تتجه نسب الأمراض الوراثية إلى ارقام لا يستهان بها وقد وصلت نسبتها في لبنان إلى ما بين 10 و12 بالمئة من السكان، أي ما بين 300 و400 ألف شخص مصاب بأمراض جينية بمختلف أنواعها،هذا مالفت إليه الاطباء من ذوي الاختصاص في الامراض الجينية لـ greenarea.info بعدما ثبت لديهم وفقا للدراسات العلمية الصادرة من الجامعة الاميركية، انها باتت تشكل عبئا ثقيلا سواء في تكاليف العلاج التي تصل الى ما يقارب الـ 300 ألف دولار سنوياً للشخص الواحد، ولا بد من التساؤل عن أسباب هذه الأمراض وطرق تفاديها.
زواج القربى والا ..
تعرف الأمراض الوراثيّة بأنّها الأمراض التي تنتقل عبر الجينات، وتورث في بعض الأحيان من جيل إلى جيل مثل: مرض السكري والسرطان، وأيضاً الأمراض العصبيّة والنفسية، ولا يشترط إذا كان الآباء مصابين بمرضٍ معين أن يصاب به الأبناء، ولكن احتمال إصابتهم تزداد في حال إصابة الأهل والأقارب بها. كما ان الأمراض الوراثيّة تولد مع الجنين ويقدّر له أن يعيش كل حياته ويموت معانيا منها، وقد لا يكون الآباء مصابين بهذه الأمراض ولكن هناك تاريخٌ مرضيّ في العائلة يجعل من احتمالية الإصابة أكبر، وتزداد الاحتمالية إذا كان أحد من الأهل مصاباً.
وقالت الاخصائية في الأمراض الوراثية للاطفال ومديرة برنامج علم الوراثة العصبية و”عيادة الأطفال المميزين” في الجامعة الأميركية الدكتورة روز ماري البستاني لـ greenarea.info ” لا يجوز بعد اليوم ان نسكت عن الأمراض الوراثية لانها باتت تهدد المجتمع اللبناني نظرا لارتفاع كلفتها وتزايدها المضطرد في الوقت نفسه” وأضافت :” إن نسبة الأمراض الوراثية في لبنان وصلت بين 10و12 بالمئة من عدد السكان، والأخطر من ذلك أن زيادة الإصابة بأنواع مختلفة من هذه الأمراض تنتج عن نسبة زواج القربى المرتفعة، وإنطلاقاً من هذا الواقع، لابد من دق ناقوس الخطر لانه على الرغم من حملات التوعية فما زال زواج القربى في لبنان الى تزايد، مقارنة عن الحال في اميركا حيث يمنع منعا باتا،كما وانني مازلت أشخص الكثير من الحالات الوراثية عند الاطفال في العيادة، كل ذلك دفعني الى الحث للمزيد من التوعية عن هذه الامراض التي تتكاثر بسرعة، حيث نجد ما نسبته 25 بالمئة من الجينات الوراثية المعطلة عند الام والاب معا، تنتقل من جيل لاخر، كل ذلك بسبب زواج القربى، وقد وصلت نسب هذا النوع من الزواجبن 25 الى 30 بالمئة في لبنان، الأمر الذي قد يساهم برفع نسب الإصابة بالأمراض الوراثية التي تزيد عن60 نوعاً، لذا لا بد من ايجاد شتى أنواع من الحلول منها الحد من زواج الاقارب، والتوجه الى أقرب مراكز للتوعية الصحية لإجراء فحص للحمل في بداياته، بالإضافة إلى فحص الجينات اثناء التخصيب الاصطناعي اي عندما يتم تلقيح البويضة بالحيوان المنوي في المختبر الطبي لان كلما كان التشخيص المبكر للامراض الوراثية كلما كان العلاج مضمونا”.
