في خطوة من شأنها أن تبلور مفاهيم بيئية متقدمة على مستوى العالم، وافق مجلس الدولة الصيني على مجموعة من المبادئ التوجيهية لنظام مالي أخضر، وصفها بأنها الخطوة التالية الضرورية لتنفيذ استراتيجية البلاد لـ “الحضارة الايكولوجية” Ecological civilization، قبيل اجتماع زعماء قمة مجموعة العشرين G20 في نهاية هذا الاسبوع في مدينة هانغتشو Hangzhou، ما أمكن دمج هذا التوجه في أجندة القمة.
ومن شأن هذا القرار أن يساهم في تسريع وتفعيل سياسة الصين المطبقة حاليا في نظامها المالي الأخضر، وقد أصدر هذا القرار “بنك الشعب الصيني” People’s Bank of China (PBOC)، جنبا إلى جنب مع ست وكالات حكومية أخرى، في 31 آب (أغسطس) الماضي، تحت عنوان “المبادئ التوجيهية لتأسيس النظام المالي الأخضر” Guidelines for Establishing the Green Financial System، بالتوازي مع موافقة مجلس الدولة عليه، وستوفر المبادئ التوجيهية الصادرة عن “بنك الشعب الصيني”، وزارة المالية، اللجنة الوطنية للتنمية والاصلاح، وزارة حماية البيئة، اللجنة التنظيمية المصرفية الصينية، لجنة تنظيم الاوراق المالية الصينية وهيئة تنظيم التأمين الصينية عنصرا أساسيا لجهة تنفيذ استراتيجية شاملة لتعزيز الحضارة الايكولوجية، التي صاغتها اللجنة المركزية لمجلس الدولة وحزبها الحاكم، وبالتعاون مع “منظمة الأمم المتحدة للبيئة” United Nations Environment Programme، كما أن هذه الإستراتيجية تقدم أيضا مفاهيم تنمية الابتكار والوئام والانفتاح والمشاركة والتوجه نحو الطاقة الخضراء، وهذا القرار الحكومي سيكرس ويعزز ويسرع عملية تحول سياسة الصين المالية نحو نظام مالي “أخضر”.
تحفيز الإستثمار في المشاريع الخضراء
ويأتي التأكيد على المبادئ التوجيهية، في أن الهدف الأساسي من إنشاء نظام مالي أخضر، هو حشد وتحفيز المزيد من رؤوس المال الاجتماعي (أو الخاص) للاستثمار في القطاعات الخضراء، وفي ذات الوقت الحد من الاستثمارات في القطاعات الملوّثة، وسيقوم النظام المالي الأخضر بالمساعدة في تسهيل عملية التحول الأخضر للاقتصاد الصيني، وتعزيز التقدم التكنولوجي في مجال حماية البيئة، وتوفير الطاقة المتجددة وغيرها من المجالات، وتسريع عملية تطوير محركات النمو الجديدة، وفي الوقت عينه تعزيز إمكانات النمو الاقتصادي.
وتشمل المبادئ التوجيهية مجموعة من الحوافز السياسة لدعم وتحفيز الاستثمار الأخضر، وتشمل هذه الحوافز، من بين أمور أخرى، عمليات إعادة الإقراض من قبل “بنك الشعب الصيني”، برامج الضمان الخضراء المتخصصة، تخفيض الفائدة للمشاريع المدعومة من القروض الخضراء، وإطلاق “صندوق التنمية الخضراء” Green Development Fund على المستوى الوطني.
وتنص المبادئ أيضا على الدور الهام لسوق الأوراق المالية في تمويل الاستثمار الأخضر، ما يتطلب توحيد معايير السندات الخضراء المحلية، ودعم الشركات الخضراء المؤهلة لجمع الأموال عن طريق الاكتتاب العام، ودعم تطوير مؤشرات السندات الخضراء ومؤشرات المساواة الخضراء والمنتجات ذات الصلة، ما يتطلب كذلك إنشاء تدريجي لنظام الإفصاح عن المعلومات البيئية الإلزامي للشركات المدرجة والجهات المصدرة لهذه السندات.
وتدعو المبادئ التوجيهية لتطوير التأمين الأخضر وتداول الحقوق البيئية، فضلا عن صياغة القوانين واللوائح لإدخال نظام إلزامي للتأمين ضد مسؤولية التلوث، كما يدعم تطوير وتمويل مختلف منتجات الكربون، وتشجيع تطوير أسواق لحقوق الانبعاثات، حقوق الطاقة، حقوق المياه والحقوق البيئية الأخرى، فضلا عن أدوات للتمويل على أساس هذه الحقوق.
