يتهدد خطر جديد بيئة المحيطات الهشة أصلاً، وكأن ما تشهده بحار ومحيطات العالم من كوارث لم يكفِ حتى الآن لدق ناقوس الخطر، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة والصيد الجائر، فضلا عن التحمض الذي يهدد البيئة البحرية في مختلف أنحاء العالم.
ويتمثل الخطر الجديد بمنح رخصة لحفر أول منجم في قاع المحيط، إلا أن هذا المشروع، وبحسب المنظمة العالمية “آفاز” AVAAZ يعاني من صعوبات لجهة توفير وإيجاد التمويل اللازم، ومن هنا، يمكن لحركة احتجاج عالمية أن تتمكن من وأده والقضاء على فكرة التعدين في أعماق البحار من أساسها.
وأكدت “آفاز” أن ثمة شركة تعدين كندية حصلت على رخصة لتنفيذ فكرة وصفتها بـ “غير عقلانية”، وهي تتمثل بحفر أول منجم في العالم في قاع المحيط، ما قد يتسبب بكارثة بيئية تهدد الكوكب بأكمله.
عواقب العبث بالبيئة البحرية
وقالت “آفاز” في سياق حملتها: “جميعنا يعلم مدى خطورة المناجم وتأثيرها المدمر على النظم البيئية على اليابسة، فتخيلوا النتائج الكارثية في حال بدأت الشركات بحفر قاع المحيط بحثاً عن المعادن. عمليات الحفر والتنقيب هي آخر ما تحتاجه بيئة المحيطات الهشة والمحتضرة أصلاً”.
لكنه من ناحية ثانية، اعتبرت “آفاز” أن الخبر الجيد هو أن هذه الشركة تواجه صعوبات في إيجاد التمويل اللازم لبدء مشروعها، ورأت أنه “إذا بدأنا بحملة احتجاج كبيرة ضد تنفيذ المشروع فسنتمكن من إخافة المستثمرين، ووأد هذا الخطر الذي يهدد النظم البيئية قبل أن يرى النور”، وطالبت “بالتوقيع على العريضة التي سيتم تسليمها إلى جميع المستثمرين المحتملين، كما سيتم إطلاق حملة مناصرة لها من أجل الدفع باتجاه تنفيذ مطلبنا”.
وتم اختيار موقع المنجم ضمن المياه الإقليمية لبابوا غينيا الجديدة، بالقرب من أحد أغنى المواقع في العالم لناحية التنوع البيولوجي، حيث تتميز النظم البيئية هناك بالغنى، وتعد موطناً للكثير من المخلوقات الصغيرة والكبيرة، بدءاً من الشعاب المرجانية المفعمة بالحياة وصولاً إلى حيتان العنبر الضخمة. وقالت “آفاز” أنه في ظل هذه المعطيات “لكم أن تتخيلوا النتيجة الكارثية في حال عدم تصدينا لهذا النوع الجديد من الصناعات”.
وأضافت “آفاز”: “تعاني شركة التعدين الجديدة هذه من مشاكل مالية، وينطوي مشروعها في التنقيب عن المعادن في قاع المحيط على مخاطر عدة. لكن إن استطعنا زرع الشك في قلوب المستثمرين حيال نتائج تمويله فقد نتمكن من إيقافه ودفع الشركة نحو الإفلاس، وإرسال رسالة واضحة إلى شركات التعدين في جميع أنحاء العالم حيال عواقب العبث بالبيئة البحرية في محيطاتنا”.
الحفاظ على هذا الكوكب
وأضافت: “نحن في خضم معركة عالمية من أجل الإبقاء على التوازن بين البشر والطبيعة. وهذا التوازن ضروري من أجل تنمية مستدامة، ومن أجل ضمان بقائنا وبقاء باقي المخلوقات على قيد الحياة. إنها معركة بين الجشع والمنطق العقلي”.
ويؤكد العلماء على مدى ترابط النظم البيئية المختلفة بعضها ببعض، وقالت “آفاز” أن “البشر يعتمدون مثلاً على مخلوقات مجهرية مثل البلانكتون لضمان بقائهم، مثلما يعتمدون على مخلوقات أكبر كقنافذ البحر للغاية ذاتها أيضاً. وعادة ما يتم تصوير البشر كفيروسات قاتلة للنظم البيئية. لكن حراك “آفاز” هذا لا يؤمن بذلك، لأنه حراك البشر الساعين إلى حماية وخدمة الطبيعة والعيش بتناغم معها”.
وختمت المنظمة بيانها: “من هذا المنظور، فإن هذه الحملة هي جزء من دورنا الذي نلعبه في نظامنا البيئي من أجل الحفاظ على هذا الكوكب، لأنه موطننا الوحيد في النهاية. ونحن، في فريق عمل آفاز، نشعر بالامتنان للعب هذا الدور مع جميع أعضاء مجتمعنا في مثل هذه اللحظة الحاسمة”.