بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة من النقاشات، خلص اجتماع لجنة المال والموزانة النيابية الى دعوة اتحادات البلديات في قضاءي كسروان والمتن الى اجتماع ثان، يعقد عند العاشرة والنصف من يوم الاربعاء المقبل، لمتابعة البحث في الازمة المستجدة بعد وقف التخزين المؤقت في منطقة برج حمود، واستمرار الاعتصام الكتائبي المفتوح رفضاً لبدء اعمال تجهيز مطمر برج حمود – الجديدة – البوشرية – السد والاعمال البحرية التابعة له.
الاقتراح الذي تقدم به رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان، وافق عليه النواب الذين شاركوا في اجتماع اليوم الذي حضره وزير الزراعة المكلف بملف النفايات أكرم شهيب وممثلون عن “مجلس الانماء والاعمار” ووزارتي البيئة والداخلية والبلديات، واعضاء في اللجنة الفنية التي سبق وتقدمت باقتراح حل لامركزي للنفايات وافقت عليه الحكومة في ايلول (سبتمبر) ٢٠١٥.
وبقدر ما بدت جلسة اللجنة انها مخصصة لمناقشة خطة الحكومة الاخيرة التي اقرت في ١٢ آذار (مارس) ٢٠١٦، فإن الطابع المتني طغى على ما عداه من الملفات، على ضوء الازمة المستفحلة التي بدات تظهر معالمها بعد توقف شركة “سوكلين” عن جمع النفايات في العديد من المناطق التي تعمل فيها، بناء على إخطار من” مجلس الانماء والاعمار” بقرار بلدية برج حمود قطع الطريق امام الشاحنات التي كانت تنقل قرابة ١٥٠٠ طن يومياً من نفايات بيروت الادارية، وبلديات محافظة جبل لبنان الى موقف التخزين المؤقت في برج حمود.
نجم الاجتماع بدون منازع، النائب سامي الجميل الذي استمع الى شروحات الفريق الفني ودوّن العديد من الملاحظات، قبل ان يقدم مداخلة مطولة في سياق الاجتماع عارضاً فيها لاسباب رفض حزب الكتائب لمشروع مطمر برج حمود، والتي سبق وفندها في مؤتمر صحفي عقده قبل اسبوع.
في المقابل تولى كل من وزير الزراعة اكرم شهيب، ورئيس “مجلس الانماء والاعمار” نبيل الجسر، شرح الخلفية السياسية والفنية والتقنية لخطة الحكومة وآليات انفاذها، بمعأونة مدير البرامج في “مجلس الإنماء والإعمار” الدكتور ابراهيم شحرور.
وحضر الاجتماع عدد من اعضاء لجنة المال والموازنة، هم: مقرر اللجنة فادي الهبر، احمد فتفت، جمال الجراح، عاطف مجدلاني، هنري حلو وياسين جابر. في حين برز حضور نواب اقضية بعبدا وكسروان والمتن للجلسة، وهم: هاغوب بقردونيان، غسان مخيبر، آلان عون، علي عمار وحكمت ديب. كذلك حضر النواب: نواف الموسوي، سيمون ابي رميا، ايلي ماروني وسامر سعادة.
اللافت للانتباه ان النقاش حول مطمر برج حمود لم يعتمد قاعدة البحث عن بدائل عنه، فلقد اجمع النواب المشاركون باستثناء النائب الجميل، على ان البدائل المتوفرة عن مطمر برج حمود للانطلاق بالمرحلة المؤقتة، شبه معدومة، لكن النائب بقرادونيان اعاد التذكير بالتعديلات التي ادخلت على خطة الحكومة التي اقرت في ١٢ آذار (مارس) الماضي والتي تم تصحيحها وصدرت ضمن قرار مؤرخ في ١٧ آذار (مارس) ٢٠١٦، وتضمن ملاحظات حزب الطاشناق على الخطة وابرزها:
-ان كمية النفايات الاجمالية التي ستطمر في برج حمود تشمل فقط ما ينتج عن فرز ومعالجة ١٢٠٠ طن من النفايات يومياً.
-ان منطقة ساحل المتن لن تكون مشمولة باي منشاة لمعالجة أو طمر أو حرق النفايات ضمن الخطة الطويلة الامد والتي يفترض ان تبدأ بعد اربع سنوات. (تم حذف قرار انشاء مركز للمعالجة في البوشرية).