وتابعت بستاني:”يعتبر زرع الإنزيمات أحد أهم الوسائل العلاجية إلا أن هذا العلاج تعترضه عوائق أبرزها التأخر في إجراء التشخيص ومقاومة الجسم للعلاج، كما ان بعضاً من هذه الأمراض الوراثية تصل كلفة علاجها إلى ما يقارب إلى 300 ألف دولار سنوياً للشخص الواحد في ظل تراجع وامتناع دور شركات التأمين في تغطية هذه النفقات”.
بما أن شركات التأمين في لبنان تتنصل من تغطية علاجات هذه الأمراض تمنت الدكتورة البستاني على الحكومة اللبنانية، لا سيما وزارتي الصحة العامة والشؤون الاجتماعية الضغط على شركات التأمين والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتحمّل مسؤولياتها حيال المصابين وتغطية العلاجات، وقالت:” أن ذلك كي يتسنى للمجتمع اللبناني مواجهة هذه الأمراض وتطوير علاجات مبتكرة وفعّالة من شأنها تغيير حياة الإنسان إيجاباً”.
بالمقابل اكدت الدكتورة بستاني أنه “من المطلوب رفع مستوى الوعي حول الامراض الوراثية وكيفية اكتشافها المبكّر، والإضاءة على العلاجات المتوافرة في لبنان والعالم حولها، كما وأن عدد الأطفال المعرضين للإصابة أو المصابين بالأمراض الوراثية في لبنان تصل إلى 700 ولد سنويا فيما تعتبر مساهمة وزارة الصحة اللبنانية ووزارة الشؤون الإجتماعية متواضعة نسبة إلى الدور الذي تلعبه مثل هذه الوزارات في الولايات المتحدة وأوروبا”.
الجدير ذكره حسب ما مصدر مسؤول في وزارة الصحة لـ greenarea.info :”بأن وزارة الصحة تؤمن تغطية بعض تكاليف الامراض الجينية او الوراثية على نفقتها وفقا لنوع المرض الوراثي”.
هل السبب الاسلحة الكيميائية ؟
في هذا الاطار اهم ما ذكره الاختصاصي في طب الاطفال الدكتور أنطوان يزبك لـ greenarea.info:”لا شك أن زيادة الامراض الوراثية تعود الى زواج القربى بشكل كبير خصوصا في المناطق النائية، الا انه لا بد من التوقف عنداحتمال تزايد الأعداد بفعل تأثير الاسلحة الكيميائية التي استعملت في حرب تموز سنة 2006 كما حصلت تشوهات خلقية في اليابان اثر استعمال قنبلة هيروشيما”.
التشخيص أدق
أما الاخصائي في الامراض الوراثية الدكتور أندريه مكاربني فاعتبر بان الامرض الوراثية لم ترتفع نسبتها انما اكتشافها صار متاحا أكثر، حيث قال لـgreenarea.info:”لا اعرف لماذا التركيز في الاعلام على وجود نسب مرتفعة من الامراض الوراثية، انما الذي نعرفه بان تطور الفحوصات الطبية الجينية صار أدق، وبالتالي الكشف عن الامراض الجينية والتشخيص اسرع، مع التشديد على الابتعاد عن زواج القربى، وفي حال حصل هذا الأمر، على الشريكين التوجه الى المراكز الطبية المتخصصة في علم الوراثة لإجراء الفحوصات الطبية الضرورية، بغية الحد من ازدياد الامراض اي كان نوعها”.
عبء ثقيل على الفرد والمجتمع
تاليا، اعتبر الاخصائي في طب الاطفال الدكتور انطوان جرباقة لـ greenarea.info أنه “بالرغم من الشهادة الصحية قبل الزواج للحد من امراض الوراثية يظهرعدد كبير منها خصوصا بعد زواج القربى، فقد تطورت الدراسات العلمية للكشف عنها، انما نجد بالمقابل عبئا ثقيلا على الشريكين في تحمل تداعيات تلك الامراض التي يورثونها لابنائهم، خصوصا اذا كانت امراض في الكلى والدماغ والقلب، حيث ان الكلفة المادية باهظة فضلا عن الأزمات النفسية والاجتماعية التي يمرون بها، ما يجعلهم في حاجة، لدعم اكبر ممن حولهم .