في أمثالنا الشعبية القديمة مثل فلاحي معروف “الثلم الأعوج من الثور الكبير”، وغالباً ما تصح هذه الأمثال بفعل التجربة والحياة، وفي معضلة النفايات يصبح هذا القول “حفر وتنزيل”.
منذ تسلم الحكومة الحالية لملف النفايات و”الإبداعات”، تتوالى يوماً بعد يوم من فشل إلى فشل، ومن فضيحة إلى فضيحة، دون أن يرفَّ لها جفن أو تتأثر القوى السياسية المكونة لها بالانجازات المحققة، سواء بتحول لبنان كله إلى مكب نفايات كأنه البلد الوحيد في العالم الذي ينتج نفايات، وسواء بالنسبة إلى الحلول المعتمَدة والمعتمِدة على أسوأ المعايير وأسوأ أشكال المحاصصات، فلا البيئة تحترم بالحد الأدنى، ولا المعايير الإدارية والقانونية ينظر اليها ولو نظرة، والنتيجة فشل شامل للحكومة والمكلفين بالملف ومصيبة على البيئة والنَّاس.
وللإنصاف، إن هذا الملف ومصائبه سابقة على الحكومة هذه، فالأسباب عينها التي منعت الدولة بمعالجة جدية منذ المطالبة بذلك، أي منذ الأيام الأولى لافتتاح مطمر الناعمة ومع إضرام النار في “محرقة العمروسية”، وإقفال برج حمود لا تزال قائمة ولم تتغير، وعجز اصحاب السلطة يترسخ اكثر وأكثر، علماً انهم لا يحتاجون نصائح من احد لأنهم يعرفون فعلاً، ولكن الإصرار ان هذا هو مزراب الذهب، وهم بأمس الحاجة اليوم إلى التنك، وهذا ما يفسر الإصرار على الهروب إلى الامام، ولو كان الثمن نزيف البلد من صحته واقتصاده وبحره وملاحته وسياحته ونظافته بالأصل.
المشكلة أن المسؤولين حين يجري تحذيرهم من هذه الحلول التي لا يمكن تمريرها – ولو قبل الناس بالفضائح كمثل تخفيض المتعهد حوالي ١١ مليون دولار بـ “شحطة” قلم واستمر بعمله خلافاً للقانون، ورضخت الادارة له – يضحكون ويستهزئون بأن لا عودة للنفايات – والنتيجة الصورة اليوم في مناطق المتن وكسروان.
المشكلة بالإصرار والهروب من معامل معالجة النفايات، وهي المرحلة الإجبارية الضرورية، والمعبر الذي لا مفر منه لكل انواع المعالجات، ومع تسليم المسؤولين بذلك، لا احد يملك جوابا لماذا لم يتقدم هذا الطرح والاجراءات خطوة واحدة حتى اليوم.
اليوم أو غداً سيخرج احد المسؤولين ليخبرنا عن حجم التعب والانجاز والشفافية… وجيوب البعض ستنتفخ اكثر والنفايات ستملأ الشوارع اكثر.
هنيئاً للبنان بحكومته وبقواه السياسية!