يستضيف المغرب ما بين 7 و 18 تشرين الثاني (نوفمبر) القادم القمة الـ 22 للمناخ في مدينة مراكش وسط البلاد، ويساهم توازيا في المجهود الدولي من أجل حماية المناخ، عبر العديد من المشاريع والمبادرات الخضراء، وتعتبر النسخة المغربية من قمة المناخ، فرصة لإيصال صوت الدول الأفريقية المتأثرة بشكل كبير بالتغيرات المناخية، ما ساهم في تنامي موجات الهجرة والنزاع في كافة أنحاء القارة.

 

المساجد الخضراء

 

قبل أسابيع قليلة من انعقاد قمة المناخ الـ COP22 في مراكش، أطلق المغرب مشروعا طموحا باسم “المساجد الخضراء” في مبادرة للوفاء بالتزامات اتخذتها المملكة في مجال الطاقات المتجددة وحماية البيئة، وإلى جانب هذه المبادرة التي سيتم عرضها خلال القمة، تستضيف المملكة المغربية عددا من التظاهرات الرسمية وغير الرسمية لتعزيز انخراط المغرب في الالتزامات الدولية في مجال المناخ والبيئة.

وأعلنت في هذا المجال وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في منتصف آب (أغسطس) الماضي، عن طرح مناقصة لإعادة تأهيل 64 مسجدا في ست مدن مغربية بهدف خفض استهلاكها من الطاقة.

 

خطوات سابقة

 

في بلد تثقل فاتورة الطاقة ميزانه التجاري، تشير التوقعات الرسمية لوزارة الطاقة والمعادن المغربية الى ارتفاع استهلاك الطاقة الوطني بأربعة أضعاف بحلول سنة 2030، بسبب تنامي الأنشطة الاقتصادية وازدياد عدد السكان في بلد غير منتج للطاقة الأحفورية، لذا فضمن استراتيجية وطنية لخفض استهلاك المؤسسات العامة بنحو 30 بالمئة، وبعد أكثر من عامين من التخطيط، أعلنت وزارة الطاقة المغربيةMorocco’s Ministry of Energy   ووزارة الشؤون الدينية Ministry of Religious Affairs برنامج كفاءة استخدام الطاقة في المساجد المعروف أيضا باسم برنامج “المساجد الخضراء”، وصممته الوكالة الألمانية الدولية للتعاون من أجل التنميةDeutsche Gesellschaft für Internationale   Zusammenarbeit GmbH، المعروفة اختصارا بـ(GIZ) ، بالنيابة عن الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ)، بالشراكة مع الوكالة الوطنية للطاقات المتجددة وكفاءة الطاقةthe national agency for renewable energies and energy efficiency  و”الشركة الوطنية للإستثمار الطاقوي، وقعت وزارتا الأوقاف والطاقة المغربيتين في أوائل نيسان (أبريل) 2014 اتفاقية لخفض استهلاك الطاقة في المساجد، عن طريق التحول إلى الإضاءة الموفرة للطاقةLED ، تسخين المياه بالطاقة الشمسية، والطاقة الشمسية على سطوح المساجد، والخلايا الكهروضوئية لتوفير الكهرباء، ومن المتوقع تحقيق وفورات كبيرة في وزارة الشؤون الدينية المغربية، الجهة المسؤولة عن دفع فواتير الطاقة في المساجد قد تصل الى 40 بالمئة.

ويشكل المسلمون في المغرب 99 بالمئة من عدد السكان، يرتادون 15 ألف مسجد تعتبر منصات فعالة جدا لرفع مستوى الوعي للطاقة المتجددة، وفي المرحلة الأولى، ووفقا لتقارير الوكالة الألمانية الدولية للتعاون من أجل التنمية، سيتم تجهيز 600 مسجد على الأقل في كافة أنحاء المغرب وتزويدها بحلول حول كفاءة الطاقة، فضلا عن تقديم دعم خبراء الـGIZ ، والمساعدة في كافة مراحل تصميم وتنفيذ أنشطة المشروع الذي سينطلق ليتم تعميمه في كافة المساجد في المغرب.