في المقابل شرح الجسر مسار المناقصات الحالية وما تم التوصل اليه، مشيراً الى ان مجلس الادارة في “مجلس الانماء والاعمار” سوف يعقد اجتماعاً يوم الخميس المقبل لاعلان الشركات المؤهلة لفتح عروض الاسعار ضمن مناقصة المعالجة، وان النتيجة التي توصلت اليها اللجنة المكلفة دراسة العروض الادارية والتقنية توصلت الى قبول عرضين من اصل ثلاثة عروض تقدمت بها شركات لبنانية بالتحالف مع شركات اجنبية. اما بالنسبة الى مناقصة الجمع والنقل، فإن اللجنة التي تدرس ملفات الشركات التسع التي تقدمت اليها ضمن منطقتين خدماتيتين، طلبت خطياً من الشركات الاجابة على عدد من الاسئلة التقنية، ولذلك تأخر اعلان نتائجها، لكن من المرجح ان يتم فض العروض المالية للشركات المؤهلة يوم الاثنين المقبل على ابعد تقدير.
كذلك افاد الجسر ان “مجلس الانماء والاعمار” لا يزال ينتظر قرار الحكومة حول موقعي المعالجة والطمر لقضاءي الشوف وعاليه، مشيراً الى ان عدم توفر هذا الموقع يؤخر اطلاق مناقصة للمعالجة مخصصة لهذه المنطقة الخدماتية. الامر نفسه اكده الوزير شهيب الذي لفت الى ان المفاوضات لا تزال مستمرة مع بلديات المنطقة من أجل ايجاد موقع بهدف اشراك قضاءي الشوف وعاليه في الخطة المركزية، والى حينه فإن نفايات هذين القضاءين ما زالت في الطرقات.
وأوضح شهيب ان قرار استكمال العمل في مطمر مصب نهر الغدير – الشويفات لن يعطله اي اعتراض، لان القرار بشأن هذا المطمر اتخذ على اعلى المستويات السياسية والمس به يعني المس بالامن الصحي لشريحة واسعة من سكان بيروت والضواحي، لافتاً الى ان المسألة نفسها تنطبق على برج حمود، لكن الاعتراض السياسي نجح في وقف الاعمال مؤقتاً، فدخلت على الخط المجموعات المدنية التي تعترض اساساً على جميع الخطط والطروحات، داعياً حزب الكتائب الى عدم السير ضمن هذا النهج لانه لن يؤدي الى اي نتيجة.
وبقدر محاولة النائب كنعان ادارة الجلسة بطريقة تضمن عدم خروجها عن مسارها المرسوم، فإن كنعان نفسه طرح مجموعة من الهواجس السياسية والتقنية امام مشروع مطمر برج حمود، ابرزها تتعلق بالضمانات بأن لا يتحول الى مشروع دائم وليس مؤقتا، والاضرار البيئية والصحية الناتجة عنه، والبدائل في حال توفرها. فرد شهيب بأن ضمانة حسن التنفيذ ترتبط برقابة المجتمع الاهلي والبلديات من جهة، والاستشاري الذي رست عليه مناقصة الاشراف (رفيق الخوري وشركاه) من جهة أخرى، كذلك طلب “مجلس الانماء والاعمار” عرضا من شركة Socotec لمراقبة نوعية المهام التي سيقوم بها الاستشاري المراقب.
وتولى ممثل “مجلس الانماء والاعمار” ابراهيم شحرور شرح ارتباط مشروع مطمر برج حمود بمشروع لينور، والخرائط التي صممتها شركة ليبانون كونسلت AGM للمطمر، وهي الشركة نفسها التي تتولى دراسة الاثر البيئي للمشروع. في المقابل رد النائب جميل بالتأكيد ان حزب الكتائب ليس معنياً بتنفيذ مشروع لينور من عدم تنفيذه، وسأل الجميل: “اذا مشينا بحل مطمر برج حمود المؤقت ماذا سنفعل بعد ثلاث سنوات أو اربع؟”، فما كان من النائب الموسوي ان اعاد طرح السؤال على الجميل بصيغة معاكسة: “ماذا سنفعل الآن اذا رفضنا مطمر برج حمود وهل هناك بديل فوري متوفر؟” فرد الجميل بالقول انه راجع النائب ميشال المر قبل يومين فأكد له ان المشروع الذي رفعه اتحاد البلديات في المتن الى وزارة الداخلية يمكن ان يبدأ تنفيذه بعد تسعة اشهر على ابعد تقدير، والى حينه فلتبحث الحكومة عن منطقة نائية في الاطراف يجري فيها تخزين مؤقت للنفايات الى حين انجاز هذا المشروع. فرد الموسوي بالقول ان المناطقة النائية لن تقبل بهذا الطرح. واضاف: “نسمع بين الحين والاخر عن رفض لبيع الاراضي في مناطق معينة بالاستناد الى منطق طائفي، فكيف يستقيم الحال ويصبح من المقبول ان ترمي هذه المناطق نفاياتها في مناطق اخرى وخصوصاً في الاطراف؟”.
