تمثل التجربة البيئية في سلطنة عُمان نموذجا قابلا للتعميم في الدول التي تعاني ملفات شائكة وأزمات متلاحقة، وعدم القدرة على حماية الأنواع المهددة بالانقراض وموائلها، ولا سيما في البيئة البحرية، فقد أكدت السلطنة ان التعاون بين الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع الأهلي هو السبيل الأمثل لرسم وتنفيذ سياسات وبرمجة وإعداد خطط ومشاريع، ساهمت وتساهم في حماية البيئة والتنوع البيولوجي.
وفي جديد الانجازات، تمكنت وزارة البيئة والشؤون المناخيّة في السلطنة، وبالتعاون مع “جمعية البيئة العُمانية” Environment Society of Oman في تثبيت أجهزة تتبّع عبر الأقمار الصناعية على سبع إناث بالغة من “سلاحف الريماني” في جزيرة مصيرة في أيار (مايو) الماضي 2016، وقد تمّ تنفيذ المشروع بتعاونٍ مشترك بين جهات محليّة ودولية مختلفة، ومنها: الإدارة الأميركية الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي National Oceanic and Atmospheric Administration (NOAA)، والمؤسسة الأميركية للأسماك والحياة البرّية United States Fish and Wildlife Service، وشبكة المحيط الحيوي للمحيطات Biosphere Network ocean للأبحاث والحفاظ على الحياة البحرية، وشركة المحيطات الخمسة للخدمات البيئية Five Oceans Environmental Services.

كائنات بحرية مميزة

وتأتي هذه الخطوة ضمن مبادرةٍ حثيثة لدراسة ظروف التعشيش والموائل الطبيعيّة لـ “سلاحف الريماني” التي تستوطن شمال غرب المحيط الهندي، والمصنفة ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض، حيث ستعمل هذه الأجهزة على معرفة حركة السلاحف وسلوكها ومواطن تعشيشها.
وتعدّ جزيرة مصيرة الغنيّة بتنوعها الإحيائي أحد أكبر موقعين لتعشيش “سلاحف الريماني” في العالم، وأشارت الدراسات السابقة في مطلع السبعينات من القرن الماضي إلى وجود قرابة 30,000 من الإناث البالغة المعششة، ولكن الأبحاث الحالية تشير إلى تناقص أعدادها بشكل كبير. ويركز المشروع على محاولة فهم البيئتين الزمانيّة والمكانيّة لهذه السلاحف من خلال مراقبة تحركاتها عن كثب.
وأكد علي بن عامر الكيومي مستشار وزير البيئة لصون الطبيعة المناخيّة أنّ سلاحف الريماني كائنات بحرية مميزة جداً، وتنتشر ضمن مساحةٍ كبيرة تشمل كلّاً من المحيط الأطلسيّ والمحيط الهادئ والمحيط الهنديّ. وهي من أكبر السلاحف ذات الصدفة الصلبة، ويبلغ معدّل وزنها 135 كلغ ويصل طول صدفتها إلى مترٍ واحد، وقد شهدت تلك السلاحف تناقصاً في أعدادها على مدى السنين الماضية، وخصوصاً في شمال المحيط الهندي، حيث وضعت في عام 2015 على قائمة الأنواع المهددة بالانقراض من جانب “الاتحاد الدوليّ للحفاظ على الطبيعة” IUCN، ومن خلال هذا التعاون فإننا نهدف إلى الحدّ من تأثير المخاطر البيئية على تلك السلاحف والقيام بدور السلطنة في الجهود العالميّة لحماية الطبيعة”.

الحفاظ على توازن المناخ

وأشارت السيدة تانيا بنت شبيب آل سعيد، رئيسة جمعية البيئة العُمانية إلى انه “على الرغم من أن سلاحف الريماني قد شكلت جزءا لا يتجزأ من نظامنا الحيوي على مدى آلاف السنين، إلا أنها تواجه اليوم خطراً محدقاً نتيجة أساليب الصيد غير المستدامة، وتلوّث البيئات البحرية، والتغير المناخي، وأنشطة التنمية على شواطئ التعشيش. ومن هذا المنطلق، فإن الحفاظ على هذه المخلوقات الجميلة يعدّ أمراً بالغ الأهمية، حيث ستمكننا البيانات الناتجة مع شركائنا في المشروع من وضع خططٍ أفضل لحمايتها على جزيرة مصيرة”.
ومن جانبه، علّق السفير الأميركي المعتمد لدى السلطنة، مارك جي سيفرز، قائلاً: “إنّنا فخورون بتعاوننا مع الجهات الحكومية المختصة والمؤسسات الأهلية في السلطنة للحفاظ على سلاحف الريماني، فهي ليست جزءا من التراث الطبيعي العماني فحسب، ولكنها أيضاً أحد المفردات الأساسية للنظام البيئي العالمي”.
وقال: “تساهم المحيطات في جعل عالمنا قابلاً للحياة من خلال إنتاج الأوكسجين الذي نتنفسّه، فضلاً عن دورها في الحفاظ على توازن المناخ. وبالتالي، فإنّ مصيرنا معلّق بهذه المحيطات، لذا فإنّ معرفة المزيد عن سلاحف الريماني سيساعدنا على فهم الأنظمة الحيوية البحريّة بشكلٍ أعمق. ولا شكّ بأنّ حماية هذا المورد المهم يشكّل تحدّياً دولياً ويتطلّب تحقيقه تضافر جهودنا جميعاً. ومن هنا، فإنّنا سعداء لمشاركتنا في هذا المشروع المحورّي في عُمان”.
تجدر الاشارة إلى أنّ هذه الأجهزة ستتيح للباحثين وعامة الناس إمكانية متابعة تحرّكات السلاحف السبع.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This