بعد طول انتظار، ستنعم مدينة صور بمشروع نموذجي يليق بموقعها السياحي والحضاري، وهو مشروع بيئي بامتياز، عبارة عن محطة حديثة لتكرير مياه الصرف الصحي، لا تقتصر على المدينة فحسب، وإنما تطاول أيضا عددا من قرى وبلدات القضاء، ما يعني أن منطقة صور في طور استكمال أحد أهم المشاريع التي تبقيها في منأى عن التلوث، وتحمي مصادر مياهها وينابيعها، فضلا عن حماية البيئة البحرية التي تعتبر واجهة المدينة والقضاء.
كان من المفترض أن ينجز المشروع قبل مدة، إلا أن أمورا استجدت حالت دون أن يبصر النور بسائر مرافقه المقررة، إلا ان جهودا تبذل في هذا المجال سهلت معاودة العمل، بحيث أكد رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق لـ greenarea.info أن “المشروع سينجز نهائيا في أقل من سنة”.
الأولى من نوعها في المنطقة
تجدر الإشارة إلى أن ثمة تعاونا بين بلدية صور واتحاد بلديات القضاء، وهذا المشروع يعتبر ثمرة تعاون بين البلديات المعنية، وهو عبارة عن محطة تكرير مياه الصرف الصحي ستقوم بمعالجة المياه المبتذلة لمدينة صور وضواحيها، وقطعت الأشغال في المحطة الواقعة في “منطقة البقبوق” شمال المدينة مرحلة متقدمة، ومن المتوقع ان تكون جاهزة للعمل قريبا، وهذه المحطة هي الأولى من نوعها في المنطقة، وقام بتمويل إنشائها البنك الأوروبي للاستثمار بمبلغ قيمته 45 مليون يورو، ويشرف على تنفيذها “مجلس الإنماء والإعمار”.
ويلبي مشروع محطة التكرير تمديد قسم كبير من الشبكات، وإنشاء عدد من البرك الدائرية والمستطيلة، التي ستجري فيها معالجة المياه المبتذلة، والاستفادة منها في ري المزروعات، وضخ قسم منها إلى عمق ألف متر في عرض البحر، بعد خضوعها للمعالجة، فيستفيد منه نحو 280 ألف نسمة غالبيتهم في منطقة صور وبعض من قرى بنت جبيل. كما يمكن توسيعه ليستفيد منه أربعمئة ألف نسمة.
رئيس بلدية صور
وقال دبوق لـ greenarea.info: “بالنسبة لمعالجة مياه الصرف الصحي لمدينة صور بشكل أساس، ولأكثر من عشرين قرية وبلدة محيطة بالمصب الحالي العشوائي الملوث للبحر هو الموجود بجانب الميناء التجاري”، ولفت إلى أن “الخطوات العملية لمعالجة هذه المشكلة التي تفاقمت مع الوقت بدأت من اكتر من خمس عشرة سنة، ويهدف المشروع حاليا للتخلص من التلوث الناتج عن وصول المياه المبتذلة إلى البحر”.
وأضاف: “يقسم إن المشروع الى ثلاثة اقسام رئيسية، القسم الأول مخصص لإنشاء شبكات لتجميع المياه وجرها نحو المحطة، والقسم الثاني لإنشاء المحطة، أما القسم الثالث فيتمثل في انشاء مهرب المياه البحري sea outfull، ولبعض معالجات المياه او الضغط الشديد، وهو الـ overflow، وقد تم انجاز القسمين الاول والثاني من المشروع باستثناء محطة ضخ صغيرة قيد الانجاز، والمحطة جاهزة من مدة والمهرب البحري بدأ العمل فيه الصيف الماضي مع تسجيل فترة تعطيل قصيرة في الشتاء”.
وأشار إلى أن “بدء التشغيل ينتظر انتهاء المرحلة الاخيرة، وكأبعد احتمال نتوقع انجازها قبل مرور سنة”.
واعتبر دبوق “هذا المشروع حلا لمشكلة مياه الصرف الصحي، لكن عمليا يبقى هناك تحد متمثلا في كيفية ادارته والخطوات المطلوبة لتحسينه، من ناحية تكميلية وأساسية، مثلا حين يتم تجميع مياه الصرف الصحي مع مياه الامطار combined system، وايضا خطوات تشغيل المشروع والمحافظة عليه ومساهمتنا في انجاحه، خصوصا في الاماكن التي فيها انظمة جمع مياه صرف صحي وأمطار، فهذه من المفروض أن تبدأ، لانة قد تتسبب بتعطيل دور المحطة في استقبالها كميات من المياه تفوق قدرتها الاستيعابية بأضعاف مضاعفة ما قد يؤدي الى خلل في عمل المحطة”.
وقال: “نريد المساعدة من الجميع من ناحية فصل مياه صرف الامطار عن مياه المجاري، وهذا يتطلب اخذ موافقة الوزارات المختصة بكيفيه توجيه مياه الامطار، اما بالنسبة لمدينة صور، فإن المصافي منفصلة عن المجاري الصحية ويتم صرفها على البحر مباشرة”.
وأكد دبوق أن “ما نحتاجه فعلا لانجاح المشروع هو ان نتساعد للتخفيف من حدة هذا التلوث، ومن الكوارث التي تواجهنا، خصوصا وأن موقع المدينة في قلب البحر من ثلاث جهات والتلوث سيطاولنا”.
وعن الجهات الممولة، قال: “مول المشروع بنك الاستثمار الاوروبي منذ فترة طويلة، وتم تنفيذ هذه المراحل من خلال هذا التمويل، وبالتأكيد يجب أن يكون هناك قسم من التمويل محليا، هذا السؤال تفاصيله لدى إدارة المشروع والشركات التي نفذت، وطبعا هي شركات عدة، وكل شركة متخصصة بناحية معينة، فالشبكات نفذتها (شركة الدنش)، والمحطات (شركة الدنش) بموجب بروتوكول تعاون مع شركة فرنسية، شركات عالمية تتقدم لتنفيذ هذه المشاريع، المنفذ المحلي (شركة خوري) والمهندسين والعمال والآليات محلية، طبعا لانعاش الاقتصاد على مستوى المدينة”.
مستوى المعالجة
وعن مستوى المعالجة، قال: “مستوى المعالجة الثانوية الـ secondary treatment وهذا المستوى كافٍ حاليا اذا تم الالتزام به بشكل جيد، بالتأكيد هناك مستويات معالجة في العالم تصل إلى حد أن تعود المياه صالحة للشرب، ولكن بما يخصنا في لبنان فهذا المستوى مع مهارب الصرف التي تمتد لـ ٨٠٠ متر و ١٠٠٠ متر هي آمنة وتحل مشكلة التلوث”.
النفايات الصلبة
وعن مشكلة النفايات الصلبة، قال: “من الطبيعي أن نولي اهتماما بمحطة الصرف الصحي، ومع تنفيذ المشروع كاملا، نكون قد تجاوزنا أول مشكلة، وعلى أمل أن نستتبعه بخطوات عملية للتخلص من المشكلة الاكبر، ألا وهي النفايات الصلبة، لان هذه المشكلة هي عبارة عن قنبلة موقوتة تسممنا كمدن ساحلية منتشرة فيها المكبات العشوائية”.
وأضاف دبوق: “إن مشكلة النفايات الصلبة لا تقل خطورة، وهي تساهم في تلويث المياه الجوفية، ما يعني أن هذا التلوث يطاول البحر أيضا من مصادر برية، ولو بشكل غير مباشر”.