كذلك رد النائب آلان عون على الجميل حين أوضح ان حزب الكتائب وافق على نقل النفايات الى الناعمة في آذار (مارس) الماضي، وقرر معارضة خطة مطمر برج حمود لاحقاً. فسأل عون: “ماذا تنتظرون؟ ان تتراكم النفايات في الشوارع مجدداً ثم توافقون على نقلها؟ والى اين؟”، فرد الشهيب: “الناعمة اغلق نهائياً واعمال التغطية وتركيب محطة الكهرباء بدأت”.
كذلك أوضح شحرور ان النفايات المتراكمة سيتعذر فرزها، لذلك، فإن نقلها يجب ان يكون الى مطمر صحي وهذا ليس متوفر حالياً الا في الكوستابرافا، والذي لن يكون باستطاعته استقبال كل هذه الكميات، وتشير التقديرات انه في حال استمرينا في التأخير ولم نجد حل للشوف وعاليه، فإن الموقعين في برج حمود والشويفات لن يكفيا اكثر من عامين ونصف العام، استهلك منها نصف عام في التخزين المؤقت.
وسأل اكثر من نائب عن مصير مناقصة التفكك الحراري، فأجاب الجسر انه رفع تقريرا مفصلا الى الحكومة منذ شهر شباط (فبراير) الماضي، فما كان من الحكومة الا ان احالت المسألة الى لجنة وزارية، ومنذ ذلك الحين لم يتلق “مجلس الانماء والاعمار” أية توجيهات حول هذه المناقصة.
المناقشات طاولت ايضاً تفاصيل هندسية متعلقة بمشروع المطمر وارتفاعه وطوله وعرضه وآلية معالجته وخبرة الشركة المتعهدة اعمال الطمر في هذا النوع من الخدمات، وغيرها من المسائل التقنية، قبل ان يعود النقاش الى البدائل المطروحه عبر الحل اللامركزي. فأعلن ممثل وزارة الداخلية والبلديات العميد الياس خوري، ان الوزارة لم تتلق اي مشروع متكامل من اتحادات البلديات ضمن محافظة جبل لبنان، باستثناء مشروع اتحاد بلديات المتن، الذي تقدم باقتراح لانشاء معمل ضمن عقار مشمول في الخطة الحالية للمطمر فتم رفضه. حينها طلب كل من كنعان والجميل ان يسمع لرأي البلديات المعنية، لان عدم سماع رأيها في مسألة متعلقة بها امر مجحف، فتمت الموافقة على اقتراح كنعان بعقد جلسة ثانية للجنة يوم الاربعاء المقبل.
وعقب الاجتماع اعلن كنعان انه تقرر دعوة اتحادات بلديات المتن وكسروان وبعبدا، وبلدية برج حمود والجديدة البوشرية السد، الأربعاء 10,30 قبل الظهر، الى جانب الحضور في جلسة اليوم، لاتخاذ قرار، بعيدا من البازارات السياسية. واضاف: “عقدنا عدة جلسات (…) وانطلقنا بنقاشات هادفة من خلال استحضار كل العقود والوثائق. وبالتالي، فالأربعاء ستكون الجلسة مخصصة لبداية أفكار تطرح على البلديات. وعلى رغم الأفكار المتباعدة، في بعض الأحيان، فالقاسم المشترك هو انه لا نريد ساحل المتن مكبا للنفايات، وهو من سابع المستحيلات، ولا نريد شوارعنا مكبا، ونحن نعمل ما بين الحدين. وهذا لا يعني ان هناك من سيبتز احدا، أو اننا سنقبل الابتزاز. فهناك خطة، للبعض تحفظات عليها، ومحاولات لتسريع اللامركزية الإدارية، وسننتظر ما يمكن ان تقدمه اتحادات البلديات”.
وختم كنعان: “الاهم يبقى اللامركزية الإدارية، لناحية توفير إمكانات الفرز والمعالجة والتلزيم للبلديات، من دون ان يتحول ذلك الى فوضى. وبالتالي، فالحاجة الى الحل الموقت. واذا خرجنا الأربعاء، بنتيجة الجلسة التي سنعقدها، بالحاجة الى فترة انتقالية، فعلينا تحمل المسؤولية بأفضل الشروط والظروف”.