لم يتوانَ المواطن (م. د.) عن قتل ضبع بين مزرعة مشرف والبياض في قضاء صور، لا بل عمم صور فعلته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا بل أن بعض المواقع الالكترونية ووسائل الإعلام، نشر الخبر والصور بشكل لم يراعِ القيم والمعايير الإنسانية، خصوصا وأن الضباع كسائر الحيوانات اللاحمة محمية بموجب القوانين، لا بل أبعد من ذلك، فقد جاء في الخبر أن (م. د.) “رصد الضبع بعد تهجمه عدة مرات على قطيع من الماعز والدواجن وافتراسه للعديد منها”، علما أن الضبع اللبناني المخطط، وخلافا للضبع المرقط، يتغذى بشكل رئيسي على الحيوانات النافقة، ولا يهاجم الإنسان وإن كان في حالة جوع شديد، إلا في حالة الدفاع عن النفس.

والمشكلة أن الجهات المفترض أنها معنية بحماية الحياة البرية، تبدو في غالب الأحيان غير معنية بحالة التسيب القائمة الآن، مع ما يرتكب يوميا من مجازر بحق الطيور المقيمة والمهاجرة، فضلا عن الاعتداء على الكائنات البرية وقتلها أو الاتجار بها.

التعديات على الحياة البرية

 

وفي هذا السياق، وضمن جهودها في الحفاظ على الحياة البرية واكبت جمعية “الجنوبيون الخضر” مقتل الضبع والتقى ممثلوها أمس المدعي العام البيئي في صيدا القاضي رهيف رمضان، وبحثوا معه ما تتعرض له الحياة البرية من انتهاكات، وتم الاتفاق على وضع آلية عمل سريعة وعملية لملاحقة ومتابعة التعديات على الحياة البرية.

وبحسب ما أشارت المنسقة في لجنة الحياة البرية والمحميات في “الجنوبيون الخضر” فاتن مروة لـ greenarea.info “وجهنا للمدعي العام إخبارا خطيا بآخر التعديات، وأمر باتخاذ اجراءات اللازمة والملاحقة القانونية بناء على الاخبارات الخطية التي تسلمها”، وأضافت: “أثرنا موضوع محال بيع الحيوانات والطيور وملاحقة التعديات للمرحلة القادمة والتحقق ومراقبة الشروط الصحية والانسانية والاخلاقية والبيئية لهذه الحيوانات، ومنع بيع الحيوانات البرية والطيور الجارحة والبوم وملاحقة من يثبت تورطه بالاتجار بالحيوانات البرية”.

ودعا بيان باسم “الجنوبيون الخضر” وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي “لتكون جزءا من جهود تعميم الوعي في مواجهة الخرافة التي يتخذها البعض مبررا لقتل الحيوانات والطيور”، لافتا إلى “حملات التوعية  المنتظمة التي تنظمها الجمعية للتعريف بالحياة البرية وحيواناتها واهميتها، وبالأخص تلك المهددة سواء على اليابسة او في البحر مثل الضباع المخططة والثعالب الحمراء وبنات آوى والسلاحف البحرية والغرير والنيص وغيرها وكذلك الطيور المهاجرة، والمقيمة مثل البوم والهدهد ووطواط الفاكهة…”.

يونس: الضباع والانقراض الوظيفي

وأشار رئيس “الجنوبيون الخضر” لـ greenarea.info الدكتور هشام يونس إلى أن “الحيوانات اللاحمة تلعب دوراً أساسياً في المنظومات البيئية، وتحافظ على توازنها واستدامتها، ومن دونها تختل هذه النظم وتتردى”. وقال: “خلال العقود الاخيرة فقدت البرية اللبنانية الكثير من حيويتها نتيجة لتراجع وانقراض عدد من الفصائل، فيما تراجعت اعداد أصناف أخرى بشكل كبير وفي مقدمتها الحيوانات اللاحمة، بحيث دخل بعضها في مرحلة الانقراض الوظيفي، اي ان اعدادها بات ضئيلة بحيث غاب دورها الحيوي، وهذا ما يفسر تردي مناطق عديدة او سيطرة فصائل على حساب اخرى”.

ورأى يونس أن “لهذا التردي أسباب عديدة من بينها التمدد العمراني العشوائي نتيجة غياب المخططات التوجيهية الرشيدة والذي أدى إلى تدمير الموائل، والتعديات على المساحات البرية والغابات، وتواصل عمليات القتل العبثي للحيوانات اللاحمة، وبالأخص منها الضباع المخططة والثعالب الحمراء والتي أدت أزمة النفايات وانتشار المكبات وانحسار الموائل، الى احتكاكها بالمناطق الحضرية اكثر طلباً للطعام، وباتت بالتالي اكثر عرضة للقتل. فضلا عن انها كانت دائما مستهدفة من دون اي مبرر يذكر”.

وقال: “الضباع المخططة على وجه الخصوص شديدة الحذر، فعلى سبيل المثال لا الحصر، الثعالب الحمراء اكثر قدرة على التأقلم مع النشاط الحضري، وهذا يفسر اندراج فئة منها نتيجة لذلك ضمن ما يسمى الثعالب الحضرية التي تعتمد بشكل رئيسي على مخلفات المنازل، بحيث أصبحت جزءا من البرية الحضرية وباتت تتواجد في العديد من احياء لندن على سبيل المثال، الامر لا ينطبق على الضباع الحذرة جداً وغير المتأقلمة”.

الضباح تحد من انتشار الأوبئة

وأضاف يونس: “الحقيقة ان دور الضباع الحيوي لا يقتصر على نشاطها في المنظومة البيئية كحيوان لاحم وبالتالي وباعتمادها من ضمن نظامه الغذائي على أصناف اخرى، ناظم للتوازن البيئي، بل ايضا، وبكونها تعتاش على الجيف فهي تجول الى مدى يتجاوز ١٠٠ كلم بحثا عن الطعام، وفي سعيها هذا لا تنظف البرية وحسب، بل تحد من انتشار الأوبئة، خصوصا وان الضبع بفكيه القادرين على سحق العظام لا يخلف في الجيف شيئاً، حتى العظام والقرون والحوافر والفرو، ولا تكتفي بسحقها بل تتابع عملية الهضم بعصارة معوية قوية وتخلفها برازاً غنياً بالكالسيوم”.

وتعد الضباع المخططة وبنات آوى والثعالب، بعض أهم فصائل الحيوانات اللاحمة المتبقية في البرية اللبنانية مع انحسار أعداد وتواجد الذئاب.

وقال يونس: “نؤمن ونعمل وفق مبدأ حفظ واستعادة البرية على البدء بحفظ عناصر بنية المنظومة الحيوية والتي تشكل اللواحم حجر عقدها، وبالتالي حفظ هذه الأصناف مما يتيح للمنظومة باستعادة حيويتها وتعافيها، ولا بد في هذا المسعى من اعادة إعطاء هذه الفصائل مساحتها الآمنة من خلال المحميات، لتعيد ترتيب مساكنها، وحيث تسعى وراء طرائدها من دون مخاطر التعرض للقتل والتعدي من دون أي مبرر”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This