لن يمر وقت طويل، قبل ان ينزل عن الشجرة جميع من تسلقها. إقفال طريق برج حمود امام شاحنات النفايات وصخور الردميات على حد سواء، لم يعد من مصلحة أحد. المشهد الكارثي على الطرقات الغارقة بالنفايات المحترقة او المخبأة تحت الجسور وفي المكبات العشوائية وحفريات الابنية قيد الانشاء، تنذر بأن استفحال الأزمة يعني استفحال كارثة حلها، خصوصاً انه لا مجال من تسوية سياسية تفضي الى اعادة فتح مطمر الناعمة – عين درافيل، الذي استنفذت الحكومة، جميع فرص الوقت الضائع في الطمر فيه، دون ان يعني ذلك انها استفادت من هذا الوقت لانفاذ حل قابل للتطبيق، ولا يعيد البلاد الى الكارثة التي حلت بها على امتداد الشهور الماضية.
يضع حزب الكتائب مجموعة من الشروط للعودة عن اعتراضه. يريد الحزب ان يتم وضع مهلة زمنية (بين 8 و12 شهرا) تخزن خلالها النفايات في المواقع المعروفة راهنا (اي برج حمود)، وأن يحصل التخزين بإشراف لجنة بيئية وصحية تضم تقنيين وجمعيات أهلية. على أن تشهد هذه الفترة تحسين إمكانات معامل الفرز العاملة اليوم، وتشجيع المساعدة للبلديات للتوعية على الفرز. كما يريد الكتائب ان يتم البدء بتنفيذ المرحلة المستدامة القائمة على اللامركزية والاعتماد على البلديات وتحرير أموالها من الصندوق البلدي المستقل.
هذه الشروط كانت اليوم مدار بحث في اجتماع ضم وزير التربية الياس بو صعب، ورئيس لجنة المال والموزانة النيابية ابراهيم كنعان، ووزير الزراعة المكلف ملف النفايات أكرم شهيب. ومن المؤكد انها ستطرح ايضاً في الاجتماع الذي سيعقد مساء الغد، في وزارة الداخلية للفريق الفني المركزي المكلف بملف النفايات بحضور بلديات واتحادات بلديات المتن وكسروان.
ويكشف قيادي في حزب الكتائب لموقع greenarea.info ان احداً من طرف الحكومة لم يفاوض حزب الكتائب مباشرة، باستثناء مبادرة الوزير الياس بو صعب. ويضيف: “عندما تطرح علينا ورقة متكاملة تتضمن بنوداً قابلة للتنفيذ ضمن مهل زمنية واضحة، وقرارات تنفيذية يمكن ان يكون لها مفعول قانوني واداري فعندها يمكن التفاوض، اما الآن فإن ما يطرح مجرد افكار ووعود، وللاسف منذ اللحظة الاولى راهنت الحكومة على اننا سننصاع بالضغط السياسي وليس من خلال التفاوض القائم على اساس ايجاد حل، يضمن ارضية مشتركة ويدفع باتجاه وقف الكارثة المتمثلة بمطمر برج حمود – الجديدة”.
السؤال الذي يحتاج الى اجابة: هل تستطيع الحكومة تنفيذ الشروط الاربعة التي وضعها الكتائب؟ بالنسبة لشرط المهلة الزمنية للتخزين فإن المتعهد يحتاج اساساً الى هذه المهلة للبدء بأعمال الطمر الصحي في مطمر برج حمود – الجديدة. لكن هل تعني هذه المهلة تعديلات في خطة انشاء المطمر، ان لجهة الحاجز البحري، او لجهة اعداد خلايا الطمر الصحي في المطمر.
