لا تحتاج الأفكار الخلاقة إلى معادلات معقدة، فهي غالبا ما تتسم بالبساطة والعفوية، ولعل المثل الفرنسي الشهير “البساطة تصنع الجمال” la simplicité fait la beauté هو خير معبر عن الجمال بصيغته التلقائية بعيدا من المغالاة في التعبير، ويصح هذا الأمر في تحويل النفايات أو بعض مخلفاتها إلى تحف فنية، اعتمادا على الفكرة غير المعقدة والحاملة في الآن عينه بصمات مبتكرة ومميزة.
لا يعتبر هذا الاتجاه جديدا في العالم، وثمة فنانون اعتمدوا المخلفات في مجال الأعمال التشكيلية منذ زمن بعيد، وصنعوا منها أدوات التعبير الخاصة بهم، قبل أن يتحول الناس العاديون إلى توظيف المخلفات في صنع تحف وأعمال فنية، وثمة من حلّقوا في هذا المجال، وحققوا شهرة عالمية، ولا سيما منهم النيجيرية آتشينيو إيداتشابا Achenyo Idachaba التي استطاعت أن تؤسس لمفهوم جديد في هذا النوع من الفن، يتمثل باستخدام نباتات ضارة وقاتلة مستهلكة للمياه في مشروع قائم على صنع حرف يدوية.
مؤسِّسَة MitiMeth
قد تبدو الفكرة غريبة بعض الشيء، لكن بعدما حققت من نجاح، تمكنت إيداتشابا من تأسيس شركة MitiMeth في مدينة إيبادان Ibadan الواقعة في الجزء الجنوبي بنيجيريا، وقامت من خلال هذه المؤسسة بإطلاق مشروع قائم على صنع حرف يدوية صديقة للبيئة، من استخدام نباتات مستهلكة للماء.
وبحسب إيداتشابا “نحن نسلط الضوء على مشكلة بيئية، ونحوّلها إلى موقف يمكن لجميع الأطراف الاستفادة منه”.
أما النبتة التي تستخدمها فهي معروفة بتكاثرها في المياه العذبة، وهي تتسبب بسد مجاري المياه، فضلا عن امتصاصها للمواد المغذية المتواجدة بالمياه، وهذا ما يؤدي إلى التقليل من أعداد الأسماك، وتمكنت إيداتشابا من تقليل أثر هذه النبتة، وتحويلها إلى تحف يدوية ملونة.
سلع جميلة ومثيرة للاهتمام
قامت الفنانة النيجيرية بتأسيس شركتها في العام 2011، بعدما استشارت مختصين بالبيئة عن الطرق الأفضل للاستفادة من النفايات البيئية.
وتقول أتشينو إيداتشابا لـ CNN في لقاء مصور “بدأنا بالواقع بأخذ هذه النبتة وتجربة أساليب مختلفة للحصول على منتجات متعددة، واستنتجنا بأنه يمكننا الحصول على سلع جميلة ومثيرة للاهتمام، وتمكّنا بذلك من تقديمها كدليل للمجتمع المحلي بأنه يمكنهم تحويل مشكلة بيئية واجهتنا لعقود إلى منتجات يمكنهم استخدامها في حياتهم اليومية”.
تعرض إيداتشابا سلع شركتها للبيع عبر شبكة الإنترنت لجمهور غالبيته من النيجيريين وبعض الزبائن من دول أفريقية، كما تبيعها في عاصمة البلاد لاغوس من خلال محلات بيع بالتجزئة (المفرق)، وهي ترغب بالتوسّع أكثر، لكن مثل “هذا الأمر لا يخلو من التحديات”، بحسب رأيها.
من مشكلة بيئية إلى سلع
وتقول إيداتشابا أنها تحتاجُ دوماً إلى “فنانين محترفين يمكنهم الاستفادة من الخدمات التي يمكننا توفيرها”، كما نضمن وظائف بدوام كامل”، وتضيف: “مثلاً نستخدم بعض المواد مثل الحديد لصنع الإطارات، ونواجه صعوبة في إيجاد حدادين يمكنهم العمل معنا دائماً، كما نحتاج للطاقة الكهربائية التي تعتبر غير مضمونة أبداً”، ولديها الكثير من الخطط والمشاريع للمستقبل.
وتحلم إيداتشابا بأن تصبح شركتها MitiMeth الأولى في مجال صناعة الحرف اليدوية المميزة في العالم، وتقول: “أتمنى أن نروي قصتنا بتحويلنا مشكلة بيئية إلى سلع تساعدنا حتى نصبح من أكبر المصدّرين لمنتجات لا تعتمد على البترول خارج نيجيريا”.