 

نموذج مبتكر للتمويل

 

وبحسب الدراسة التي أنجزتها “الشركة الوطنية للإستثمار الطاقوي”، فإن معدل الاستهلاك اليومي لكل مسجد في المغرب يبلغ 90 كليواط، كما أظهرت الدراسات الأولى أن هناك امكانية لخفض هذا الاستهلاك بنحو 60 بالمئة، وبينت دراسة تجريبية أولى خفض الاستهلاك الطاقوي لـ”مسجد السنة” التاريخي الموجود في قلب العاصمة الرباط، والذي تم بناؤه سنة 1785، أنه يمكن خفض الاستهلاك بنسبة تصل إلى 68 بالمئة.

ولبلوغ هذا الهدف، سيتم تجهيز المساجد من الداخل بإضاءة جديدة عبر استبدال المصابيح القديمة الأكثر استهلاكا للطاقة بمصابيح جديدة أقل استهلاكا من نوع LED، كما سيتم تجهيز الأسطح بألواح شمسية لإنتاج الطاقة اللازمة، خصوصا وأن المغرب يتمتع بأشعة الشمس في معظم أيام السنة.

وأكدت “الشركة الوطنية للاستثمار الطاقوي” أن تركيب الألواح الشمسية لن يؤثر على جمالية الهندسة المعمارية للمساجد التاريخية، وسيوفر مزيدا من وسائل الراحة للمصلين عبر “الحصول على الماء الساخن للوضوء طيلة الوقت، فضلا عن تكييف قاعات الصلاة”، كما أن هذه المبادرة ستؤثر اجتماعيا إذ ستسمح “بتوفير وظائف لخمسة آلاف من الفنيين عبر المقاولات الصغيرة Très petite entreprise والمعروفة اختصارا TPE “واسترجاع الاستثمارات في هذا المشروع سيتم على أساس التوفير في الفاتورة الطاقوية للمساجد”.

وتتمتع الدار البيضاء بأحد أكبر مساجد العالم، وهو مسجد الملك الحسن الثاني الذي صممه المهندس المعماري الفرنسي Michel Pinseau ويتسع لمئة ألف مصلٍّ، واستغرق بناؤه 32 عاما واستقبل زواره من المصلين والسياح في العام 1993.

واعتبر عضو الوكالة الألمانية الدولية للتعاون من أجل التنمية جون كريستوف كونزت، أن هذا المشروع  هو من نوع “رابح – رابح”، فهو “100بالمئة مغربي”، و”مبتكر بشكل يخص المغرب، فهذا المشروع يقوم على فكرة تسديد مستحقات الشركات المغربية المشاركة في تجهيز هذه المساجد، عبر الاقتصاد الذي سيتم تحقيقه في الفاتورة الطاقوية للمساجد”، وهي طريقة “سبق أن أثبتت نجاحها في العديد من البلدان، خصوصا الأوروبية منها”.

 

استراتيجية المغرب

 

يتابع الملك محمد السادس شخصيا مبادرة تم إطلاقها في 2009 بهدف خفض المغرب استهلاكه من الطاقة الأحفورية إلى النصف، وتعويضها بالطاقات المتجددة، مؤكدا أن قمة المناخ الـ 22 ستعكس التزام المغرب “للعمل على تنفيذ اتفاق باريس ومواصلة دعم البلدان النامية والمتضررة من آثار تغير المناخ”.

وتهدف استراتيجية المغرب في مجال خفض الطاقة إلى الحصول 52 بالمئة من الاستهلاك الإجمالي للمغرب من الطاقة المتجددة (20 بالمئة من الطاقة الشمسية و20 بالمئة من طاقة الرياح و12 بالمئة من الطاقة المائية)، ومن أهم هذه المشاريع في مجال الطاقة المتجددة “مشروع نور” للطاقة الشمسية، وهو الأكبر في العالم، ويقع في مدينة ورزازات في جنوب البلاد.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This