يراهن الفريق الاول على ان تكون هذه المهلة اكثر من كافية للقول بان كمية الطمر ستنخفض بعد انسحاب البلديات الجاهزة من الحل المركزي، ما يقود حكماً الى تعديل خريطة مساحة المطمر، وصولاً الى الاستغناء عن جزء كبير من مساحة الردم التي يخطط لتنفيذها مقابل شاطئ الجديدة. في المقابل يؤكد الاستشاري والمتعهد، ان اعمال الردم ترتبط بشكل رئيسي بالتغيرات التي يفترض ان يقوم بها شركات النفط على الانابيب الموجودة تحت الماء والتي يفترض ان يتم تجميعها وتنظيمها ضمن ممر مائي بطول ١٥٠ مترا، يفصل بين الجزء الاول من المطمر الواقع قبالة برج حمود والجزء الثاني الواقع ضمن الجديدة، لكن الاستشاري يؤكد ان تصميم الخرائط بصيغتها الحالية غير قابلة للتعديل الا اذا تم تخفيض كمية الطمر الى النصف، لان جزءاً من المساحة المردومة لن تستخدم للطمر في الاساس. وتؤكد معلومات لموقع greenarea.info ان التسوية المطروحة تقوم على خيار تخفيض ارتفاع المطمر عمودياً فيما لو انخفضت كمية الطمر، اما طول المطمر افقياً فهو غير قابل للتفاوض، لان ذلك غير ممكن لا من الناحية الهندسية ولا من ناحية التعهدات التي اعطيت لبلدية برج حمود وبلدية الجديدة لجهة استخدام الاراضي في المستقبل.
أما الشرط الثاني المرتبط بمراقبة اعمال التخزين وتحسين قدرات معامل المعالجة والفرز، فعلم ان الرد الحكومي سيكون مرتبطا بالمناقصة الجديدة التي تم اعلان نتائجها والتي سترفع قدرة معمل الكورال لتسبيخ النفايات من ٣٠٠ الى ٧٥٠ طن يومياً، علماً ان بوادر رفع نسبة المعالجة من خلال مناقصة مركزية، لن تكون متوفرة إلا في حال تم اقرار موقع جديد للفرز والمعالجة في منطقة الشوف او عاليه.
وعلم موقع greenarea.info ان بلديات اقليم الخروب التي زارت المختارة يوم السبت الماضي، قد بدأت نقاشاً جدياً حول الموضوع الذي سيكون مرتبطا حصراً بمعمل للمعالجة وليس بمطمر صحي، على ان يكون هذا المعمل بقدرة استيعابية كافية لادخال الشوف وعاليه في الخطة المركزية، ما يعني طمر ما يتبقى من النفايات الناتجة عنها بعد الفرز والمعالجة في مطمري الكوستابرافا وبرج حمود – الجديدة.
وفي خصوص الشرط المتعلق بتحرير اموال البلديات وتعزيز لا مركزية الحل، يؤكد شهيب في حديث لموقع greenarea.info ان هذا الامر، ليس شرطا بل أمرا ضروريا ومفصليا في الخطة التي اقرت في أيلول (سبتمبر)، وانه يشجع عليه داخل مجلس الوزراء وخارجه، لكن يرتبط بوزارة الداخلية والمالية، وهو سيدفع بهذا الاتجاه، في الاجتماع الذي سيعقد غداً عن الوزير نهاد المشنوق والذي سيحضره شهيب ايضاً.
وفي مقابل الشروط التقنية والبيئية، ثمة من يراهن على ان الكتائب ستتراجع عن موقفها بفعل الضغط السياسي اولاً، وان موضوع الشروط وتطبيقها، سيكون بمثابة مخرج متفق عليه مسبقاً لتظهير انجاز ما لـ “لكتائب” يسمح له بالخروج من الشارع. ولقد تم التعبير عن الضغط السياسي المبطن والعلني على حزب الكتائب في اكثر من مناسبة، إن لجهة موقع بو صعب وكنعان في المؤتمر الصحفي المشترك مع شهيب اليوم، او لجهة موقف “القوات اللبنانية”، الذي لم يندفع باتجاه تبني الخطاب الكتائبي في برج حمود، وتفيد معلومات ان القوات سوف تصدر بياناً صباح اليوم، يدفع اكثر باتجاه تبني خطة الحكومة وفك الاعتصام في برج حمود.