لأن البيئة ثقافة وحضارة وقِيَمٌ مُثلى، ولأنها تمثل الجمال في تجليات الطبيعة، وكذلك في سائر الإبداعات الانسانية، يولي “مسرح اسطنبولي” اهتماما بالبيئة الثقافية، ولا سيما من خاصرة المسرح، بعد أن تمكن من كسر حصرية المدينة في امتلاك المسارح، ليساهم في تعميم ثقافة الفن المسرحي.
وفي هذا السياق، إنطلقت فعاليات “مهرجان لبنان المسرحي الدولي” في مدينة النبطية في جنوب لبنان بحضور ممثل وزير الثقافة روني عريجي المدير العام للشؤون الثقافية إفراز الحاج، ممثل وزير السياحة ميشال فرعون مدير لجنة المهرجانات ربيع شداد، رئيس بلدية النبطية الدكتور أحمد كحيل، الملحق الثقافي الايطالي إدواردو كريزافواي، الملحق الثقافي الفرنسي إيريك ليبس، وفد من الريجي ممثلاً المهندس ناصيف سقلاوي، ممثل اللواء المدير العام لقوى الامن الداخلي الرائد حسين حسن وحشد من الاهالي والطلاب.
افتتح المهرجان بكرنفال الشارع إنطلق من وسط المدينة وصولاً الى “سينما ستارز” التي تزامن المهرجان مع إفتتاحها بعد 27 عاماً من الغياب، لتسجل أول مهرجان مسرحي في تاريخ النبطية، بمشاركة فرق مسرحية محلية وعربية وأجنبية، وعلى وقع الموسيقى والعروض الكشفية والرياضية إفتتحت صالة السينما بمعرض صور وملصقات من أرشيف السينما العربية والاجنبية، وعرضت محتويات ومعدات سينمائية قديمة، وعلى شاشة العرض العتيقة منذ العام 1989 عرض فيلم قصير عن مشروع تأهيل سينما ستارز لطلاب مسرح إسطنبولي والشباب المتطوعين.
حالة ثقافية فريدة
من ثم قدمت المخرجة الاسبانية آنا سندريرو ألفرس كلمة خاصة للمهرجان من قبل الكاتب الاسباني الشهير “فرناندو أرابال” وجاء فيها “تحية الى لبنان والى النبطية ومسرح إسطنبولي على إفتتاح مكان ثقافي للجميع في الوقت الذي تقفل فيه بعض المسارح في العالم، وهنيئاً لكم هذا العرس الثقافي الذي يتحدى الانظمة، وأتمنى أن أكون بينكم يوماً ما … فرناندو أرابال”.
وقالت إفراز الحاج باسم وزارة الثقافة “نحن اليوم أمام حالة ثقافية فريدة في لبنان تتمثل بفريق مسرح إسطنبولي الذي يتمدد من صور الى النبطية، من خلال إعادة إفتتاح منصات ثقافية وتأسيس مهرجانات ومحترف تدريبي للشباب في المناطق المهمشة، وهذا بدعم من الوزارة التي تعمل على الانماء الثقافي المتوازي في كل المناطق اللبنانية”، ورأت أن “مشروع إسطنبولي هو تجربة نموذجية يجب أن تعمم في لبنان”.
واعتبر ربيع شداد في كلمة وزارة السياحة أن “هذا الحدث هو أكبر دليل على السياحة الثقافية في الجنوب من خلال الوفود المشاركة من دول عربية وأجنبية، مما يفعل المسرح في لبنان من خلال التلاقي والعروض”.
مقاومة فنية وحضارية وإنسانية
فيما إعتبر الدكتور أحمد كحيل أن “الشراكة مع الشباب في هذا المشروع وتفعيل دور البلدية في الانماء الثقافي، من شأنه أن يضع النبطية على الخارطة الثقافية في لبنان، فما نشهده هو ولادة ثقافية ومقاومة فنية وحضارية وإنسانية من خلال المسرح والفن” .
وقال قاسم إسطنبولي “تجربتنا الثانية تتمثل بالشباب المتطوعين الذين أعادوا الحياة لهذا الفضاء، وأثبتوا أن أي مشروع ثقافي لا يحتاج الى أموال طائلة بل الى إيمان وحب وطاقة، والمهرجان يغير المعادلة الثقافية كونه ينطلق من الجنوب الى العاصمة، وشكراً لكل من ساهم ودعم هذه التظاهرة المسرحية في ظل غياب السياسات الداعمة للشباب في لبنان”.
وافتتحت العروض بمسرحية “ساناتا الرصاص” للمخرج حسين جوير، تأليف جميل الرجة وتمثيل أحمد شوقي ونور حميد، وتناول العرض عالم المتاهة في زمن الحرب ولغة الرصاص التي تعصف بالعالم العربي بأسلوب عبثي وسخرية سوداء”.
هذا ويستمر المهرجان حتى 26 الجاري ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان التي تتنافس فيها العروض على جائزة أفضل ممثل وممثلة وإخراج ونص وسينوغرافيا، وجائزة حسن كامل الصباح لافضل عرض متكامل، وتضم لجنة التحكيم كل من المخرج العراقي كاظم النصار والمخرج رعد سعيد من كردستان والدكتورة وطفى حمادة من لبنان.