تعتبر شبه جزيرة رأس الحد Ras al Hadd في سلطنة عمان، من أهم المعالم الطبيعية البحرية في العالم، وهي إلى جمالها تضم جزءا من مجموعة شواطئ تشكل موطنا لتعشيش السلاحف البحرية، إذ تجتذب سنويا عدد كبيرا من “السلاحف الخضراء” Green turtles، وبحسب المسؤولين عن الحياة الفطرية في السلطنة، تعشش فيها ما بين 6000 و 13000 سلحفاة، تصل إلى شبه الجزيرة من مناطق أخرى بعيدة، ومنها: الخليج العربي، البحر الأحمر وشواطئ شرق أفريقيا، وأعلنتها سلطنة عُمان محمية طبيعية في 23 نيسان (أبريل) 1996، خصوصا وأن هذه المنطقة تعتبر أول بقعة تشرق فيها الشمس على مستوى الوطن العربي.
تتصدر الحياة الفطرية والبيئية أولى اهتمامات سلطنة عمان، وهي تولي اهمية استثنائية للحفاظ على الخصائص البيئية والطبيعية المتنوعة والغنية الموجودة على امتداد اراضي السلطنة، ليس في سبيل حمايتها فحسب، وإنما في سبيل تعزيز وتطوير مفاهيم السياحة البيئية، وهذا ما نتلمسه دائما من خلال الأنشطة الكثيرة لمختلف الهيئات الرسمية والخاصة، وهي دائمة السعي إلى تكريس مثل هذا التوجه، خصوصا وأن مقومات السياحة البيئية تعتبر مصدر غنى لسلطنة عُمان التي بادرت وما تزال إلى إقرار مجموعة من القوانين صدرت وأقرت تباعا في السنوات القليلة الماضية، وأهمها إصدار مراسيم لإقامة المحميات الطبيعية والحفاظ على الحياة الفطرية.
إدارة مجموعات السلاحف البحرية
باتت عُمان اليوم تحتضن أربع عشرة محمية طبيعية موزعة في مختلف المناطق، وتعتبر “محمية رأس الحد للسلاحف” ras al hadd turtle reserve واحدة من اكبر هذه المحميات، وتعتبر الآن مقصدا للزوار والسياح، لما تستقطبه من سلاحف بحرية حولت شواطئها الى اماكن للتعشيش، حيث تضع بيوضها فيه، وهذه السلاحف جعلت من المحمية واحدة من الاماكن النادرة حول العالم، بحيث يستطيع الزوار ومحبو الحياة الطبيعية بمشاهدة هذه السلاحف المعرضة لخطر الانقراض.
وتمثل هذه المحمية إطارا للتعاون بين الجهات الرسمية والأهالي من أجل حماية السلاحف، مع ما تشهد من أنشطة الهدف منها تعميم ثقافة بيئية، والتصدي تاليا للصيد الجائر، ومساعدة السلاحف التي غالبا ما تعلق بشباك الصيادين، ما يؤدي أحيانا إلى نفوقها، فضلا عن التصدي لظاهرة تتمثل في قيام البعض بجمع اعداد كبيرة من بيض السلاحف واكلها، خصوصا وأن اصطياد السلاحف وجمع بيضها، ما زال يعتبر من قبل السكان المحليين من الامور التقليدية التي درجوا عليها حيث كانت تعتبر مصدراً مهما للغذاء.
وفي هذا السياق، ثمة هيئة تعرف بـ “إدارة مجموعات السلاحف البحرية” للتحكم في التاثيرات البشرية والتقليل من تأثيراتها السلبية قدر الإمكان، وكا هو الحال على الشواطىء اللبنانية، تعتبر الإضاءة الساطعة من العوامل الضارة اذ يؤدي انتشار الضوء على شواطىء التعشيش إلى الإضرار بالسلاحف البحرية نتيجة لما يسببه من تغيير في سلوكها، حـيث اتضـح ان الاضاءة الكثيفة على الشواطئ تحول دون تعشيش السلاحف البحرية، وقد يؤدي التعشيش بالقرب من الشواطىء المضيئة الى حدوث تأثيرات خطيرة على صغار السلاحف، ذلك انها وبعد خروجها من البيض في الليل على الضوء الطبيعي للشاطىء تتحرك بطريقة طبيعية مباشرة نحو المياه، الا ان الشواطىء التي تكثر فيها الاضواء تقوم بدفع صغار السلاحف الى تغيير وجهتها، وتكون بالتالي غير قادرة على الوصول الى المياه، ما يؤدي الى ارتفـاع معدلات نفوقها نتيجـة لاصـابتهـا بالجفـاف أو افـتراسها.
أنواع السلاحف
تجدر الإشارة إلى أن ثمة دراسات بدأت من أجل تحديد وتطوير الاجراءات الهادفة الى حماية السلاحف في السلطنة منذ العام 1977 بعدما تبين مدى الاهمية التي تتمتع بها الشواطئ والمياه في سلطنة عُمان كموطن لعدد من السلاحف البحرية، منها خمسة انواع، وهي: السلحفاة الخضراء Green turtles، السلحفاة ريدلي الزيتونية Olive Ridley Sea Turtle، فضلا عن أنواع عدة تعرف في السلطنة بـ “السلحفاة الشرفاف”، “السلحفاة الرمانية” و”السلحفاة النملة”
وتضع السلاحف البحرية في رأس الحد بيوضها ليلا في فصل الصيف، وتتم هذه العملية على ثلاث دفعات خلال الموسم الواحد، تفصل بينها فترة اسبوعين تقريبا، وغالبا ما تعود السلاحف الى نفس الشاطئ للتعشيش، وهي تقوم في عمل حفرة كبيرة في الرمال ناثرة التراب على مسافة بعيدة.
وتصدر في كل عام، كل من وزارة البلديات الاقليمية والبيئـة وموارد المياه كتيبات تعريفية باللغتين العربية والانجليزية، بالإضافـــة الى النشــرات والملصقات التي تعرّف بالسلاحف البحرية عموما والسلاحـف الخضراء برأس الحد على وجه الخصوص، وتزود هذه الكتيبات التعريفية الزوار بالمعلومات الخاصة بالسلاحف في عُمان، وضرورة حمايتها والسلوكيات الصحيحة التي يجب التقيد بها في شواطئ تعشيش السلاحف.