سويسرا قراراً بمنع استخدام الاسمدة الكيميائية والمبيدات الكيميائية، بينما أصدرت فرنسا قرارا بحظر استخدام تلك الاسمدة والمبيدات تمهيداً لمنع استخدامها في العام المقبل. ولما سألت المحاضر “لماذا تنتجونها إذاً طالما تمنعون تداولها؟”، جاء جوابه مفاجئا “ننتجها لبلدانكم لأنكم أنتم تطالبون بها”. صحيح أننا مع استراتيجية المكافحة المتكاملة للآفات حالياً، لكن هذا لا يمنع من الانتقال للبحث عن مستخلصات المصادر الطبيعية النباتية لأن فيها العلاج الشافي.

تعد سوريا من البلاد المنتجة والمصدرة للتفاح، وهو محصول اقتصادي واستراتيجي ذو قيمة غذائية عالية، وثمار التفاح قابلة للتخزين للاستهلاك في أوقات مختلفة غير الإنتاج أو للتصدير. إلا أن عملية تخزين ثمار التفاح تعاني من صعوبة كبيرة نتيجة وجود عفن التخزين الذي تصاب بها الثمار، وثمة صعوبة في منع الإصابة بالطرق الفيزيائية والتحكم بظروف المخزن. يلجأ عدد كبير من المزارعين بمعاملة الثمار بالمبيدات الفطرية لتخفيض نسب الإصابة بأعفان التخزين. ولعملية معاملة الثمار بالمبيدات الفطرية آثار سلبية كبيرة على نوعية الثمار وتترك متبقيات سامة للمبيد أو نواتج تحلله في الثمار، ما يضر بالمستهلك، وكما تؤدي إلى مشكلة اقتصادية بإيقاف تصديره، حيث أن أغلب البلدان المستوردة تشترط خلو التفاح من الأثر المتبقي للمبيدات، لكونه من الثمار التي تؤكل دون أي معالجة حرارية، كما يفضل عدم تقشيره. من هنا جاءت أهمية البحث عن إيجاد بدائل طبيعية لمكافحة فطريات أعفان التخزين في المخزن، دون الإضرار بالبيئة والصحة العامة وسلامة الإنسان، والمحافظة على الغابات ودوام استمراريتها.

تعزى قلة الابحاث في هذا المجال (البحث عن المستخلصات النباتية الطبيعية) إلى وجود بدائل أخرى كالمكافحة الكيميائية المتوفرة من قبل الشركات العالمية بشكل واسع النطاق، لكن بعض الاطلاع على منشورات العديد من المراكز البحثية في المنطقة العربية تبين أن هذه الدراسات منتشرة في أغلب الدول العربية، إن كان في سوريا ومصر ولبنان والسعودية والعراق وغيرها، كل هذه الابحاث انتقلت إلى الأنواع المنتشرة في الطبيعة، منهم من تعامل مع مستخلصات الثوم والبصل والزنجبيل أو مستخلصات الاوكاليبتوس، والبعض الآخر ذهب إلى الزيوت الطيارة الموجودة في عريانات البذور مثل السرو والصنوبر والارز اللبناني، وكلها أثبتت صلاحيتها لكن اختلفت بنسب تركيز المادة الفعالة للمستخلص المستخدم وحققت نتائج مجدية.

والهدف بالنهاية هو الوصول إلى منتج طبيعي نظيف، صحي للإنسان والبيئة في آن معا.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This