إعتاد البيئيون في السنوات الاخيرة الحديث عن تداعيات الاحترار المناخي على مختلف النواحي، وأهمها ذوبان الجليد في القطب الشمالي والجنوبي. وفي حين يحاول البشر التأقلم مع تلك التغيرات، على امل الحد منها في المستقبل القريب، تحاول شريحة معينة الاستفادة قدر المستطاع عبر استكشاف المناطق التي لم يكن الوصول اليها سهلاً والتي باتت قريبة المنال بسبب التغيرات المناخية الحاصلة.

في هذا السياق، وبين متحمّس وغاضب، انطلقت في 16 آب- أغسطس السفينة السياحية “كريستال سيرينيتي“في اول رحلة من نوعها لتشقّ طريقها عبر ما تبقى من جليد مكوّم بين المحيطين الاطلسي والهادىء.

فقبل سنوات، كانت الملاحة البحرية في أقصى شمال الأرض بين المحيطين مستحيلة بسبب الجليد، الا انها باتت الآن ممكنة بسبب الاحترار المناخي. فانطلقت “كريستال سيرينيتي” وعلى متنها 1700 شخص منهم ألف سائح، في رحلة تستمر شهراً كاملاً. وأبحرت السفينة البالغ طولها 250 متراً من سيوارد في ألاسكا ومن المقرر أن تصل إلى نيويورك في 17 أيلول – سبتمبر بعد المرور قرب “غرينلاند”، وترافقها في هذه الرحلة كاسحة الجليد البريطانية “ار ار اس شاكلتون”.

 

 

انتقادات .. بالجملة

هي المرة الاولى في التاريخ التي تنطلق فيها سفينة سياحية بهذا الحجم في رحلة اجتياز الممر الشمالي الغربي الذي يمتد على 1500 كيلومتر. الامر الذي أثار حماسة كبيرة في الأوساط السياحية،خصوصاً وان القطب الشمالي بات متاحاً امام حركة الملاحة بعد ان كان من المناطق القليلة التي ما تزال محمية على سطح الارض.

في هذا السياق، اعتبر بعض نشطاء البيئة ” ان الشركة تبني أعمالها على انقاض ما تبقى من كبرى المحميات الطبيعية في الارض.”وانتقد موقع “سلايت” الاخباري هذه الرحلة في مقال عنيف واصفاً الشركة السياحية بانها مثال عن الشركات الاستهلاكية التي لا يوقف جشعها شيء.

وقال الصحافي ويل اوريموس “انها رحلة تاريخية تؤرخ لفتح آخر حدود الارض. لكنها ايضا تلوث، وديزل، ونفايات، وتدمير للجليد، ولما تبقى من كوكب الارض”.

وقالت الينا اغاركوفا المسؤولة في الصندوق العالمي للطبيعة ان الشركة السياحية اتخذت اجراءات كثيرة للحد من الاضرار على البيئة، لكن ذلك لا يلغي القلق على سلامة الحياة البرية وعلى معيشة السكان الاصليين هناك.

وأضافت “السفن مثل كريستال سيرينيتي هي أشبه بالمدينة العائمة، يعيش فيها 1700 شخص، وهي لا شك ستلقي كميات كبيرة من الصرف الصحي” في المياه.”

ودعت الينا اغاركوفا الدول المعنية الى “اصدار تشريعات لحماية الطبيعة في هذه المنطقة، وليس الاكتفاء بالتحرك بعد وقوع الحوادث.أثار حفيظة  نشطاء البيئة وانتقادات في صفوف المنظمات البيئية .”

تكاليف باهظة !

وصلت السفينة يوم الجمعة 27 آب – أغسطس الى الاراضي الشمالية الغربية، وستختتم المرحلة القطبية من جولتها في الرابع من ايلول-سبتمبر، على ان تتجه بعد ذلك الى نيويورك.

وقال مدير شركة “كريستال” ايدي رودريغز في بيان “كل جزء من هذه الرحلة لم يسبق له مثيل في قطاع السياحة البحرية الفاخرة، وفي قطاع السياحة بشكل عام”.

ويمكن للركاب ان يمتعوا انظارهم بالمشاهد الخلابة في القطب الشمالي، ورؤية الدببة من داخل مروحيات تقلع من السفينة وتهبط عليها.

اما في السفينة نفسها، فان وسائل الترفيه متعددة من مراكز الاستجمام الى احواض السباحة والمطاعم والمتاجر الفخمة.

وقد دفع كل من المسافرين في هذه الرحلة التي لم يسبق لها مثيل 22 ألفاً إلى 120 ألف دولار، علماً أن التحضير لها استغرق ثلاث سنوات، لتجنب أي أمر من شأنه أن يقلب هذه المغامرة المثيرة إلى مأساة. وإضافة إلى تكاليف الرحلة، اشترى كل مسافر عقد تأمين بقيمة 50 ألف دولار لتغطية نفقات إجلاء الركاب في حال وقوع طارئ.

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This