عادت الفراشات البريطانية الزرقاء للظهور مجددا في أجواء في “محمية دانيواي” Dane way reserve، بعد أن كانت شبه منقرضة منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، بحسب ما أكد ناشطون في مجال حماية البيئة، ورصد العلماء العام الحالي (2016) أكبر عدد منها على مدى ثمانين عاما، مع توقعات بعودتها إن استمر الطقس الملائم لها والأجواء النديّة، وسط تفاؤل بأن “الفراشات الزرقاء” Blue butterflies المهددة بالانقراض منذ 80 سنة، يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه، وبالتالي يمكن إزالتها من القائمة الحمراء لـ “الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة” The International Union for Conservation of Nature.
وتعتبر “الفراشات الزرقاء” النوع الوحيد من الفراشات البريطانية الموجودة على القائمة الحمراء، وقد شوهدت في المحمية في جنوب غرب إنكلترا مؤخرا، وكان مجموع ما وضعته من بيوض قد تخطى الـ 250،000 بيضة هذا الصيف، وذلك لوفرة الزعتر والمردقوش والأزهار في في مقاطعة غلوسيسترشاير Gloucestershire ومقاطعة سومرست Somerset في انكلترا، مع الإشارة إلى نحو 60 بالمئة من مجموع الفراشات يعيش الآن في هذه المحمية التي أعدت برنامجا لإكثار الفراشات الزرقاء وحققت إدارتها نتائج مهمة.
وتتناقض نتائج المحافظين على البيئة في بريطانيا على نطاق واسع مع تحذيرات بأن عام 2016 يعتبر الأسوأ بالنسبة للفراشات البريطانية.
وبحسب موقع “ميل أو لاين” Mail Online ومواقع بريطانية عديدة، فقد تم تسجيل 10 آلاف فراشة هذا العام، وضعت أكثر من ربع مليون بيضة في براعم زهور الزعتر والمردقوش، ما عزز الآمال بشأن زيادة أعدادها في السنوات المقبلة، وقال المدير التنفيذي للمحمية الطبيعة Jeremy Thomas: “إنها أخبار سارة جدا بشأن الفراشة الزرقاء التي كانت مهددة بالانقراض عالميا”، واعتبر أن “إعادة دورة حياتها شكل تحديا للمحمية”، وأضاف: “التنظيف والرعاية الفائقة بالمحميات الغنية بالأزهار البرية تعد مفتاح ضمان مستقبل هذه الحشرة الجميلة”.
ولاحظ الخبراء في مجال الحفاظ على البيئة انخفاضا كبيرا في الفراشات الزرقاء، ولا سيما بين عامي 1900 و 1950، بوجود 100 ألف فراشة فقط في بريطانيا، وعلى الرغم من الجهود لانقاذها، فقد تأكد انقراضها في بريطانيا في 1979. ولكن في 1984 اكتشف العلماء فراشة نجت في عش أحد أنواع النمل الأحمر.
دورة حياة عجيبة
بعد التغذي على براعم زهور الزعتر والمردقوش لمدة ثلاثة أسابيع، تصدر هذه اليرقة روائح وأصواتا تخدع فيها نوعا من النمل الأحمر وتجعله يظن أنها يرقة من يرقاته، فتحمله مع صغارها إلى أنفاقها تحت الأرض، وبعد قضاء 10 شهور وهي تتغذى على اليرقات قبل عملية التشرنق في العش في العام الذي يليه، تزحف إلى سطح الأرض كفراشة.
وعلى الرغم من جهود القيمين للحد من تدهور أعداد هذه الفراشات، تم إعلان انقراضها، وكانت عملية إعادتها مبنية على اكتشاف أن هذه الفراشة تحتاج لنوع من النمل الأحمر للبقاء على قيد الحياة، ففقدان النمل الأحمر يعني أن الفراشات لا يمكن أن تحافظ على بقائها، وساعدت جهود إدارة الحفاظ على البيئة في إعادة بناء ممالك الحشرات، وخصوصا الفراشات، وفي العام الماضي فقط زادت الأعداد حتى 74 بالمئة في بعض المناطق.
وكشف جيرمي توماس Jeremy Thomas وهو أيضا رئيس “الجمعية الملكية للحشرات” Royal Entomological Society ورئيس اللجنة المشتركة لانقاذ الفراشات الزرقاء “إن نجاح هذا المشروع كان نتاج تعاون كبير بين خبراء الحفاظ على البيئة والعلماء والمتطوعين الذين استطاعوا أن يحققوا هذا الانجاز”، وأضاف “وجدنا أن تنظيف الأراضي والرعي المنظم، يمثلان عاملين اساسيين في ضمان مستقبل هذه الحشرة الجميلة”، وأشار إلى أن “الإدارة الخاصة ساعدت أيضا في ازدهار مجموعة متنوعة ضخمة من النباتات البرية والحشرات الأخرى”.
عودتها إلى معدلاتها الطبيعية
واستطاعت إدارة المحميات أن تنقذ الفراشات الزرقاء، فضلا عن بقاء وازدهار أنواع أخرى، من ضمنها الذباب والضفاع ونوع من الأزهار السحلبية “أوركيد المسك” Musk Orchids. كما أن نحلة “ذبابة داونلاند” The Downland villa beefly والتي اختفت لفترة خمسين عاما ما قبل العام 2000، سجلت أعدادا كبيرة في دانوي في الآونة الأخيرة Daneway، كما أن فراشات مرعى سومرست البنية Somerset meadow brown وصلت في مناطقها إلى أعلى مستوياتها، كما وصلت الفراشات الرخامية البيضاء marbled white butterflies إلى ثاني أعلى رقم قياسي سجل من عقود.
وأوضح مدير المحميات بمحمية سوميرست Somerset Wildlife Trust، مارك غرين، Mark Green أن “الأرقام المدهشة التي وصلت إليه الفراشات الزرقاء هذا العام أمكن تحقيقه عبر التعاون والشراكة الوثيقين في إدارة حفظ التوازن البيئي وإدارة الأرض، بالإضافة للدعم العلمي السليم”، وأضاف: “أعداد الفراشات انخفضت بشكل ملحوظ خلال العامين الماضين بسبب الاحوال الجوية غير المؤاتية، ولكن بفضل شركاء في هذا المشروع وتهيئة وحفظ وصيانة عدد من المواقع الجوهرية لهذه الفراشات ما مكن عودتها إلى معدلاتها الطبيعية”.
وأضاف غرين “أشعر بالفخر لكوني جزءا من هذا المشروع الذي حقق نجاحا باهرا، والذي منحني الأمل في إمكانية رفع معدل أعداد أنواع أخرى”.