طبقة من الغبار الكثيف، يفتعلها واضعو الخطط المشبوهة للنفايات في لبنان. الفريق المكلف بهذا الملف، ومن ورائه الحكومة كلها. باستثاء مواقف تتجرأ وتجاهر باعتراض جذري، تعبر عنه بكل الأشكال المتاحة.
عاصفة من الديماغوجيا والتضليل، وإغراق لسوق الإعلام بتفاصيل لها أول وليس لها آخر، وبسيناريوهات تتذاكى على عقول اللبنانيين، لتحرف انتباههم عما يحاك من صفقات ضخمة في ملف النفايات، منذ أكثر من سنة ونيف.
ليس صحيحا كل ما تدعونه أننا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الغرق بالزبالة وإما السير بخطة “المطامر” البحرية في الكوستابرافا وبرج حمود والجديدة.
فالصحيح أنكم ارتضيتم النفايات في شوارع عاصمتكم، ومساحات وطنكم لأشهر طويلة، غير آبهين بالأضرار المترتبة عن ذلك على صحة الناس، وعلى كل عناصر البيئة ومكوناتها، ولأمد طويل.
أنتم لا تفتشون عن معالجات لملف النفايات، أنتم تستثمرون فيه لتمرير صفقاتكم الكبرى بمئات ملايين الدولارات.
ليس الطمر إلا حجة لردم البحر، وكان في السابق أيضا ممرا لصفقات كبرى على حساب مال الشعب، وبيئة الشعب، وصحة الشعب.
لا همَّ لكم إلا حياكة الصفقات، وإيهام الناس أنكم تبتدعون الحلول “البيئية” لملف النفايات في لبنان.
لماذا تستبعدون من كل خططكم إنشاء معامل فعالة للفرز والتسبيخ، أو لمعالجة المواد العضوية، التي تشكل أكثر من نصف وزن النفايات الإجمالي في لبنان؟
لماذا لا تحركون ساكنا لرفع نسبة عمليات إعادة التدوير؟ لأنكم ببساطة تعقدون الصفقات لطمر مجمل النفايات، ولأن حساباتكم تخضع للتسعير بالطن. فليس من صالح صفقاتكم تخفيف النفايات، ولا زيادة نسبة التدوير فيها، ولا تسبيخ مكوناتها العضوية.
توهمون الناس أنكم ستطمرون النفايات. أين ستطمرونها؟ في مياه بحر لبنان، كمادة للردم مع مواد الردم الأخرى التي تعدونها لهذه الغاية.
إنكم تضللون شعبكم وتبتزونه حين تضعونه في زاوية محشورة بين تراكم النفايات في الشوارع أو القبول بصفقاتكم.
أنتم تماطلون وتناورون بكل وسائل التهريج والضغط والإبتزاز، لتمرير أو تسهيل تقدم خياراتكم العبثية، التي تفوح منها روائح الصفقات العفنة، أو لتجاوز اعتراض من يعترضون بحثا عن معالجات معقولة وبيئية وصحية ومقبولة الكلفة.
أنتم وحدكم المسؤولون عن هذا الخراب الذي يعيشه البلد منذ سنة ونيف، أنتم وحدكم من تعرقلون الحلول السليمة، أنتم وحدكم من يُفشِل كل المقترحات العقلانية للسير بطريق حل ملف النفايات بالاتجاه السليم.
لا يتساوى عقل الصفقة مع موقف المعترض، لا يتساوى من ينقل البلد من حلقة جهنمية لأزمة النفايات إلى حلقة أكثر خطرا، مع من يفترشون الأرض اعتراضا على استهتاركم.
أنتم وحدكم وراء ما يشهده البلد من حلقات مؤذية، في مسرحية النفايات التي تديرون خيوطها، غير آبهين بمصالح البلد ولا بسمعته.