ما أصعب المرحلة التي يشعر فيها المريض أنه ينازع بين الحياة والموت، وان الاطباء ابلغوه ان ايامه باتت معدودة نتيجة إصابته بمرض عضال، والاصعب شعور الاهل وهم يرون واحدا من افراد عائلتهم يعلمون مسبقا أنه سيفارق الحياة من دون ان يستطيعوا انقاذه، فهذا الشعور صعب للغاية ان تجد عزيزا يتألم امامك وهو على شفير الموت، وأنت لا تستطيع ان تقوم بأي شيء سوى دعمه نفسيا، ولكن ما هي الوسائل المتبعة طبيا ونفسيا لمساندته من خلال العناية التلطيفية؟ منظمة الصحة العالمية صنفت العناية التلطيفية على انها عناية تبحث عن تحسين نوعية حياة المريض وعائلته، في مواجهة عواقب مرض مزمن غير قابل للشفاء، وذلك من خلال الوقاية وتخفيف المعاناة بتشخيصها المبكر وتقييمها بدقة وعلاج الألم والمشكلات الجسدية والنفسية والاجتماعية والروحية المتعلقة به.

 

حق لكل مريض يعاني

 

رئيسة قسم الطب الداخلي ووحدة العناية التلطيفية في “مستشفى اوتيل ديو” الدكتورة الين طعمة قالت لـ greenarea.info: “كل مريض يعاني من مرض مزمن غير قابل للشفاء له الحق في العناية التلطيفية، ومن واجب الأطباء تخييره ليتمكن من ان يقرر ما بين خضوعه لعلاج قوي او خيار العناية التلطيفية، خصوصاً في الحالات التي يضعف فيها جداً مع عدم الإستجابة للعلاجات التقليدية”.

وتابعت: “منذ عام 2014، بدأ فريق متجول في اوتيل ديو مع طبيب متخصص وممرضة وعالم نفس ومساعدة اجتماعية ورجل دين، في تلبية طلبات الأقسام الطبية في المستشفى لدعم الفرق الطبية ومساعدتها في الإعتناء بمرضاها، خصوصا مرضى الأمراض المستعصية في مراحلهم النهائية، فهؤلاء يحتاجون من يخفف عنهم آلامهم الجسدية والنفسية، ومرافقتهم بالطريقة الملائمة أو دعمهم أو الإصغاء اليهم بانتباه، وهنا يكمن دورنا في تأمين العناية التلطيفية لهم، من حيث توفر الاختصاصات الطبية لتهيئة المريض بالتعامل مع وضعه الصعب بشكل افضل، وتزويده هو وعائلته بكل الدعم النفسي وطريقة التعامل مع المريض في البيت”.

وأهم ما ذكرته الدكتورة طعمة أن “هذه الخدمة الطبية لا تزال في اولى خطواتها في لبنان، وتشمل النواحي النفسية والروحية والاجتماعية الى العلاجات الجسدية، والهدف العناية  بالمرضى من خلال نظام دعم لمساعدتهم في تخفيف آلامهم قدر الإمكان ولتحسين نوعية حياتهم، على رغم اوجاعهم وصعوبة المرحلة التي يمرون بها، الى دعم العائلة لمعرفة كيفية التعامل مع المريض، والتحمل خلال هذه الفترة وتخطيها. وذلك من خلال فريق متعدد الاختصاصات يسمح بتلبية مختلف حاجات المرضى وعائلاتهم. مع اهمية اللجوء الى العناية التلطيفية، مبكراً اذا أمكن، اي منذ تشخيص المرض، وبالتزامن مع العلاجات الاخرى مثل العلاجات الكيميائية او الأشعة، مثلا المريض المصاب بسرطان البنكرياس نساعده ان يتحدث  عن قلقه وخوفه وكيفية السيطرة على ألمه لكي يتابع حياته بشكل طبيعي، وان يتقبل وضعه  بعيدا عن الضغط النفسي وفقا للعلاجات التي تعطى له، وأيضا مع اهمية مساعدة الاهل في تقبل الحالة المرضية لمريضهم، لان احيانا ثمة اشياء صغيرة تستطيع تغيير نفسية مريض السرطان”.

 

تحويل التفكير السلبي الى ايجابي

 

أما الاخصائي في الطب النفسي الدكتور جورج كرم فشدد على اهمية تغيير نمط التفكير السلبي للمساعدة على العلاج بشكل افضل، وقال لـ greenarea.info: “ان اهمية العناية التلطيفية في تواجد طبيب نفسي يلعب دورا اساسيا في تحصين المريض نفسيا، خصوصا اذا كان على شفير الموت، لان هذا الاخير يمر بمراحل صعبة، وان الحياة تمر امامه بسرعة وايامه معدودة مع  اهمية الاهتمام بعائلته ايضا، لانهم عاجزون عن اي حل سوى مساندة مريضهم، ونحن علينا ان نساعدهم بطرق معينة في كيفية اسلوب متطور في العناية السليمة، والعلاج يترواح من الاهتمام والرعاية الى العلاج الدوائي، ليس فقط ان نقول على سبيل المثال للزوجة “شددّي حالك  من اجل زوجك”، وهي بحاجة لمن تشكو إليه ويسمع لها، وهذا ما نقوم به كاختصاصيين في الطب النفسي كي نعطيها  كل الدعم، والامر ذاته للمريض الذي يكون بين الحياة والموت، علينا تزويده بتفكير ايجابي قدر المستطاع للاستفادة من الوقت الباقي من الحياة، من هنا نشدد على اهمية التوعية في دعم العلاج التلطيفي، وهذا ما نسعى إليه في مستشفى الروم حيث نقوم بمجهود كبير في اقناع المريض على اهمية دور المعالج النفسي من اجل التخلص من الكآبة والقلق، لانه من غير الطبيعي ان يظل الانسان كئيبا لانه يمر في ظروف صعبة”.

الى رأي الاخصائي في علم النفس الدكتور نبيل خوري الذي قال لـ greenarea.info: “لا شك ان تقديم المساعدة النفسية لاي مريض تدعمه، فكيف اذا كان يشعر بانه على شفير الموت، خصوصا وانه يمر بحالة ترقب وخوفـ، من هنا نشدد على اهمية العناية التلطيفية اقله لتخفيف عنه هاجس الموت القريب”.

 

تحقيق ما يتمناه

 

أما الممرضة المجازة ميرنا فتى فشرحت لـgreenaea.me  عن معاناة المريض في مراحل المرض المتقدمة، فقالت: “حين يشتد مرض مزمن في مراحله النهائية، يحتاج المريض كما اهله الى المساعدة. ليست المساعدة طبية جسدية فحسب، انما نفسية واجتماعية، وذلك من خلال العناية التلطيفية التي يقدمها فريق متنقل او وحدة خاصة للحالات الصعبة، وهنا  تلعب الممرضة دورا اساسيا في دعم المريض، سواء بالتقرب منه من خلال ابتسامة وتأمين ما يريده حتى ولوك ان مريض السكري وهو على شفير الموت والطب يمنعه بان يأكل على سبيل المثال (كنافة) فنحن نسمح له بذلك، ولا نرفض له طلبا، فالايام التي يعيشها معدودة، واقله تحقيق ما يتمناه، انما الذي نعاني منه اليوم ان عدد المرضى بات اكثر بكثير من عدد الممرضين  او الممرضات في المستشفيات من اجل تسهيل العلاج بشكل افضل، فصار لدينا ممرضة مسؤولة عن 13مريضل بدلا من 4 مرضى”.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This