تتقلص مساحات الغابات والأراضي العذراء على نحو غير مسبوق، ينذر بعواقب كبيرة على صعيد “الحياة البرية” Wildlife، وفقدان التنوع واختفاء نظم إيكولوجية وانقراض الكائنات الحية، وتدمير الموائل الطبيعية بشكل يفوق التصور، لصالح القطاع الزراعي، ما يطرح أيضا إشكالية أخلاقية حيال دور الإنسان في تدمير ليس بيئته فحسب، وإنما سائر الأنواع التي تعيش معنا ونتقاسم معها الحياة على هذا الكوكب.

ويأتي تجريف الغابات والمناطق الطبيعية نتيجة الاستغلال المفرط لموارد الأرض، حتى أن بعض الدول أحرقت عمدا مساحات شاسعة من الغابات لاستغلالها في الزراعة، وما يثير المخاوف أن ما هو قائم حاليا نجده يتعاظم يوما بعد يوم، وبوتيرة سريعة، وإذ يكفي أن نذكر أن كوكب الأرض فقد حتى الآن حوالي عشرة بالمئة من مناطق البرية خلال العشرين سنة الماضية نتيجة التدخل البشري.

 

أثر الأنشطة البشرية

 

وصدرت نتائج دراسة علمية حديثة نشرت يوم الخميس 8 أيلول (سبتمبر) في دورية “كارنت بايولوجي” Current Biology، أكد خلالها باحثون في مجال العلوم البيولوجية والطبيعية أن أميركا الجنوبية فقدت 30 بالمئة من مناطقها البرية خلال عشرين سنة، فيما فقدت القارة الأفريقيا 14 بالمئة”، وخلصت الدراسة إلى أن هاتين القارتين هما الأكثر تضررا، وعزوا السبب الرئيسي لفقدان واندثار المساحات البرية إلى تدميرها لصالح الزراعة أو الاستفادة من الأخشاب أو استخراج المعادن.

وتعتبر هذه الدراسة الأحدث لجهة توثيقها أثر الأنشطة البشرية على مستوى العالم، بما يؤثر على مناخ الكوكب ومساحاته، فضلا عن موارده الطبيعية، إضافة إلى المحيطات والحياة البرية.

والجدير بالاهتمام أن الباحثين حددوا خرائط لمناطق البرية في العالم باستبعاد القارة القطبية الجنوبية، وقارنوا بين خرائطهم وخارطة وضعت عام 1993 باستخدام نفس الأساليب، وتوصلوا إلى أن 30.1 مليون كيلومترا مربعا على مستوى العالم لا تزال مساحات برية، بمعنى أنها مناطق لم يترك الإنسان فيها أثرا ملحوظا على تركيبتها البيولوجية والبيئية. وقال العلماء إنه منذ العام 1993 فقدت الأرض أكثر من 3.3 مليون كيلومتر مربع من المساحات البرية.

 

الوقت ينفد

 

وقال جيمس واتسون James Watson من “جامعة كوينزلاند” University of Queensland في أستراليا والعضو في “جمعية الحفاظ على الحياة البرية” the Wildlife Conservation Society في نيويورك “هذا أمر محزن يصعب وصفه لأنه ما من سبيل لاستعادة هذه الأماكن، فإن هي ذهبت… فقد ذهبت”، ورأى أن “لهذا أثر صادم على التنوع البيولوجي وعلى تغير المناخ وعلى الجوانب البيولوجية الأكثر عرضة للخطر على الكوكب”.

وأضاف واتسون الذي قاد فريق البحث إن “حوالي ربع أراضي الكوكب ما زال يندرج تحت بند البرية، وبخاصة في وسط أفريقيا ومنطقة الأمازون وشمال أستراليا وفي الولايات المتحدة وكندا وروسيا. وكانت الخسائر الاكبر خلال العشرين سنة الماضية في منطقة الأمازون ووسط أفريقيا”.

واعتبر واتسون “الوقت ينفد من أمامنا وتنفد المساحات. وإن تساءل المجتمع (ما الذي تحتاجه الطبيعة؟) ستصبح هذه الأماكن في صدارة العمل البيئي العالمي”.

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This