وتشدد المبادئ التوجيهية على دور الحكومات المحلية بشكل خاص في دعم تطوير التمويل الأخضر، وتشجيع السلطات المحلية لوضع آليات الضمان الأخضر المتخصصة وصناديق التنمية الخضراء، من أجل حشد رأسمال اجتماعي أكبر للإستثمار الأخضر.
كما تتطلب هذه المبادئ مزيدا من التوسع في التعاون الدولي في مجال التمويل الأخضر، ومواصلة تعزيز الإجماع العالمي عليه في إطار مجموعة الـ 20، والانفتاح التدريجي لسوق الأوراق الخضراء، وتعزيز مستوى “الاخضرار” للاستثمار الصيني في الخارج.
وأكد المسؤولون الصينيون أنه يتعين على الإدارات الحكومية ذات الصلة في الصين الالتزام بالمسؤوليات المسندة من قبل المبادئ التوجيهية، وتنفيذ كافة المتطلبات بشكل دقيق، كما وينبغي أيضا تعزيز تنسيق السياسات على تطوير وتحسين اللوائح المتعلقة بالتمويل الأخضر وتعزيز الدعاية لمفهوم التمويل الأخضر، بهدف تحقيق التنمية الصحية للتمويل الأخضر في الصين.
استراتيجية وطنية
وجاء في بيان لبنك الشعب الصيني: “إن المبادئ التوجيهية تؤكد على أن الهدف الأساسي من إنشاء نظام مالي أخضر هو حشد وتحفيز المزيد من رأس المال الاجتماعي (أو الخاص) للاستثمار في القطاعات الخضراء، في الوقت نفسه الحد من الاستثمارات في القطاعات الملوثة”، وقال تشو شياو تشوان Zhou Xiaochuan، محافظ بنك الشعب الصيني: “إن إقامة نظام التمويل الأخضر في الصين، أصبح استراتيجية وطنية”.
وقال رئيس الأمم المتحدة للبيئة، وسكرتيرمجموعة دراسة التمويل الأخضر Green Finance Study Group (GFSG)
إريك سولهايم Erik Solheim
UN Environment & Ant Financial partnering on green finance and fintech.
Working to combine finance and environment! pic.twitter.com/seoiMAnGu8— Erik Solheim (@ErikSolheim) September 5, 2016
: “إن التزام القيادة العليا في الصين بالتحول إلى النظام المالي الأخضر في البلاد، يعزز طموح الصين بإعادة تشكيل النظام المالي المحلي وتلبية الحاجات الشاملة للتنمية الخضراء على حد سواء، ونأمل أن تتشجع الدول الأخرى على أن تحذو حذوها”.
ويقدر المبلغ المطلوب لتمويل المشاريع الخضراء بـ 600 مليار دولار سنويا، مثل إصلاح البيئة وحمايتها، والطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة والنقل الأخضر، وأقل من 15 بالمئة من هذا المبلغ يأتي من مصادر عامة أو حكومية، مع تسليط الضوء على عملية دفع القيادة العليا في الصين للموافقة على المبادئ التوجيهية، لإعادة تجهيز النظام المالي في البلاد لتوفير الاستثمارات اللازمة.
مرحلة التمويل الأخضر الذهبية
ولاقى هذا القرار صدى مهما وإيجابيا بين قادة مجموعة الـ20 بعد أن نجحت الصين في تضمينه أجندة أعمال المؤتمر، وكانت الصين خلال السبعة أشهر من العام الجاري قد أصدرت سندات بقيمة 120 مليار دولار لتمويل هذا التوجه، وهو ما يقدر بـ 40 بالمئة من مجموع السندات الصادرة في العالم.
وقال الباحث في قسم العلوم الإجتماعية زينغ غانغ Zeng Gang إن “الصين تدخل مرحلة ذهبية في تطوير التمويل الأخضر”، وأضاف: “في حين تعمل الصين على بناء وتحسين آلية التمويل الأخضر الخاصة بها، فإنها تلعب دورا هاما في وضع القواعد المالية الخضراء على المستوى الدولي، وفي ذات الوقت تمنح “الحكمة الصينية” لنمو عالمي منخفض بالكربون”.
وأصدرت “مجموعة دراسة التمويل الأخضر” GFSG تقريرا باللغة الإنجليزية والصينية،
وملخصا للتقرير بلغات عديدة منها باللغة العربية.